فضل الله -تعالى- مخلوقاته من الحيوانات على بعض فمنها من أقسم الله -تعالى- بها وبعضها عرضها ضمن القصص القرآني، وأخرى ضُربَت للمثل في الآيات الكريمة، واحتوت قصص تلك الحيوانات على الحكمة والعبرة لمن يقرأ في كتاب الله الكريم؛ ليجد من أراد أن يتدبر عبرًا تنفعه في حياته.
وتسرد جريدة "الشروق"، خلال السطور الآتية، قصة العجل الذهبي الذي عبده بنو إسرائيل أثناء غياب نبي الله موسى -عليه السلام- عنهم، وفقا لتفسير الإمام القرطبي للقرآن الكريم.
نجى الله -تعالى- بني إسرائيل من جيش فرعون، بعدما انشق البحر أمامهم فعبروه، وأغلق البحر جانبيه على جيش فرعون؛ ليغرقهم ولتكون نهايتهم، وعبر بنو إسرائيل مع نبي الله -عليه السلام- إلى سيناء؛ استعدادا لتلقي الدين الجديد من الله -تعالى-.
مر بنو إسرائيل على قوم من أهل سيناء يعبدون الأصنام، وكانت ردة فعلهم على ذلك أن طلبوا من نبي الله موسى -عليه السلام- أن يجعل لهم في دينهم أصناما كحال هؤلاء القوم، فوبخهم سيدنا موسى -عليه السلام- على كلامهم وجحودهم بنعم الله -تعالى- عليهم، ولكن تلك الحادثة لاحظها رجل يقال له "السامري" وعرف منها ميل بني إسرائيل نحو الشرك بالله فخطط لأمر خبيث ينويه حين يرحل نبي الله موسى -عليه السلام- لموعده مع الله -تعالى- عند جبل الطور.
وغاب نبي الله موسى -عليه السلام- عن بني إسرائيل 40 يومًا، وخلال تلك الفترة جمع بنو إسرائيل كنزا من الذهب الذي اغتنموه من قوم فرعون يوم غرقهم بالبحر، وألقوا بذلك الذهب في حفرة منتظرين أمر سيدنا موسى -عليه السلام- إذ احتاروا في كون تلك الغنيمة مباحة أم محرمة، وحينها انتهز "السامري" الفرصة؛ ليصنع العجل الذهبي ويجهز لفتنة بني إسرائيل.
وكان "السامري"، قد رأى جبريل -عليه السلام- يوم إغراق جيش فرعون، وكان جبريل كلما مر بفرسه على أرض اخضرت فجمع "السامري" بقايا من أثر الفرس على التراب، وألقاها على العجل الذهبي؛ لعلمه بأن تراب فرس جبريل -عليه السلام- له معجزة إحياء الأشياء.
وحدث ما توقعه "السامري"، وتحول العجل الذهبي لعجل حقيقي من لحم ودم، وفقا لعدد من الروايات وكان يصدر خوارا مميزا، فنادى "السامري" على بني إسرائيل، وزعم أن العجل هو إلههم وآلهة نبي الله موسى -عليه السلام- كما يزعم، وصدقه بنو إسرائيل إذ كان لديهم الاستعداد لذلك النوع من العقيدة الشركية، كما تبين من قبل حين طلبوا من سيدنا موسى -عليه السلم- أن يسمح لهم بعبادة الأصنام.
وعلم سيدنا موسى -عليه السلام- من الله -تعالى- بعبادة بني إسرائيل للعجل، فعاد إليهم غضبان وحزين على حالهم وكان أخوه هارون -عليه السلام- قد حذر بني إسرائيل من الشرك بالله -تعالى- ولكنهم رفضوا كلامه وكادوا يقتلوه.
وأخذ نبي الله موسى -عليه السلام- وأحرقه ورمى رماده في البحر، وتوعد "السامري" بعقوبة الله -تعالى- في الدنيا وهي النفي، وأن لا يلمسه أحد ولا يستطيع هو لمس أحد، بجانب عقاب الآخرة فهام "السامري" على وجهه في البرية مع الوحوش والسباع بعيدا عن البشر.
ودعا نبي الله موسى -عليه السلام- الله -تعالى- أن يتوب على عبدة العجل فتاب الله -تعالى- عليهم بشرط أن يقتلوا أنفسهم، وقد حدث وقام من رفضوا عبادة العجل على من عبدوا العجل فقتلوهم امتثالا لأوامر نبي الله موسى -عليه السلام- بوحي من الله -تعالى-.
اقرا المزيد