كتاب بوابات غزة.. عن وقائع الحرب في فلسطين - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 يناير 2025 9:10 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كتاب بوابات غزة.. عن وقائع الحرب في فلسطين

منى غنيم
نشر في: الجمعة 3 يناير 2025 - 7:06 م | آخر تحديث: الجمعة 3 يناير 2025 - 7:06 م

• مؤلف الكتاب: استمرار الحرب العبثية الجارية الآن يؤدى إلى مزيد من العنف

 

 صدر حديثًا للصحفى أمير تيبون، كتاب جديد بعنوان «بوابات غزة» نقل من خلاله صورة حية للكيفية التى تغيرت بها الحياة داخل دولة إسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر الماضى من خلال نقل تجربته الشخصية بعد تعرضه للقصف هو وعائلته، كما هاجم فيه بشدة سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلى «نتنياهو» المسئولة فى المقام الأول عن استمرار الحرب ونزيف الدماء والإبادة الجماعية، والتى عصفت بأى آمال للسلام فى المنطقة، على حد تعبيره.

فى البداية، قال الكاتب إن إسرائيل دولة صغيرة، تبلغ مساحتها حوالى 8,300 ميل مربع فقط، ما يجعل الأمر مستغربًا بعض الشىء عند تذكر هذه الحقيقة الجغرافية البسيطة عندما تظهر الدولة بشكل كبير فى الأخبار الدولية، وتستخدم قوة عسكرية تفوق حجمها، وتعتبر من قبل أعدائها كقوة ذات تأثير عالمى شبه خارق.

وأفاد بأن إدراك القارئ لصغر حجم إسرائيل ضرورى لفهم إحساسها بالضعف الوجودى - ذلك الخوف العميق من المحو الذى يُشكّل جوهر الهوية والسياسة الإسرائيلية، وكونها مجتمعًا صغيرًا ساهم بشكل كبير فى زيادة الشعور بالصدمة من هجمات 7 أكتوبر التى نفذتها حماس.

وقال المؤلف، إنه قضى معظم ذلك اليوم - 7 أكتوبر - مع زوجته وابنتيه الرضيعتين محبوسين داخل جدران «غرفة آمنة» فى منزله فى مستوطنة كيبوتس بمنطقة ناحال عوز بالقرب من الحدود مع غزة، وأضاف أنهم استمعوا إلى ساعات طويلة مؤرقة إلى أصوات جيرانهم يُقتلون فى الخارج، بينما كانوا يتابعون الفظائع على هواتفهم المحمولة، ويرسلون رسائل الاستغاثة.

وقد تم إنقاذ «تيبون» فى النهاية على يد والده، الجنرال المتقاعد فى جيش الدفاع الإسرائيلى، الذى قاد سيارته من تل أبيب لإنقاذ عائلته المحاصرة، وتشكل قصة عملية الإنقاذ هذه العمود الفقرى لسردية الكتاب الذى يعد بمثابة استعراض شامل للتاريخ الإسرائيلى من خلال دراما يوم واحد وسياسة بلد صغير مشبعة بالتوتر.

ويمكن للقارئ ملاحظة أن المؤلف كان يتحدث بهدوء وروية عندما يتعلق الأمر بمحنته الشخصية، وبغضب بادى تجاه إخفاقات قادة بلاده؛ حيث تناول الكتاب قائمة من الفرص الضائعة، وسوء التقدير، والغطرسة العسكرية كما وصفها بدءًا من تأسيس إسرائيل وحتى الأحداث المشتعلة الجارية.

ولم يخشَ المؤلف عبر صفحات الكتاب من انتقاد سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلى «نتنياهو» منذ أن صعد للسلطة كأصغر رئيس وزراء فى تاريخ البلاد عام 1996 بعد أن تم اغتيال إسحاق رابين، الحائز على جائزة نوبل والذى وقع اتفاقيات سلام تاريخية فى الشرق الأوسط، وذلك على يد متطرف يهودى من اليمين المتطرف.

ورصد «تيبون» الابتعاد المنهجى للسياسة الإسرائيلية عن محاولات تسوية النزاع والسعى نحو رفعة القومية العسكرية المتطرفة والتعصب الدينى على حساب الجميع، كما أوضح كيف استغل «نتنياهو» وحاشيته هذا التحول لتعزيز طموحاته.

وانتقد المؤلف تواطؤ رئيس الوزراء الإسرائيلى فى تعزيز سيطرة حماس على غزة وإن كان بشكل غير مقصود، وقال إنه طالما اتبع سياسة «فرق تسد»؛ فوجود منطقة كاملة من الأصوليين الإسلاميين فى الجنوب يُفسد أى احتمال للوحدة وإقامة دولة عبر التحالف مع السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية. والافتراض المصاحب بأن أى تهديد إرهابى يمكن احتواؤه أو ردعه كان غاية فى التهاون.

واسترسل المؤلف فى الحديث عن التيارات العلمانية والليبرالية واليسارية فى السياسة الإسرائيلية؛ فعبّر ببلاغة عن الاحتجاجات الواسعة ضد إصلاحات «نتنياهو» القضائية السلطوية فى صيف 2023، كما تحدث عن ذلك التعقيد المتناقض للمجتمع الإسرائيلى الذى يمكن له أن يكون مترابطًا بشدة ومقسومًا بمرارة فى آنٍ واحد.

ووصف الكاتب ببراعة رحلة مستوطنته كيبوتس من مجتمع زراعى فى بدايات إسرائيل الحديثة إلى ساحة معركة دموية فى 7 أكتوبر والتى تعكس طبيعة التوجه الصهيونى فى تحويل المجتمعات الآمنة لساحة حرب؛ وقال إنه فى فترات الهدوء النسبى، عندما بدا السلام ممكنًا، كانت هناك روابط ثقافية واقتصادية تُنسج على استحياء عبر الحدود مع الفلسطينيين فى غزة، وكان سكان «ناحال عوز» أكثر استعدادًا من كثير من الإسرائيليين لرؤية الفلسطينيين كجيران وليس كأعداء، لكن أحلام السلام تلك تبخرت الآن.

وأشادت صحيفة الجارديان البريطانية بالكتاب الجديد نظرًا لما يحويه من صدق فى نقل الوقائع، بالإضافة إلى وقوفه على الحياد فى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى برغم انتمائه بحكم المنشأ لدولة إسرائيل، وقالت الصحيفة، إن «تيبون» لا يغوص بعمق فى غزة نفسها بقدر ما يحاول إيصال الشعور العام لمعظم الإسرائيليين بعد قيام الحرب.

واعترف المؤلف بالخراب والدمار الذى حلّ بالأراضى الفلسطينية متحدثًا ببالغ الأسى عن عبثية الحرب التى تُدار بشروط «نتنياهو»، والتى لا يمكن إلا أن تُسرع دورة العنف، كما تناول حجم المجازر والدمار بشكل واضح وصريح، وقد أظهر قدرة مثيرة للإعجاب على الحيادية التحليلية فى الاعتراف بالجزء من اللوم الذى يُمكن عزوه إلى سياسات بلاده المختلة بالنظر إلى ما عاناه شخصيًا من فقده للأصدقاء الذين قُتلوا واختُطفوا على يد حماس.

وبيّنت صحيفة الجارديان أن الكتاب الجديد سيخيب آمال بعض القراء؛ لأنه بالتأكيد لن يروق لليسار الراديكالى المناهض للصهيونية، حيث يُعتبر وجود إسرائيل ذاته أصل الحروب فى الشرق الأوسط ويُطمح إلى زوالها كحل للصراع، كما لن يُرضى أولئك الذين يعتقدون أن شدة الرد العسكرى الإسرائيلى على الإرهاب قد ألغت أى حق فى التعاطف مع الضحايا اليهود. ولن يرضى أيضًا اليمين المؤيد لإسرائيل، حيث تُعتبر كل أفعال الدولة تعبيرًا مشروعًا وضروريًا عن الدفاع عن النفس مهما كان الثمن فى الأرواح الفلسطينية.

وفى الختام، ذكرت الصحيفة أن الكتاب على الأغلب سيروق لشريحة معينة من الآراء التى تقف بين هذين القطبين فى النزاع ممن لا يأملون سوى فى تحقيق السلام بعيدًا عن الانحياز لطرف معين؛ فهناك جمهور يدرك صحة وجهات النظر المتضاربة؛ ولا يريد أن يختزل الأحداث المعقدة فى أحاديث سهلة عن الصواب الأخلاقى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك