• وحدة «لم الشمل» نجحت فى رأب صدع آلاف الأسر.. ونعمل بمبدأ الوقاية خير من العلاج
• إقبال كثيف من الشباب على دورات تأهيل المقبلين على الزواج.. والمبادرة جذبت المتزوجين أيضًا
• نراعى فى الفتاوى الواردة إلينا من الخارج واقع البلد وظروفه الزمانية والمكانية
• وضعنا آليات متعددة للتصدى لظاهرة كثرة حالات الطلاق التى باتت تهدد استقرار المجتمع ككل
أكد مدير مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية الدكتور أسامة الحديدى، أن وحدة «لم الشمل» التابعة للمركز، نجحت فى رأب صدع الآلاف من الأسر، مع العمل على مبدأ الوقاية وليس العلاج فقط، موضحًا أن إهمال أحد الزوجين وغياب الوعى بالحقوق والواجبات وتدخلات الأهل من الأسباب الرئيسية للطلاق، معلنًا وجود آليات متعددة للتصدى لظاهرة كثرة حالات الطلاق، التى باتت تهدد استقرار المجتمع ككل.
وأوضح الحديدى فى حواره مع «الشروق»، أهم الخطوط العريضة لخطة الوحدة المستقبلية، كما تطرق إلى منهجية المركز فى التعامل مع الفتاوى المختلفة، خصوصًا من خارج البلاد فى ضوء رؤية الأزهر الشريف.
وقال، إن هناك إقبالًا كثيفًا من الشباب على دورات إعداد المقبلين على الزواج، موضحًا أن الدورات جذبت الكثير من المتزوجين، كما تحدث عن الأسباب التى ساهمت بنجاح مركز الأزهر فى الحصول على جائزة التميز الحكومى العربى عن مشروعه الرائد «وحدة لم الشمل»، موضحًا أبرز أسباب الانهيار الأسرى التى رصدته الوحدة من خلال عملها.
وإلى نص الحوار..
< حدثنا عن رحلة فوز وحدة «لم الشمل» التابعة لمركز الأزهر العالمى بجائزة أفضل مشروع حكومى عربى من قبل اللجنة المنظمة لجائزة التميز الحكومى العربى؟
- يسعى مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية جاهًدا لتقديم أفضل ما لديه، سواء فى مجال الإفتاء أو المجال التوعوى والمجتمعى، كما يسعى للوقوف على آخر المستجدات فى علوم الإدارة، أو تطوير العمل، وفور الإعلان عن مسابقة التميّز الحكومى العربى، والتى تطلقها حكومة دولة الإمارات بالشراكة مع جامعة الدول العربية بهدف المساهمة فى التطوير الإدارى والتميز المؤسسى الحكومى على مستوى الوطن العربى، بادرنا بالتقدّم للمسابقة من خلال مشروعنا الرائد والمُلهِم فى المجال المجتمعى «وحدة لمّ الشمل»، والتى أطلقها المركز فى 2018، بعد أن عايش هموم الناس وآلامهم من خلال تلقّيه مئات الفتاوى المتعلقة بالأسرة والأحوال الشخصية.
< ما المعايير التى تم على أساسها الاختيار؟
- عند التقدم بمشروع وحدة «لمّ الشمل» لنيل جائزة التميز الحكومى العربى، قام فريق العمل بإعداد وتنظيم محتوى احترافى ومنظم ووافٍ بكل الجوانب التى تعرض فكرة وأهدافَ وجهود ونقاط قوة المبادرة، والتحديات التى تواجه عملها، مدعمًا ذلك ببيانات دقيقة وتقارير وافية، توضح أهمية المشروع، والأسباب الداعية لتأسيسه، ومؤشرات نجاحه موثقًا كل ذلك بإحصائيات من أرض الواقع، واستطاع الفريق عرض المشروع بشكل لاقى استحسان المحكمين والقائمين على الجائزة، وسط منافسة بين آلاف المبادرات على مستوى الوطن العربى، وجاء إعلان الفوز بالجائزة تقديرًا لهذا الجهد الذى بذله الفريق بإخلاص لله تعالى وتفانٍ.
ولا شك أن الاختيار تم وفق معايير النزاهة والشفافية من المحكمين والقائمين على الجائزة، ولا يسعنا هنا إلا أن نقدّم لهم الشكر والعرفان على منحنا الجائزة، التى تُعد حافزًا قويًا لكل المؤسسات الحكومية العربية لتطوير عملها.
< ما العدد التقريبى للحالات التى تتواصل مع وحدة «لمّ الشمل» شهريًا؟
- تختلف الأعداد التى تستقبلها الوحدة سواء فى مقرها الرئيسى بمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية بمشيخة الأزهر أو بمقراتها المنتشرة فى جميع المحافظات من شهر إلى آخر، ولا يوجد عدد محدد.
< من خلال متابعتكم الأسئلة.. ما أكثر الأسباب المتكررة والمؤثرة فى تفكك الأسر أو تهديد استقرارها؟
- تتنوع أسباب الخلافات الأسرية، وتختلف حسب الفئة العمرية أو الحالة الاجتماعية أو المستوى التعليمى والثقافى؛ ولكن أكثر الأسباب تتمثل فى إهمال أحد الزوجين تجاه الآخر، وعدم وضوح الرؤية فى معرفة الحقوق والواجبات، وعدم مراعاة الكفاءة عند الاختيار بين الزوجين من البداية، إضافة إلى تدخّل الأهل فى الحياة الزوجية، كل هذه الأسباب تؤثر سلبًا على استقرار الأسرة، وتؤدى فى أحيان كثيرة إلى الطلاق، إذا ما استمرت دون تدخلٍ أو توعية، وهذا ما تفعله وحدةُ لمّ الشمل عند تدخُّلها فى حلّ هذه النزاعات بحيادية تامة.
< ما أبرز التحديات التى تواجهها الوحدة فى عملها؟
- من أكبر التحديات التى تعيق عمل الوحدة، هو عدم التزام الطرفين بما تمّ الاتفاقُ عليه، أو ما طُرح من حلولٍ، وتعمل الوحدة على التغلب على ذلك بالمتابعة المستمرة لطرفى النزاع، فعمل الوحدة لا يقتصر على حل النزاعات، أو طرح الحلول وحسب؛ بل يمتد للمتابعة لمعرفة مدى التزام الأطراف بما تم الاتفاق عليه، وفى أحيان كثيرة، نطلب حضور الزوجين مرة أخرى، ونناقشهم فى أسباب عدم الالتزام، حتى تنتهى المشكلة تمامًا.
< ما أهم مبادرات المركز المتعلقة بالتوعية والحفاظ على الأسرة المصرية؟
- أنشأ المركز «وحدة لمّ الشمل» فى 2018، بعد تلقّيه مئات الاتصالات يوميًّا، والتى تتعلق بأمور الطلاق والنزاعات الأسرية، ونجحت الوحدة فى رأب صدع الآلاف من الأسر، ورأينا ضرورة العمل على الوقاية وليس العلاج فقط، فكان لزامًا أن تكون هناك آليات متعددة للتصدى لظاهرة كثرة حالات الطلاق، التى باتت تهدد استقرار المجتمع ككل، فأطلق المركز برنامجه للتوعية الأسرية والمجتمعية، الذى جاب محافظات مصرَ كلّها للتوعية بضرورة الحفاظ على كيان الأسرة، والتصدى لكثرة حالات الطلاق، فعقد آلاف اللقاءات فى الجامعات والمعاهد والمدارس ومراكز الشباب، والتجمعات النسائية، وعمل على تصحيح المفاهيم حول الأسرة، وناقش كل الأمور التى تتعلق بالأسرة.
ثم أطلق المركز برنامجه التأهيلى للمقبلين على الزواج، ونفّذ مئات الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج سواء فى مقر المركز بمشيخة الأزهر وأيضا فى المحافظات والجامعات، ولاقت هذه الدورات نجاحًا ملموسًا نظرًا للمحتوى الذى يدرسه المشاركون فى هذه الدورات، حيث أعدّ هذا المحتوى كوكبة من علماء الطب والطب النفسى وعلم النفس والاجتماع، بجانب علوم الشريعة.
ويحاضر فيها نخبة متميزة من أعضاء مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، خضعوا لدورات تدريبية فى مجال التواصل الأسرى وعلم النفس علاوة على تخصصاتهم فى فروع الشريعة الإسلامية.
< هل دورات المقبلين على الزواج ضمن عمل وحدة «لمّ الشمل»؟
- من المؤكد أن الوقاية خيرٌ من العلاج، فدورات تأهيل المقبلين على الزواج وُلدت من رحم وحدة لمّ الشمل، وهذه الدورات تسهم بلا شك فى التثقيف والتوعية الأسرية، مما يؤدى بدوره إلى تقليل حالات الطلاق، وهذا بلا شك وقاية للأسر، خاصة من الشباب لبناء أسرة مستقرة، وقد لاقت هذه الدورات نجاحًا كبيرًا، وأقبل عليها الشباب بكثافة، كما أن هناك الكثير من المتزوجين بالفعل شارك فى هذه الدورات، لما فيها من محتوى مفيد لتأهليهم لبناء أسرة مستقرة، تتغلّب على التحديات التى تواجهها.
< ما خطط الوحدة المستقبلية لتطوير عملها؟
- تسعى الوحدة لتوسيع مجال عملها من خلال خطط مدروسة، فتسعى لتكثيف عدد دورات البرنامج التأهيلى للمقبلين على الزواج، كما تسعى لعقد مزيدٍ من بروتوكولات التعاون بين الهيئات والمؤسسات المختلفة لتقديم خدمة متميزة تخدم الأسرة، وتسهم فى استقرار المجتمع، ولا شك أن الفوز بجائزة التميز العربى يعد إضافة كبيرة للوحدة، ويسهم بنقل تجربتها لكل الدول العربية.
< يتميز مركز الأزهر العالمى للفتوى بتلقيه التساؤلات من أنحاء العالم وليس محليًا فقط.. فكيف تتعاملون مع الفتاوى من الدول المختلفة؟
- يتبع المركز منهجية الالتزام بالوسطية والاعتدال فى إصدار الفتوى، وعدم التعصب الفقهى أو المذهبى والأخذ بأنسب الآراء لحال المستفتى، وعرض الأحكام الفقهية بأسلوب سهل ومبسط، وهو منهج الأزهر الشريف، بالإضافة إلى مراعاة ظروف المستفتى وطبيعة بلاده وأحواله الزمانية والمكانية، فما يناسب مستفتٍ فى مكان ما أو فى زمن معين قد لا يناسب غيره إذا ما تغير الحال وهكذا.