تمر اليوم 5 مارس، ذكرى رحيل اللواء صلاح نصر، أحد أشهر رؤساء جهاز المخابرات المصري، عن عمر يناهز 61 عاما متأثرا بأزمة قلبية.

ويُعد نصر، من المساهمين البارزين في تأسيس جهاز المخابرات المصري منتصف الخمسينات بتكليف من الرئيس جمال عبد الناصر.

واستمرت فترة وجود نصر على رأس جهاز المخابرات المصرية لعشر سنوات كاملة (1957-1967)، إلى أن حلت نكسة يونيو 1967، وعلى إثرها بدأت محاولات كشف أوجه الضعف في الأجهزة العسكرية؛ فقُدم "نصر" للمحاكمة وصدرت بحقه أحكامًا مشددة بين السجن لمدة 15 عاما في قضية، والمؤبد في أخرى.

وبعيدا عن الأزمات السياسية لنصر، فقد جمعته مواقف مع الأديب الكبير نجيب محفوظ، تحدث عنها الأخير في حواراته مع الكاتب الصحفي رجاء النقاش، والتي نُشرت في كتاب بعنوان "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" الصادر عن دار الشروق في 2011.

ومع ذكرى رحيل نصر نستعرض تلك المواقف كما سردها محفوظ:

يذكر الأديب نجيب محفوظ، أول موقف جمعه بصلاح نصر، والذي من المفارقات العجيبة أن محفوظ لم يكن يعرفه شكله في هذا الوقت.

• اللقاء الأول.. فيلم عن المخابرات ومناقشات حول أعمال أدبية

هذا اللقاء كانت بدايته من خلال فكرة الفنان فريد شوقي، الذي عرض إنتاج فيلم سينمائي حول عمل جهاز المخابرات، يكتبه محفوظ وتموله المخابرات المصرية.

وتم ترتيب لقاء لمحفوظ داخل مبنى المخابرات مع طلعت خيري نائب رئيس الجهاز، ومع حديث محفوظ عن فكرة الفيلم، قاطعه شخص يجلس بمكتب خيري، وأخبره بأنه قرأ "بين القصرين" في إجازته الصيفية، وأعجب بها كثيرا، ثم نقل الحوار حول أزمة "أولاد حارتنا" وسأله عن مغزى شخصياته، وهل بالفعل كان يقصد الإشارة للأنبياء؟

خرج محفوظ من هذا اللقاء بوعد بأنه لا يوجد لدى الجهاز ما يمنع من إنتاج الفيلم، ولكن مسألة التمويل تحتاج لمشاورات ومراجعات.

يؤكد محفوظ أن لقاءه الأول بنصر لم يكن في ترتيبه لدرجة أنه لم يكن يعرف هويته بالتحديد، ولم يعرف إلا بعد نحو شهر، عندما كان يطالع جريدة "الأهرام" وجد صورة تجمع الرئيس عبد الناصر بصلاح نصر، في أحد جولات الرئيس الأفريقية، تأكد لحظتها أن الرجل الذي كان يناقشه حول الأعمال الأدبية كان رئيس المخابرات!

• رواية الكرنك.. لقاء ثاني بين محفوظ ونصر في قاعة المحكمة!

على عكس اللقاء الأول، والذي اتسم بالودية، يتحدث محفوظ عن لقائه الثاني بصلاح نصر، والذي جاء في تلك المرة إثر أزمة كبيرة فجّرتها رواية "الكرنك"، والتي تعرضت لقضية التعذيب داخل المعتقلات، وبالتحديد حول شخصية الضابط المسؤول عن تخطيط عمليات التعذيب، والذي ظن نصر أنه المقصود بتلك الشخصية، فأقدم على رفع دعوى قضائية ضد محفوظ بتهمة التشهير.

محفوظ، أكد أنه لم يكن يتوقع تلك أن يثير نصر تلك الأزمة، لأنه وقت كتابة الرواية لم يكن يجمعه بنصر سوى لقاء واحد، وأنه استلهم فكرة الرواية من شخصية أخرى سمع عنها من بعض الطلبة، هي شخصية اللواء "حمزة البسيوني" والذي شغل منصب مدير السجن الحربي في جزء من فترة عبد الناصر.