حلمي التوني.. علامة مميزة في تاريخ الفن المصري - بوابة الشروق
الخميس 19 سبتمبر 2024 8:13 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حلمي التوني.. علامة مميزة في تاريخ الفن المصري

أسماء سعد ومي فهمي
نشر في: الجمعة 5 مايو 2023 - 7:58 م | آخر تحديث: السبت 6 مايو 2023 - 5:17 م
ــ محمد عبلة: مدرسة إبداعية متكاملة.. وأحدث نقلة كبيرة فى إبداع تصميمات أغلفة الكتب
ــ التونى دائم الابتسام.. ولوحاته مشحونة بالجمال الأنثوى وسحر الخيال وحكايا التراث الشعبى

الفنان الكبير حلمى التونى يشكل رحلة فنية ومسيرة مليئة بالتميز والإبداع والتصوير المختلف للحياة ممزوجا بروحه الخلاقة المرحة.

حلمى التونى يتعرض الآن لأزمة صحية ندعو الله أن يعود منها معافى ليعاود مسيرة رحلته الفنية المتميزة والمملوءة إبداعا وجمالا وفنا، ومن مميزات الفنان الدولى حلمى التونى أنه لا يستسلم للأزمات وإنما يقابلها بمزيد من التفانى فى الإنتاج وبتنشيط خلايا الإصرار والإبداع فيثرى حياتنا الثقافية بالمزيد من إسهاماته المتميزة خاصة فى عالم كتب الأطفال الجميل الذى حلق فى سمائه مصريا وعربيا ودوليا.

التونى فنان تشكيلى متعدد المواهب، ولد بمحافظة بنى سويف بمصر فى 30 إبريل عام 1934، وقف أمام عائلته الذين كانوا يحاولوا إجباره على دخول كلية الهندسة خوفا من فكرة «لا مستقبل للفن»، لكنه حارب من أجل حلمه والتحق بكلية الفنون الجميلة وحصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة تخصص ديكور مسرحى عام 1958 ودرس فنون الزخرفة والديكور.

عمل التونى بالصحافة أثناء دراسته بالكلية، وكانت أول رواية يقوم برسمها هى زقاق المدق لنجيب محفوظ وهى المرة الأولى التى عرف أن الفن له علاقة بالكتاب على حسب قوله فى إحدى الندوات.

حقق الفنان حلمى التونى العديد من النجاحات وتولى العديد من المناصب، وأقام العديد من المعارض سواء محلية أو دولية، عاش بالقاهرة وبيروت، كما أن العديد من الناس فى مختلف دول العالم يقتنون الكثير من لوحاته، كما أن متحف الفن المصرى الحديث بالقاهرة يقتنى أيضا العديد من لوحاته القيمة.
https://www.shorouknews.com/uploadedimages/Gallery/original/345222487_3420100028308609_3215163715283033734_n.jpg

أسلوبه ومدرسته الفنية

الفنان حلمى التونى يلجأ فى العديد من أعماله لاستخدام «التعبيرية الغنائية» وتختلط فى لوحاته الواقع بأحلام اليقظة، لا يمكن أن نضع أعماله تحت لواء مدرسة فنية بعينها فهو يمزج بين التراث ويقرأ الماضى ويضيف عليه ويقدم عبر لغة جديدة وألوان تخصه دون أن يتخلى عن أسلوبه.

استطاع التونى أن يحقق معادلة تبدو للكثيرين صعبة وهى استخدام التراث باعتباره مرجعية تاريخية تخص الماضى بقيمه ورموزه وأفكاره وتقاليده وربطه بالحاضر بمتطلباته وإيقاعه السريع.

وشكل التونى عالمه التصويرى من عناصر الفن الشعبى التى ارتبطت فى أذهاننا برموز وأفكار ذات دلالة مثل التعبير عن الخصوبة بالسمك، والوردة للحب، والسيف للعدالة، فالفنان حلمى التونى مشغول دائما بالتراث الشعبى المصرى الإسلامى والقبطى وحتى الفرعونى وتاريخ هذه الأمة على مدار سبعة آلاف عام ودائم البحث فى الحضارة المصرية القديمة ليستخرج منها كل ما هو جديد.

توسع الفنان حلمى التونى فى موضوعات لوحاته ومراحله الفنية وزاد من مجالات الإنتاج الفنى الخاص به من خلال رسوم الأطفال ورسوم أغلفة الكتب وملصقات الأطفال وفى مجال التصميم الجرافيكى والأثاث ومسرح العرائس.

كان دائما ما يعبر حلمى التونى فى بعض لوحاته عن حالة الشعب المصرى فى وقته الراهن من إحباط وانتصارات وكان دائما فى اتصال وجدانى مع الشارع مازجا كعادته الحاضر برموز الماضى.
https://www.shorouknews.com/uploadedimages/Gallery/original/345246174_792938899039032_1595277685699091089_n.jpg

المرأة والطفل فى مسيرة حلمى التونى الفنية

على عكس الكثير من الفنانين التشكيليين، كان التركيز الأساس لحلمى التونى بالمرأة والطفل فى مسيرته الحافلة، فلا تخلو أعماله من وجود المرأة، التى تمثل رفيقة مشواره الفنى والإنسانى، ويشارك المرأة فى أعمال التونى مجموعة من الرموز التى تحمل فلسفة خاصة ولها دلالات فى التراث.

ومزج التونى بين المرأة والطبيعة بأشكال مختلفة فنراه ربطها بالخيل كدلال على الجمال والرشاقة، ويحمل من الصفات ما يجعل المرأة تراه مثال الفروسية والشهامة والكرامة وعزة النفس.

كما حمل التونى على عاتقه الدعوة إلى تحرير المرأة من القيود المجتمعية من خلال لوحاته وتخطى فى لوحاته الجمال الجسدى إلى قيمة أخرى وهى الحرية وأنه لا يوجد جمال بلا حرية.

كما عبر عن قوة النساء المصرية من خلال لوحاته التى استوحاها من المرأة الفرعونية كدلالة على قوتها على مدار التاريخ.

وفى أغلب الأوقات يكون البطل الرئيسى فى تكوين لوحات التونى وهو فى الغالب امرأة رامزة تتبعها بعد ذلك الأشكال والرموز ملتفة حولها، متحاورة معها، متناثرة فى أرجاء الصورة وفق بنائها.

وبالطبع فنان متميز كحلمى التونى مشغول بمجتمعه وماضيه وحاضره لم ينسَ الأطفال من أعماله ومحاولاته لتنشئتهم على حب الفن، فكانت بدايات حلمى التونى فى مسرح العرائس وتصميم الشخصيات وتعاون كثيرا مع الفنان صلاح السقا.

وحديثا أقام حلمى التونى عددا من المعارض التى تضمنت لوحات توجّه بها إلى الأطفال خصيصا وصوّر من خلالها تفاصيل من حياتهم؛ وأكد التونى من خلال هذه المعارض على حقّ الطفل فى الاستمتاع بالفن وأهمّية احتكاكهم بالأعمال الفنية، لما لذلك من تأثير إيجابى على تكوينهم اللاحق وعلى انفتاح مخيّلاتهم وآفاقهم.

ومزج التونى فى لوحاته الموجهة للأطفال بين التكوينات البسيطة والزخرفية والأشكال الطفولية التى تُشبه الدمى بالطبع مزجها مع التراث المصرى بشكل مبسط. وحلمى التونى دائم الابتسام.. ولوحاته مشحونة بالجمال الأنثوى وسحر الخيال وحكايا التراث الشعبى.

تصميم الأغلفة والتأليف

وبجانب الرسم يعتبر التونى من أبرز الفنانين فى مجال تصميم الكتاب والمجلة فى العالم العربى.

وأشرف على إخراج الأعداد الثلاثة الأولى من مجلة شموع عام 1986، عمل فى تصميم أغلفة الكتب، والإخراج الصحفى لعدد من دور النشر حتى بلغ عدد أغلفة الكتب التى رسمها أكثر من ثلاثة آلاف كتاب غير المجلات التى رسم أغلفتها أيضا.
https://www.shorouknews.com/uploadedimages/Gallery/original/345245642_6547561208616879_3837570709950465023_n.jpg

 «علامة مميزة» فى تاريخ الفن

«مدرسة إبداعية متكاملة، إسهامات فنية متنوعة، وموهبة تحفز الوجدان» بتلك الكلمات وجه فنانون إشادة بقيمة الفنان الكبير حلمى التونى، حيث وصفه الفنان التشكيلى محمد عبلة بأنه «علامة مميزة» فى تاريخ الفن المصرى، وأنه قد أحدث نقلة كبيرة فى إبداع تصميمات أغلفة الكتب، قائلا لـ«الشروق»: إنه استطاع أن يصل إلى صيغة مزجت بين البساطة والتعبير الموجز المتقن للفن.
واستطرد: أعماله التشكيلية برهنت على أن الفن بإمكانه أن يدخل القلب ويخاطب الوجدان دون تعقيدات، مشددا على أن ما أنجزه حلمى التونى لم يكن سهلا أبدا، حيث استطاع أن يهضم الفنون الشعبية على تنوعها، ليخرج منها بتوليفة خاصة تحمل بصمته.

وواصل بالقول: الناس سوف يتذكرون على الدوام لحلمى التونى أنه استطاع أن يبدع لونه الإبداعى الخاص، حيث اختار أن تكون الفنون الخاصة به صالحة لأن تكون موجودة على الدوام فى كل التجمعات العائلية والأسرية، بحيث تكون المجموعات العائلية دائما فى حالة افتخار بأنها تملك أحد أعمال حلمى التونى التى تتناسب معهم وتكون محببة إليهم.

وأردف: تيمات المرأة والطفولة استطاع أن يخلق منها التونى أعمالا شديدة الرقى فى المعارض والبيوت، حيث استطاع أن يصل بالفن إلى قطاعات كبيرة من خلال الموضوعات البسيطة التى تناولها، وقد انحاز التونى إلى الطفولة، وخصص معارض للأطفال سعيا منه أن تكون أعماله الفنية منتمية للعائلة والأسرة المصرية، وجاءت أعماله المخصصة للأطفال بانعكاسات إبداعية على ذهنياتهم التى تتشكل على هذه النوعية من الفنون الراقية.

واختتم: سيظل حلمى التونى فى حالة حضور دائم، فهناك أجيال تربت على أعماله ولمساته الإبداعية على أغلفة الكتب، والتى ستظل حاضرة بيننا ويتم تداولها على نطاق واسع.

فيما قال الفنان التشكيلى إبراهيم البريدى، إن ثقافة وقوة مصر الناعمة تتجلى فى فنان مصر الكبير الفنان حلمى التونى، حيث يعتبر التونى من رواد الفن التشكيلى فى مصر وله تجليات كبيرة إبداعية من خلال أسلوب خاص به دون توقيع، نعرف أنها إبداع التونى.

وأضاف فى تصريحات لـ«الشروق»: هناك مسيرة كبيرة خاضها التونى من خلال معارض مختلفة وأفكار جديدة تدور حول هوية مصر المليئة باتجاهات مختلفة، وكل معرض للتونى له حالة خاصة وفكر خاص حول دور المرأة المصرية والعربية عموما.

استطرد: حرص التونى فى معارضه على الانتصار إلى حرية المرأة من خلال لوحات فى قمة الإبداع والرموز المختلفة الخاصة بالتراب الشعبى المصرية وهو دور كبير يحسب للفنان وتاريخه الحافل بالإبداع، فقد كانت له إسهامات فى رسوم كتب الأطفال وأعمال تربينا عليها جميعا.

وواصل: رسوم التونى شديدة الثراء، حيث البساطة الفطرية والفنيات العالية، فهو يعبر دائما عن الأحلام بطريقة ملونة، وفى مجال تصميم الأغلفة كان له سمات خاصة إبداعية وأسلوب جميل يخاطب عقل القارئ ويحفزه لقراءة الكتاب، فقد كانت رسومات التونى عاملا كبيرا لنجاح الكاتب والكتاب أيضا.

واعتبر البريدى أن حلمى التونى بمثابة «مدرسة خاصة متكاملة» وأصيلة، بعيدا عن الأساليب المستحدثة للجرافيك والإبداع من خلال الآلة أو فنون الكمبيوتر، التى انتشرت بشكل فج فى تصميم الأغلفة دون القراءة الصحيحة من المصممين لطبيعة المحتوى الفعلى للكتاب أو المادة الأدبية للمؤلف، فيخرج الغلاف ضعيفا جدا عكس ما داوم عليه الفنان التونى من خلق حالة وجدانية وإبداعية على أغلفة الكتب.

وأكد البريدى أن لوحات التونى كانت تجمل أفكارا جميلة تزين الأغلفة وتزيدها بهجة، فقد كان فنانا كبيرا، وخير من مثل ثقافة وقوة مصر الناعمة، وهى مكانة اكتسبها من أعماله الإبداعية، سواء فى الفن التشكيلى ورسوم الأطفال وتصميم الأغلفة، وعلى الصعيد الشخصى كان لحلمى التونى تأثير كبير فى حياتى وحينما اقتربت من عالمه يضعك فى عالم مختلف، فهو فنان يضىء الطرق والفرص للآخرين دائما.

واختتم بأن الفنان الكبير حلمى التونى كان بمثابة المعلم للفنانين الشباب، وله رأى خاص يحترم وقوة فكرية يمنحها لأى فنان مقبل فى بداية طريق الفن، ولا أنسى حضوره فى معرضى تحت عنوان «فى البحر سمكة» وشهادته بخط يده فى رسالة نصية مغلفة اعتبرتها شهادة وجائزة كبرى فى حياتى بالعام 2016، فالتونى هو حالة عشق وحب وإبداع مصرى وعربى وعالمى وروح مصر الجميلة تتمثل فى أعماله ولن ننسى ذلك.
https://www.shorouknews.com/uploadedimages/Gallery/original/345452693_1431731007599137_3601707070889663602_n.jpg


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك