قدم قداسة البابا تواضروس الثاني التهنئة لكل الأقباط في كل مكان في العالم، لافتا إلى أن ميلاد السيد المسيح يكشف عن عدد من القلوب الباردة والقلوب الدافئة.
وأضاف البابا تواضروس الثاني خلال ترأسه قداس عيد الميلاد المجيد بكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية، إن القلوب الباردة هي البعيدة عن الله وتحيا في الخطية، وتعلمنا الكنيسة قبل بدء الصوم الميلادي المقدس مثل الزارع الذي ألقاه السيد المسيح، وهو يحكي أن إنسان زارع خرج ليزرع وسقط منه عدد من البذور علي عدة طرق تمثل القلوب الإنسانية، فسقطت على الطريق وعلى أرض متحجرة فأثمر قليلا ثم ماتت الزرعة، والنوع الثالث من القلوب الباردة هي الأرض الشوكية التي تخنق أي زرع في مراحل نموه، فهكذا أيضا بعض قلوب البشر.
وأوضح أن القلوب الدافئة هي القلوب التي تحيا في الخوف، وهناك نوع آخر ينتظر المكافأة فقط، والأرض الثالثة وهي الأرض التي أعطت ثمارا كاملة وهي التي تعمل بالحب، فالأولى تعمل بالخوف من كل شئ، والنوع الثاني الذي يعمل بالأجرة، أما النوع الثالث والأفضل فهو القلب الذي يعمل بالحب، ولأن الله يحبه فهو يحب الله ويحب الآخرين لأن كل إنسان هو خليقة الله، وإذا أردنا أن نتتبع قصة الميلاد سنجد نوعيات تبرز نوعيات هذه القلوب الدافئة".
وتابع: أول صفة تجعل قلب الإنسان دافئا هو الإنسان الذي يحيا ببساطة، وأصبح عنصر الاستهلاك هو الحاكم في حياة الانسان، أما البساطة تجعل الإنسان قلبه دافيء، وهكذا الرعاة كانت قلوبهم دافئة معتمدين على الله في كل شئون حياتهم، فالحياة البسيطة تجعل روح الإنسان منطلقة، لافتا إلى أن النوع الثاني من أصحاب القلوب الدافئة هم الباحثون عن الحقيقة في عالم ممتليء بالزيف، فلابد للإنسان أن يبحث عن الحقيقة، وهكذا كان المجوس الذين كانوا يعملون في الفلك، وشاهدوا النجم الذي يشير إلى ميلاد ملك في أورشليم، وذهبوا في رحلة طويلة إلى أن وقف النجم فوق قرية بيت لحم، وهناك شاهدوا الطفل يسوع مولودا، وقدموا هداياهم "ذهب ولبان ومر"، وهي لها رموز في حياة السيد المسيح.
وأشار إلى أنه اذا أراد الانسان أن يكون من أصحاب القلوب الدافئة عليه أن يعمل في صمت، وهناك أشخاص يبحثون عن الضوضاء، وينسون أن المديح يأتي من الله في السماء، ومثل هؤلاء الأشخاص الذين عملوا في صمت هو القديس يوسف النجار، ومعني اسمه "الذي يزيد بالنعمة"، مشيرا إلى أن نقاوة القلب تجعل الإنسان قلبه نقيا، فإذا كان قلب الإنسان نقيا من الشر والخطية فأنت من أصحاب القلوب الدافئة، ومثل هذه الشخصيات هي السيدة العذراء مريم والدة السيد المسيح، وكانت تتحلى بالقلب النقي، وأجابت الملاك بعبارة غاية في الاتضاع، وقدمت مثالا في النقاوة القلبية لذلك نسميها "فخر جنسنا" رجالا ونساء.
وذكر البابا تواضروس الثاني مشهدا آخر لأصحاب القلوب الدافئة، وهو من سكان قرية بيت لحم، ووقت ولادة المسيح كان هناك تعداد سكاني، وكان زحام في القرية، وعندما جاء القديس يوسف النجار والسيدة العذراء ، وساعة وضعها قد حانت، لم يكن لهما مكان، ولكن صاحب مسكن في قرية بيت لحم لم يقل لهم لا، ولكن قال لهم لدي مزود، وهو المكان الذي تأكل فيه الماشية، وهو يمثل قلب الانسان الذي يبحث عن حل، من السهل أن يقول لا، ولكن الأفضل والأعظم أن نبحث عن حلول، وأصبح "بيت لحم" من أشهر الأماكن في العالم، وكلمة بيت لحم تعني "بيت الخبز" أو "بيت البركة"، فعندما تساعد الإنسان في حل مشاكله تكون من أصحاب القلوب الدافئة.
ونوه قداسة البابا إلى أن الانسان يحتاج إلى الحب والحكمة والرحمة التي من خلالها يصبح الإنسان قلبه دافئا، ومن هنا يفرح قلب الله ويكون له نصيب في الملكوت.