تحتفل مصر بالذكرى الخمسين لنصر حرب أكتوبر 1973، بعد أن حرر أبطالها سيناء والضفة الشرقية وكامل التراب المصري من العدوان الإسرائيلي.
في هذه الحرب، تجاوز المصريون المستحيل، بروح التحدي التي اتسموا بها في ميادين القتال، عبر مئات البطولات والحكايات، وكانت إحدى البطولات هي فكرة استخدام مدافع المياه لتحطيم خط بارليف.
بعد أن احتلت إسرائيل كامل سيناء ووصلت إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، عملت على تحصين خطوط دفاعها على طول القناة، فشكلت ساترا ترابيا منيعا عُرف باسم خط بارليف، نسبة إلى حاييم بارليف، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت، وصاحب فكرة إنشاء الخط.
ظل خط بارليف قائما، حتى تجلت عبقرية أحد أكفأ الضباط المصريين في سلاح المهندسين، باقي زكي يوسف.
في مايو 1969 صدرت تعليمات قائد الفرقة 19 بعبور خط بارليف وفتح الثغرات وعبور القناة، وفي أثناء مناقشة الفرقة طريقة عبور الساتر الترابي، والتعرف على مكوناته، رفع المقدم مهندس باقي زكي يوسف رئيس فرع مركبات الفرقة، يده وطلب الإذن بالحديث، واقترح على قائد الفرقة، مدافع مياه تسلط على الساتر الترابي لفتح الثغرات ومن ثم العبور، يقول زكي في حديث سابق: "أنتم بتقولوا رملة.. وربنا إدانا الحل قدام المشكلة، وتحت رجلينا وهو المياه.. وفي الحالة دي المايه هتكون أقوى من المفرقعات والألغام والصواريخ وأوفر وأسرع".
وواصل باقي حديثه: "الفكرة عبارة عن طلمبات مياه تثبت على زوارق خفيفة في القناة، تسحب المياه وتضخها على الساتر الترابي في الأماكن المطلوب فتح الثغرة فيها".
وفي ذلك الوقت كان يسود اعتقاد بأن خط بالريف يحتاج إلى قنبلتين نوويتين لاختراقه، بحسب ما أكد الخبراء الروس.
في أقل من أسبوع، وصلت الفكرة إلى الرئيس جمال عبد الناصر، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووافق عليها بشرط تجربتها، وبالفعل أجرى سلاح المهندسين العديد من التجارب العملية والميدانية زادت عن 300 تجربة اعتبارا من سبتمبر عام 1969 حتى عام 1972 بجزيرة البلاح بالإسماعيلية، حيث تم فتح ثغرة في ساتر ترابي أقيم ليماثل الموجود على الضفة الشرقية للقناة، وكذلك في حلوان.
https://www.youtube.com/watch?v=SIkv02ovy5k
وجاءت اللحظة المرتقبة، بدأ اقتحام مانع قناة السويس، وفتح المهندسيون العسكريون الثغرات في الساتر الترابي، باستخدام مدافع المياه، لتتمكن 5 فرق مشاة بكامل معداتها بالعبور ويرتفع العلم المصري شرق القناة.
يحكي اللواء باقي: "دخلنا الحرب الساعة 2، الساعة 6 كان مفتوح أول ثغرة، الساعة 10 كان مفتوح 60 ثغرة من بورسعيد للسويس، وأصبحنا نملك تمامًا أرض المعركة".
وتقديرًا لدوره، حصل اللواء باقي زكي يوسف على نوط الجمهورية العسكري عام 1974، ومنح وسام الجمهورية عام 1984.
وفي 23 يونيو 2018، توفى اللواء زكي باقي يوسف، وأقيمت له جنازة عسكرية، وخُلد اسمه بإنشاء نفق اللواء باقي زكي يوسف بمنطقة التجمع الخامس في القاهرة الجديدة.