كلينتون: يجب على نتنياهو تقديم استقالته فورًا اقتداء برئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير
عبر صفحات كتابها الجديد الذى يحمل اسم «شىء مفقود وآخر مكتسب: تأملات حول الحياة والحب والحرية» والصادر عن دار نشر (سيمون وتشوستر) فى السابع عشر من شهر سبتمبر الماضى، وجهت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة الديمقراطية للرئاسة فى انتخابات 2016، هيلارى كلينتون، انتقادات واسعة لرئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، لعدم تحمله «أية مسئولية» عن الهجوم المفاجئ الذى شنته حركة حماس فى 7 أكتوبر من العام الماضى مطالبة إياه بالاستقالة من منصبه أكثر من مرة.
وقالت كلينتون: «نتنياهو يختلف تمامًا عن جولدا مائير»، فى إشارة إلى رئيسة الوزراء الإسرائيلية التى كانت فى السلطة عندما هاجمت مصر إسرائيل فى عام 1973، وأضافت أنها كانت معجبة بمائير بسبب «مزجها بين الفكاهة والجديّة». وتابعت: «مائير قبلت تشكيل لجنة تحقيق فى الإخفاقات التى أدت إلى حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر) واستقالت من منصبها. أما نتنياهو، فلم يتحمل أى مسئولية ويرفض الدعوة إلى انتخابات عامة، ناهيك عن الاستقالة».
وذكرت «كلينتون» أيضًا عبر صفحات كتابها أن ما يقرب من 1200 شخص قتلوا فى أحداث 7 أكتوبر الماضى، بينما قتل أكثر من 41 ألف فلسطينى فى الهجوم الإسرائيلى اللاحق على غزة ومناطق أخرى، فى وقت عجزت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها عن تحقيق وقف لإطلاق النار أو الإفراج عن الرهائن الذين لا تزال حماس تحتجزهم.
وكشفت «كلينتون» ــ البالغة من العمر 76 عامًا ــ عن تفاصيل شخصية للغاية؛ فقالت إنها شعرت بالحاجة لإعطاء اسم لبطنها بعد انقطاع الطمث، التى وصفتها بأنها «منتفخة حديثًا»، وأطلقت عليها اسم «بيولا». كما وصفت رحلة عيد ميلادها العام الماضى، حيث قضت «عطلة نهاية أسبوع للفتيات» فى لاس فيجاس.
وتطرقت «كلينتون» عبر صفحات الكتاب للعديد من اللحظات السياسية الهامة والأحداث العالمية، بما فى ذلك إجلاء الولايات المتحدة من أفغانستان عام 2021، وذكرت كيف أنها قادت جهودًا ضخمة لإنقاذ عدد من النساء الأفغانيات البارزات اللواتى كن على «قائمة القتل» الخاصة بطالبان، مما أثار انتقادًا لها من مستشار الأمن القومى الحالى، جيك سوليفان، لتواصلها مع قادة عالميين دون موافقة البيت الأبيض.
وناقشت «كلينتون» فى الكتاب أيضًا تجربتها كأستاذة فى جامعة كولومبيا منذ عام 2023، حيث ألقت الضوء على التوترات فى الحرم الجامعى بعد هجوم حماس والرد الإسرائيلى، مع تناولها للأسئلة المثيرة للجدل التى طرحها الطلاب حول تصنيف حماس كمنظمة إرهابية مقارنة بالجيش الإسرائيلى.
وأعربت «كلينتون» عن استيائها من «نتنياهو» فى فقرة مطولة تناولت تجربتها فى جامعة كولومبيا، حيث أصبحت فى عام 2023 أستاذة ممارسات فى كلية الشئون الدولية والسياسات العامة وزميلة رئاسية فى مشروعات العالم بكولومبيا، وبعد هجوم حماس على إسرائيل والرد الإسرائيلى، شهدت الجامعة احتجاجات مناهضة لإسرائيل. وتناولت «كلينتون» تعاملها مع الطلاب من كلا الجانبين.
ووصفت «كلينتون» الحرم الجامعى بأنه «كان مشحونًا بالصدمة والحزن» عقب تلك الأحداث، وتشير إلى الجلسات النقاشية البناءة التى عقدتها مع زميلتها عميدة كلية السياسات العامة، كيرين يارحى ــ ميلو، التى نشأت فى إسرائيل وخدمت فى الجيش الإسرائيلى، كما أشارت أيضًا إلى أسئلة من بعض الطلاب التى وصفتها بأنها «مقلقة»، مثل: لماذا تُعتبر حماس منظمة إرهابية بينما الجيش الإسرائيلى لا يُصنّف كذلك؟ وأعربت عن دهشتها مما وصفته بنقص المعرفة التاريخية لدى بعض الطلاب.
وقالت «كلينتون» إنها قابلت ردود فعل فارغة عندما أخبرت الطلاب أنه لو قبل الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات العرض الذى قدمه لها زوجها فى عام 2000 لإنشاء دولة فلسطينية كانت الحكومة الإسرائيلية مستعدة لقبولها، لكان الشعب الفلسطينى يحتفل الآن بالسنة الثالثة والعشرين من دولته المستقلة.
فقد حاول بيل كلينتون تحقيق السلام فى الشرق الأوسط لكنه لم يتمكن من الحصول على موافقة «عرفات» على اتفاق نهائى. كما اشتبك الرئيس كلينتون مع «نتنياهو»، حيث يُقال إنه تساءل بعد أول لقاء بينهما فى عام 1996: «من يظن هذا الرجل نفسه؟ من القوة العظمى هنا؟».
وبعد ما يقرب من 30 عامًا على تلك الواقعة، ما زالت مثل هذه الأسئلة تعذب القادة الأمريكيين، فى حين يواصل «نتنياهو» قيادة هجوم إسرائيلى يصفه الكثيرون بالإبادة الجماعية، نقلًا عن صحيفة الجارديان البريطانية. وقالت «كلينتون» إن معظم المحتجين فى كولومبيا «بدا أنهم يعانون بصدق من الحزن» بسبب أحداث 7 أكتوبر وتداعياتها، لكنها أوضحت أن البعض استخدم ذلك كذريعة لترديد شعارات معادية للسامية، من بينها «من النهر إلى البحر»، التى تشير إلى السيادة الفلسطينية من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط. وتوضح أن هذا الشعار له تاريخ معقد، إذ استُخدم للمطالبة بتدمير إسرائيل، ولكنه يُستخدم أيضًا للاحتجاج على قمع إسرائيل لحقوق الفلسطينيين المدنية. وواجهت «كلينتون» أيضًا احتجاجات بشأن تدريسها فى كولومبيا، حيث نظم مجموعة صغيرة من الطلاب حديثًا اعتصامًا خارج إحدى المحاضرات التى تقدمها فى مبنى كلية السياسات العامة. وقدمت «كلينتون» نصائح للطلاب بناءً على تجاربها الخاصة، بدءا من الاحتجاج ضد حرب فيتنام فى شبابها إلى زيارتها لمصر عام 2011 عندما كانت وزيرة للخارجية؛ حيث تذكر أنها التقت طلابًا معارضين للرئيس المصرى الراحل حسنى مبارك، لكنهم كانوا يفتقرون إلى خطة واضحة لما سيحدث بعد الإطاحة به، ولذلك فشلت ثورتهم على حد تعبيرها. وبالعودة إلى إسرائيل، قدمت رؤيتها بشأن الاحتجاجات السياسية الفعالة؛ فقالت: «الحركات الاحتجاجية الأكثر فعالية تكون مدروسة، وتضع أهدافًا واضحة، وتبنى تحالفات قوية بدلاً من تنفير الحلفاء المحتملين، واستشهدت بالمسيرات الحاشدة فى إسرائيل عام 2023 التى ساعدت فى منع حكومة «نتنياهو» اليمينية من تقويض استقلال القضاء». جدير بالذكر أن هيلارى كلينتون، السيدة الأولى السابقة، وعضو مجلس الشيوخ عن نيويورك، ووزيرة الخارجية الأمريكية، والمرشحة الديمقراطية السابقة للرئاسة، سبق وأن نشرت ثلاث مذكرات. أما كتابها الجديد، فيتناول أفكارها حول السياسة العالمية، ووصفًا لتجاربها خلال فترة وجودها فى السلطة وحولها، متخللًا ببعض النصائح الحياتية ولمحات نادرة من حياتها الشخصية.