بعد جولة الرئيس السيسي وماكرون.. كيف أثّر حي الحسين في ذاكرة نجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل؟ - بوابة الشروق
الثلاثاء 15 أبريل 2025 9:40 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

بعد جولة الرئيس السيسي وماكرون.. كيف أثّر حي الحسين في ذاكرة نجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل؟

محمد حسين
نشر في: الإثنين 7 أبريل 2025 - 5:52 م | آخر تحديث: الإثنين 7 أبريل 2025 - 5:54 م

اصطحب الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في جولة بمنطقة خان الخليلي بالقاهرة التاريخية، في أجواء من الدفء والحميمية بين المواطنين وأصحاب المحال الذين رحبوا بالزعيمين، وحرص بعضهم على توثيق تلك اللحظات التاريخية بصورة جمعتهم بالسيسي وماكرون في مشهد لافت.

وخلال الجولة، روى الرئيس السيسي لماكرون ذكرياته مع تلك المنطقة التي شهدت سنوات نشأته وشبابه، والتي كانت نموذجًا للتعايش بين الثقافات والأعراق المختلفة، فقد احتضنت اليهود والإنجليز والأرمن والإيطاليين.

وقد طبع حي الحسين ذكريات لا تنسى من سنواته المبكرة لشخصيات ذات تأثير كبير في المشهد الثقافي والفكري والقوى الناعمة لمصر، ومنهم الأديب الكبير نجيب محفوظ والكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وقد تطرقوا في أحاديثهم عن تلك الذكريات والتي نستعرض أبرزها في التقرير التالي:

دروس القرآن

قال محمد حسنين هيكل: "تلقيت دروس تحفيظ القرآن في مندرة جدي لأمي بحي الحسين مع أطفال العائلة، من الشيخ قاسم وكان الشيخ موظفًا دائمًا لدى جدي، وكان من يحفظ جزءًا كاملاً من القرآن يُجازى من الجد جزاءً حسنًا، فإذا ختم المصحف فنصيبه جنيه ذهبي، وكان يحضر معنا أحيانًا دروس القرآن بعض أطفال من بيوت جيراننا، ومنهم بيت الرافعي وبيت الرزاز"، كما نقل عنه الكاتب محمد الباز في كتابه "هيكل المذكرات المخفية" مستندًا إلى الحوارات الصحفية والأحاديث التلفزيونية التي أدلى بها هيكل على مدار حياته.

افتتان بحسن تلاوة القرآن

وتابع هيكل في موضع آخر، "كان جدي يصطحبني معه إلى سيدنا الحسين لأجلس إلى جواره في مقصورة المسجد لأستمع إلى مشاهير العلماء والقرّاء في ذلك الوقت، وأبرزهم الشيخ علي محمود والشيخ علي حزين والشيخ محمد رفعت والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي، من وقتها والأصوات الجميلة الندية تطربني، لدرجة أنني كنت أقول لمن حولي مبتسمًا وربما ساخرًا: لو أن صوتًا لا يتقن التلاوة أو به نشاز قرأ القرآن على قبري فإنني قد أموت فيها".

مكتبة بيت عائلة سلّام.. مركز ثقافي

وواصل هيكل: "في منزل جدي لوالدتي، وهو من عائلة سلام المعروفة، كان هناك تقليد صارم لكل أطفال العائلة، وهو حتمية تعلم وحفظ القرآن، وكان في بيت جدي مندرة مليئة بالكتب جمعها جدي وخالي من مكتبة صبيح بالأزهر، وبيت جدي كان موجودًا في المنطقة التي بها مشيخة الأزهر الجديدة". وتابع: "هذه المنطقة كانت مقرًا للتجارة الوطنية في مصر، وتمتد إلى ميدان الأوبرا والسكة الحديد حتى ميدان عابدين، وهو الخط الفاصل بين قاهرة التجارة الوطنية وقاهرة التجارة الأجنبية، وكانت المكتبات ودور النشر تتمركز إلى جوار المنطقة التي بها بيت جدي، وهي المنطقة التي يطلقون عليها الآن السكة الجديدة والأزهر والغورية، فالتجارة الوطنية كانت في هذه المنطقة، وفي الجهة المقابلة كانت البنوك الأجنبية".

القرآن رافد ثقافي

وعن حي الحسين، قال هيكل إن هذه المنطقة بكل ما تحمله من زخم ديني ساهمت في تشكيل ملامح شخصيته الأولى، والبيت الذي يحمل استعدادًا ثقافيًا كبيرًا. وأكمل: "كان القرآن الكريم الرافد الثقافي الأول في حياتي، بعد أن تحول إلى واجب عائلي، فقد كان عليّ وعلى كل أطفال العائلة أن نتعلم القرآن، ثم الافتتان بالسير الشعبية، ومنها إلى المجالات الأدبية المختلفة، والفضاءات الثقافية المفتوحة، والثقافة بشكل عام عملية مستمرة تعيش مع الإنسان من ساعة مولده إلى ساعة موته وتحتاج إلى المعايشة، فليس من المعقول أن أطلب منك أن تتصور معرضًا أو مكتبة أو مرسمًا؛ لأن عليك أن تتعايش مع هذه الأنشطة الثقافية، حياة بالدرجة الأولى تدفعك إلى امتلاك النظرة الكلية إزاء الزمن والعصور والتطورات والتاريخ".

نجيب محفوظ: الحي في وجداني

وتحدث نجيب محفوظ قائلاً: "منذ مولدي في حي سيدنا الحسين، وتحديدًا في يوم الإثنين 11 ديسمبر عام 1911 ميلاديًا، وهذا المكان يسكن وجداني، عندما أسير فيه أشعر بنشوة غريبة جدًا، أشبه بنشوة العشاق، كنت أشعر دائمًا بالحنين إليه لدرجة الألم، والحقيقة أن ألم الحنين لم يهدأ إلا بالكتابة عن هذا الحي، حتى عندما اضطرتنا الظروف لتركه والانتقال إلى العباسية كانت متعتي الروحية الكبرى هي أن أذهب لزيارة الحسين. كل أخوتي وُلدوا في بيت "بدرب القزازين" وأنا الوحيد بينهم الذي وُلد في "بيت القاضي"، والمكانان في الجمالية، وإذا لم تخني الذاكرة فقد كان عنوان بيتنا هو رقم (😎 في ميدان "بيت القاضي"، وكان مواجهًا لقسم الجمالية، وكانت أبواب البيت مفتوحة على الميدان، أما نوافذه الجانبية فكانت تطل على "درب قرمز"، وكنا نتبع مشيخة "قرمز". بعد ثورة 1919، وتحديدًا سنة 1920، انتقلنا من حي الحسين إلى العباسية، وسكنا في البيت رقم (9) شارع "رضوان شكري". والحقيقة أن انتقالنا إلى العباسية له سبب، وهو أن العائلات الكبيرة في "درب قرمز" بدأت في النزوح من المنطقة، عائلة وراء الأخرى. وبعد انتقال "الأعيان" فقدت الحارة بهجتها وروحها وانطفأت الأنوار وانتهت السهرات، وشعرنا ــ بعدهم ــ بوحشة شديد"، وذلك بحسب كتاب "مذكرات نجيب محفوظ" الصادر عن دار الشروق للكاتب والناقد رجاء النقاش



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك