الترحال أحد صفات الحياة البدوية بجنوب سيناء، وتختلف أسماء الرحلة باختلاف أهدافها. يحرص البدوي على أن يعد العدة للرحلة من مأكل ومشرب، والمرور بالمناطق التي تتوافر فيها عيون المياه مثل الآبار والعيون.
وقال الشيخ خليل إبراهيم الحويطي، أحد مشايخ قبيلة الحويطات بجنوب سيناء، إن الارتحال صفة ملازمة للبدوي، وهو يرتحل لأسباب كثيرة، إما للقنص والصيد، أو الانتقال إلى مكان يكثر فيه العشب للرعي، أو لتغيير إقامته، أو للسفر إلى المدن والحواضر لتسويق المنتجات.
وأوضح الشيخ خليل أن اسم الرحلة يختلف باختلاف أهدافها، فالسفر إلى الحواضر والمدن لتسويق المنتجات أو السلع يسمى "خاطر" بمعنى خطر، كونها تحفها المخاطر نظرًا لكونهم ينتقلون بين الجبال والوديان لمسافات طويلة. أما الارتحال وراء العشب إلى الأماكن التي سقط عليها المطر فتسمى "النجعة"، ويقال على المرتحلين لهذا الغرض "ربعوا". وفي حالة الارتحال لصيد الضبع والثعالب يطلق عليهم "أبو الحصين".
وعن الرحلة التي تمارس يوميًا في البادية، قال الشيخ خليل إنها رحلة "الرعاة"، وتبدأ من قبل شروق الشمس وتنتهي عند الغروب. تذهب الفتيات بالأغنام إلى مراعيها ومعها متطلبات الرحلة من ماء وطعام، كما يسوق الفتيان الإبل إلى المرعى. قد يكون المرعى بعيدًا عن التجمع البدوي ومع ذلك، فالفتاة البدوية سواء كانت بمفردها أو مع رفيقتها في المرعى لا تشعر بالخوف أو القلق، لكون العرف البدوي يتكفل بحمايتها. وإذا جاءت الفتاة واشتكت من أي إنسان قد تعدى عليها ولو بالقول، فهي صادقة ومصدقة ويجري تطبيق أحكام العرف البدوي على المتعدي، تطبيقًا للمثل البدوي الذي يقول "كاذبتهن صادقة".
ولفت إلى أن المرأة البدوية يقع على عاتقها عبء كبير خلال عملية ترحال الرجل، فهي مسؤولة عن تربية الأبناء، والحفاظ على البيت في غياب الرجل. كما يقع على عاتقها جلب الماء والحطب، وكذلك تربية الأغنام. تخيط أثوابها وتطرزها، وتنسج المفروشات مثل الكليم والسجاد اليدوي من أصواف الأغنام وأوبار الإبل على النول البدائي. تصنع من ألبان الأغنام السمن والجبن واللبن الرايب، وتعد الطعام لأبنائها، وتقوم بواجب الضيافة في حالة غياب الزوج.
وأضاف أن الرجل يرتحل عن منزله وهو مطمئن على زوجته وأبنائه بين أقاربه وجيرانه. وإذا حاول أحد أن يمسها بسوء خاصة تحت جنح الظلام فإنها "توج نارها وتهيب جارها"، أي توقد النار وتنادي على جارها القريب. موضحًا أن إشعال النار في الليل دليل على حدوث أمر غير مألوف، فيبادر الجيران لنجدتها. وسرعان ما يجري التعرف على الشخص الذي حاول أن ينتهك حرمة المنزل عن طريق قص الأثر "قص الجرة". في هذه الحالة، عليه أن يسوق الجيرة، وتعني أنه طائع للحق ومستعد لسداد ما يقع عليه من جزاء وحقوق يفرضها القاضي العرفي المختص بقضايا النساء، ويطلق عليه "العقبي".