محمد عفيفي: الكتابة الأكاديمية عاجزة عن تلبية حاجات القراء الجدد بسبب الجمود والتكلس - بوابة الشروق
الخميس 19 سبتمبر 2024 7:44 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد عفيفي: الكتابة الأكاديمية عاجزة عن تلبية حاجات القراء الجدد بسبب الجمود والتكلس

وكالة أنباء العالم العربي
نشر في: الأربعاء 9 أغسطس 2023 - 1:34 م | آخر تحديث: الأربعاء 9 أغسطس 2023 - 1:34 م

قال المؤرخ المصري محمد عفيفي إن الكتابة التاريخية الأكاديمية عاجزة عن تلبية حاجات القراء الجدد بعد أن أصابها الجمود والتكلس.

وأكد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن المناخ الأكاديمي السائد لا يسمح بطرح أسئلة جذرية، معتبرا إقبال القراء على قراءة التاريخ يمثل ظاهرة طبيعية في ظل التحولات التي يشهدها العالم العربي.

وقال عفيفي الذي شغل سابقا منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة في مصر "يقبل الناس على قراءة التاريخ والعودة إليه في أوقات الأزمات، بحثا عن خبرة أو طوق نجاة، ومن ثم فإن السؤال التاريخي يحضر دائما في أوقات الأزمات لنعرف إلى أين وصلنا وهذه ظاهرة عالمية".

ويعد عفيفي أحد أبرز المؤرخين المعاصرين في مصر، ونال جائزة الدولة التقديرية في العام 2021 عن مجمل مؤلفاته، ومنها (الأقباط في العصر العثماني) و(الأوقاف في مصر العثمانية) و(المستبد العادل).

تتسم مؤلفاته بمقاربة ظواهر تاريخية من منظور يربطها بالأدب والأنثروبولوجيا الثقافية، وتقع بين التاريخ الاجتماعي والتاريخ الثقافي، كما كتب دراسات وأبحاث حول أدب نجيب محفوظ كمصدر تاريخي، وعن تاريخ الترام في مصر وأصوات المدينة وتاريخ الفكرة المتوسطية.

وقبل أيام صدرت روايته الجديدة (سلام على إبراهيم) عن دار الشروق في مصر، وهي تقدم مقاربة تاريخية معاصرة لشخصية إبراهيم ابن محمد علي والي مصر في الفترة من 1789 إلى 1848، وهي روايته الثانية بعد رواية (يعقوب) التي صدرت في 2021 وتناولت سيرة المعلم يعقوب، أحد أكثر الشخصيات المثيرة في تاريخ مصر خلال فترة الحملة الفرنسية بين 1798 و1801.

وقال إنه كتب الرواية لتحقيق حلم قديم راوده، لكنه قرر تحقيقه حين بلغ 60 عاما وتحرر من قيود العمل الأكاديمي.

وأوضح أنه يسعى لتغيير الصورة الذهنية الشائعة عن المؤرخ، وأضاف "أكتب لأرضي نفسي... ومهمتي ليست إعادة كتابة التاريخ المتعارف عليه بشكل أدبي، ولكن أسعى لتنمية الشك في الروايات السائدة".

وفي رواياته الجديدة، يضع عفيفي نفسه ضمن فئة من مبدعي روايات تيار ما بعد الحداثة التي تنفي عن التاريخ صورته المثالية، ويقول "مهمتي نقد فكرة اليقين والتطرق لكل ما هو مسكوت عنه".

وذكر أن روايته الجديدة تفتح لأول مرة باب السؤال عن العلاقة الإشكالية التي ربطت محمد علي والي مصر بابنه، وكيف أصبحت مجالا للغيرة والتربص إلى حد أن الوالي دبر مؤامرة للتخلص من ابنه وقتله.

واعتبر أن قيام مؤرخ أكاديمي بكتابة رواية ليس أمرا جديدا "فلدينا في المغرب روايات كتبها المؤرخ عبد الله العروي وبن سالم حميش"، ووصف رواياته بأنها "محاولة جريئة لمواجهة انكفاء المؤرخ على نفسه".

ومضى قائلا "يزخر تراثنا العربي بنماذج كثيرة لمؤرخين مارسوا الأدب وكتبوا في الفلسفة والفكر بحرية تامة، لكن قيود التخصص في عالمنا المعاصر وضعت حواجز لا بد من التخلص منها".

* وسائط رقمية

لاحظ الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة في مصر أن غالبية المؤلفات التاريخية تصدر لمؤلفين من خارج الوسط الأكاديمي، مؤكدا أن في ذلك إشارة على تراجع مستوى خريجي أقسام التاريخ في الجامعات وتكلس العقل الأكاديمي عموما.

ووفقا للمؤرخ المصري، أتاحت الوسائط الرقمية بدائل أمام القراء. وقال "أتابع على المواقع الإلكترونية عدة محتويات رقمية رفيعة المستوى يقدمها شباب من كافة بلدان العالم العربي".

وأوضح عفيفي أن الوسائط الرقمية ساعدت كثيرا في نمو المعرفة التاريخية، مؤكدا أن غالبية ما يصدر عنها يقع في دائرة العلم النافع الذي يحفز المتابعين على البحث المتعمق.

وشدد على أن الوسائط الجديدة ساعدت في التحرر من الروايات الرسمية والأكاديمية التي تعيد إنتاج المعرفة الراكدة والمتعارف عليها.

وقال "هناك خلط كبير في الذهنية العربية بين التاريخ كعلم يقوم على النقد والمراجعة، وبين مؤلفات التربية الوطنية التي تستهدف تعزيز الشخصية الوطنية وتقدم للمواطن صورة مثالية عن الوطن ورموزه بغض النظر عن مدى صحة ما يقدم".

وضرب عفيفي مثالا بالمؤرخ خالد فهمي مؤلف كتاب (كل رجال الباشا)، وذكر أنه يعد من أفضل الأمثلة للمؤرخ المعاصر الذي قرر مخاطبة الناس عبر يوتيوب، ويرى أنه نموذج ملهم في هذا الجانب.

وأضاف "لكن الآخرين لا يقدمون برامج على نفس القدر من الكفاءة وتنطوي على كثير من الأخطاء بدافع الاندفاع أو الحماس، لكن استمرارها ضروري لأنها تثير شغف الناس وتعزز لديهم الحس النقدي".

* اتجاهات الكتابة التاريخية في العالم العربي

أنهى عفيفي قبل أيام كتابة دراسة حول اتجاهات الكتابة التاريخية في العالم العربي خلال السنوات العشر الأخيرة، وتوصل خلالها إلى أن تطورات كبيرة تشهدها الكتابة التاريخية في منطقة الخليج بفضل تحسن نوعية الدارسين وطموح الغالبية في الاقتداء بالنموذج الغربي.

ووفقا لعفيفي، فإنه بفضل اعتماد هؤلاء مناهج التاريخ الشفاهي، تمكنت دول مثل السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان من حفظ مختلف أشكال التراث المادي واللا مادي، بينما يندر استعمال هذه المناهج في بلد مثل مصر لها تاريخ ممتد "حيث ما زال الاستعمال قاصرا على دراسات الفولكلور والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع".

وأشاد بالتقدم الذي أحرزته الكتابة التاريخية في دول شمال أفريقيا بفضل "الطفرات المنهجية وتواصلهم المباشر مع الجامعات الغربية، إلى جانب تأثر الدارسين بمناهج مدرسة الحوليات الفرنسية التي فتحت التاريخ على المعارف الأخرى".

أبرز عفيفي في دراسته اهتمام القراء وشغفهم بالتاريخ، ودلل على ذلك بازدهار الروايات التاريخية، وذكر أن معظم الروايات العربية التي نالت جائزة (البوكر العربية) وجائزة (كتارا) تعتمد بصورة رئيسية إما على التاريخ أو على استلهام وقائع تاريخية .



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك