100 عام مرت على وفاة الاسم الخالد في سماء الموسيقى والفن المصري سيد درويش، ورغم مرور كل هذه السنين إلا أنه يبقى بألحانه الغزيرة والتأسيسية التي أنتجها خلال سيرته الفنية القصيرة التي على الرغم من ازدحامها بالأحداث لم تسعفه على تحقيق جميع أحلامه وطموحاته الفنية.
الدراسة في إيطاليا حلم درويش الذي لم يتحقق
نتعرف في هذه السطور على أحد أحلام سيد درويش التي لم تتحقق كما تمناها كثيراً وسعى لها، وهو حلم السفر إلى إيطاليا لدراسة الموسيقى، والتي ذكرت في مصادر عدة حديثة وقديمة.
فكتب المؤرخ الموسيقي الدكتور زين نصار، في كتابه "موسوعة الموسيقى والغناء في القرن العشرين في مصر"، أن درويش كان لديه حلم سعى إليه كثيراً، وقال: "قبل عزل الخديو عباس حلمي الثاني كان سيد درويش قد تقدم بطلب يلتمس ترشيحه لبعثة فنية إلى الخارج يدرس فيها الموسيقى على نفقة الحكومة المصرية وأرفق بطلبه دور عواطفك دي أشهر من النار التي كانت بداية كل شطرة منه تبدأ بحرف من اسم عباس حلمي خديو مصر وهذا الدور يعتبر أول أدوار درويش التي لحنها تحية لخديو مصر أملا في الموافقة على طلبه ولم يستجب عباس حلمي الثاني واكتفى بمنحه مكافأة مالية".
كما ذكر الكاتب والناقد عبدالفتاح البارودي في مقال له عام 1965 بمجلة الثقافة، أنه كان معروف عن سيد درويش حبه وتطلعه إلى السفر لإيطاليا لدراسة الموسيقى، وقال البارودي: "تمنى درويش السفر إلى إيطاليا لاستكمال دراسته الموسيقية، ومن البديهي أن من الأسباب الهامة احساس الموسيقار بضعف مستوى الموسيقى في عصره".
20 جنيه لدرويش مكافأة من الخديو
وأكد حسن درويش –ابن سيد درويش– في كتاب "من أجل أبي سيد درويش" واقعة طلب منحة لدراسة الموسيقى، وقال إن السبب الذي جعل والده يقدم على خطوة مخاطبة عباس حلمي الثاني هو تصوره أن الخديو لديه إيماناً بالفنون، حيث قال: "كان طموح سيد درويش يصور له أن الخديو عباس حلمي الذي وافق على إرسال جورج أبيض في بعثة على نفقة الخاصة إيماناً من الخديو برسالة الفن المسرحية وأيضاً إيمان الخديو برسالة فن الموسيقى.. وذلك شجع درويش على التقدم بطلب يلتمس فيه الموافقة على إرساله في بعثة موسيقية يستكمل فيها تعليمه الفني .. ولكن الخديو منحه مكافأة مالية قدرها 20 جنيهاً وثارت نفس الفنان وأصر على عدم قبول المنحة المالية وصمم على رفضها إلا أن بعض الأصدقاء أقنعوه أن يعدل عن الفكرة خوفا من بطش الحاكم".
سيد درويش متابعا للموسيقى الإيطالية
بالإضافة إلى ذلك كان درويش حريصاً على متابعة الحركة الموسيقيى الإيطالية في مصر من خلال ما يقدم على المسارح المصرية، وذكرت الكاتبة سهير عبدالفتاح في بحث لها في مجلة إبداع عام 1992، قالت: "كان شديد الإعجاب بالموسيقى الأوروبية الغنائية، وقد شهد الذين عاصروه بأنه كان يتردد على تياترو الكورسال ليشاهد جوقة الأوبرا الإيطالية تعرض توسكا ومدام بترفلاي لبوتشيني والبلياتشو لليون كافللو".
وإن دل ذلك على شئ فهو يدل على مدى اهتمام سيد درويش بالثقافة والإطلاع على أنماط مختلفة من الموسيقى، وليس الدخول في قالب معين والتقوقع داخله، وحرص كثير من الكتاب والمتخصصين على رصد اهتمام سيد درويش بالثقافة والقراءة رغم تعليمه البسيط.
ففي مقال بمجلة الرسالة الجديدة عام 1959، كتب زكريا الحجاوي بعنوان "ثقافة سيد درويش": "عثرت في دراستي عن درويش وعند ابنه الأصغر حسن على محضر المجلس الحسبي الذي عمل بعد وفاته فإذا بالبيان الذي يحتوي على مكتبة سيد درويش الخاصة تدل على أنه لم يعش على قراءة الصحف فقط أو التثقيف من السماعيات وإنما كان إيجابيا شاعرا باحتياجه إلى التزود بالمعرفة ومن الكتب التي قرأها الأغاني لأبي فرج والبيان والتبيين والبخلاء للجاحظ وعيسى بن هشام للمويلحي وكل كتب المنفلوطي التي نقلها من الأدب الغربي وزينب لهيكل وكل ما ترجمته دار مسامرات الشعب من روايات ومسرحيات أجنبية".
تابع القراءة في ملف الشروق عن سيد درويش 100 عام من الإلهام