وقائع وشهادات جديدة من قلب الحدث - شمال غزة تحت نار الإبادة والتطهير العرقي - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 4:45 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وقائع وشهادات جديدة من قلب الحدث - شمال غزة تحت نار الإبادة والتطهير العرقي

تحقيق - أحمد فتحي:
نشر في: الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 - 11:48 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 - 1:26 م

* جرائم وحشية للاحتلال فى مثلث «جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون».. وشهود: الأجساد تتبخر والمربعات السكنية تتساقط والجثث بلا مقابر
* أحد النازحين من المجازر: لم نستطع الوصول لمنزل شقيقى وابنه لاستخراج جثتيهما وإكرامهما بالدفن
* صحفى فلسطينى: لم يخرج أهلنا من ديارهم.. لكن أجبروا تحت تهديد السلاح والقتل والتدمير
* مدير عام الصحة: الاحتلال يستخدم أسلحة بقدرات تفجيرية هائلة تتسبب فى تدمير أحياء سكنية
* خبير عسكرى: إذابة الجثث وتبخرها بفعل الحرارة العالية جدًا التى تنبعث مع قوة التفجير
* المكتب الحكومى: إسرائيل تريد تحويل شمال القطاع إلى منطقة غير قابلة للحياة
* الحاجة عائشة: «عشنا فى عصر الإنجليز وروى لنا والدى عن العثمانيين لكن أسوأ من هالعدو ما شفنا ولا حنشوف»

أسلحة غامضة تبخر الأجساد ولا تترك لها أثرًا، وأطنان من المتفجرات تلقى فوق أحياء سكنية فتسويها بالأرض، وأشلاء تتناثر هنا وهناك، وجثث ملقاة بالطرقات والشوارع بلا مقابر، ومئات من المفقودين والشهداء تحت الركام، وعمليات إجلاء قسرية واسعة، ومصابون يأنون حتى الموت فى منازلهم بلا إسعافات تصل إليهم، وجوعى يأكلون القليل من الطعام.

هذه المشاهد ليست «أفلام رعب» ينسجها كتّاب يبحثون فى عالم الخيال عما عزّ وجوده فى عالم الواقع، لكنه واقع الحياة فى محافظة شمال غزة التى تضم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، والتى دمر الاحتلال الإسرائيلى مرافقها الحياتية والحيوية، كما يرويها نازحون وصحفيون ومسئولون وحقوقيون تواصلت معهم «الشروق» عبر الهاتف والبريد الإلكترونى بالكاد فى ظل ضعف الإنترنت وشبكة الاتصالات.

لليوم الـ65 تواليًا، يفرض الاحتلال حصارًا كاملًا على محافظة شمال غزة، وسط قصف جوى ومدفعى عنيف، وعزل كامل لمدن وأحياء بيت لاهيا ومخيم جباليا، بالتزامن مع انهيار الواقع الصحى ونقص الكوادر الطبية، وحملة تجويع ممنهجة تمثلت بمنع إدخال الطعام والدواء والمياه، والوقود اللازم لتشغيل مستشفيات شمال غزة.

نزوح تحت النار

من واقع عمله بوزارة الصحة، تحدث «أبوجعفر»، أحد النازحين الناجين من جحيم محافظة شمال غزة. ويقول لـ«الشروق»، إن هناك العديد من الحالات التى نراها بشكل شبه يومى لأشلاء وجثامين ضحايا تصل إلى مستشفى كمال عدوان، يكون من الصعب جدًا التعرف على هويتها من شدة ما أصابها من تشوهات وحروق وتقطيع لأجزاء فى الجسد، ما يدل على أن السلاح المستخدم غير تقليدى، وهو ما يحتاج إلى تحقيق خاص من لجان متخصصة.

ويروى «أبوجعفر» معاناته وآلاف غيره، خلال رحلة نزوح من مكان إلى آخر عدة مرات تحت حصار ونار الاحتلال: «منذ اليوم الأول لحصار محافظة شمال غزة المميت فى مدن جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، حاول الاحتلال إجبار السكان مغادرة منازلهم، أو مراكز الإيواء بشكل قسرى، تحت وابل من النار والقصف المتواصل، فخرحت مجموعات من السكان، وبقى مجموعة أخرى لتحتمى بحطام منازلها».

ويضيف: «انتقلنا كنازحين من مربع سكنى إلى آخر، بحثًا عن موطئ قدم آمن، وكان آخره حى المنشية وسط بيت لاهيا وبه عدد من المدارس، مثل أبوتمام، التى تحولت وغيرها إلى مراكز إيواء، لكن نيران الاحتلال امتدت إليها».

ويواصل «أبوجعفر»: «تعرضت بعض المدارس لقصف من طائرة مسيرة (كواد كابتر) اللعينة ما أسفر عن إصابة العديد من النازحين، وهذه كانت رسالة نارية للنازحين لإخلاء مراكز الإيواء، بعد أن طلب الاحتلال عبر مكبرات صوت من النازحين الخروج، محذرة أن من سيبقى سيعرض نفسه للقتل، ثم أعقب ذلك قصف شديد فى محيط تلك المدارس».

وأكمل: «وسط هذا القصف، اضطررنا إلى إخلاء مراكز الإيواء، والتوجه إلى مدينة غزة عبر شارع صلاح الدين، والمرور على حواجز التفتيش العسكرية، والتى يتم خلالها التنكيل بالنازحين واعتقال بعضهم واقتيادهم الى أماكن مجهولة».

وينوه إلى أنه خلال المرور من نقطة التفتيش، يتم وضع الرجال فى ناحية للفحص والتدقيق والتحقيق، ويتم السماح للنساء والأطفال ما دون 15 عامًا بالمرور بعد فحص محتويات الحمولة من أمتعة.

وكشف عن أن مرحلة الفحص مع الرجال والتى وصفها بـ«المذلة»، قائلًا: «يبدأ الفحص والتدقيق بدخول كل 5 رجال على كاميرات لفحص بصمة العين، وبعد الفحص، يتم احتجاز البعض، بعد أخذ البيانات الشخصية منهم، فيما يسمح للآخرين بالمرور».

فمن يظل من الرجال يتم إجباره على خلع ملابسه كاملة، وارتداء أفرول أبيض على غرار ما كان يرتديه مريض كورونا، وهؤلا يتم تقييدهم من الخلف وإعصاب أعينهم والجثو على ركبهم ومن ثم أخذهم إلى التحقيق، دون معرفة ماذا سيكون مصيرهم.

وينتقل «أبوجعفر» إلى جانب آخر من معاناة سكان محافظة شمال غزة، قائلًا: «منذ بداية الحصار، منع جيش الاحتلال دخول أى نوع من المساعدات إلى الشمال ضمن سياسة تجويع ممنهج، وهذا المنع ساهم فى ارتفاع أسعار الطعام والمواد الغذائية بنحو 10 أضعاف سعرها الحقيقى، والأنواع المتوافرة لا تزيد عن العدس والمكرونة وبعض المعلبات».

وبأسى وألم كبير، تحدث «أبوجعفر» بصوت متقطع، عن استشهاد شقيقه وابن شقيقه يوم الأربعاء 13 نوفمبر الماضى، بعد إطلاق قوات الاحتلال النار عليهما بشكل مباشر داخل منزلهما ببلدة بيت لاهيا، ولا يزل جثمانهما فى المنزل لعدم استطاعتنا الوصول إليهما لإكرامهما بالدفن.

وزاد: «زوجة شقيقى وابنهما استشهدا أيضًا يوم الجمعة 29 نوفمبر الماضى، بعد محاولة نقلهما إلى مستشفى كمال عدوان بواسطة عربة يجرها حصان.. وتلك مأساة واحدة ضمن مآسى كثيرة اعتاد عليها المواطن الغزى».

تعطيل عمل الطواقم الطبية


وفى ملمح آخر لواقع الحياة فى محافظة شمال غزة، يقول الصحفى الفلسطينى يوسف فارس، المقيم فى شمال القطاع، فى حديث عبر الهاتف لـ«الشروق»، إن جيش الاحتلال عطل منذ بدء حصاره بشكل كامل عمل الطواقم الطبية، والخدماتية مثل الدفاع المدنى، والإسعاف، والطوارئ، بعد أن دمر سياراتهم واعتقل طواقم طبية فى المستشفيات، وسط منع الصحفيين من القيام بدورها فى فضح جرائم الاحتلال.

وكان جهاز الدفاع المدنى الفلسطينى فى القطاع، قد أكد، فى بيان، مؤخرًا، أن عمله معطل منذ 23 يومًا بمحافظة شمال قطاع غزة، مشيرًا إلى أن آلاف المواطنين بلا خدمات إنسانية وطبية، جراء الإبادة التى ترتكبها إسرائيل، وهو ما أدى إلى حدوث كارثة أخرى، تمثلت فى وفاة بعض السكان داخل المنازل، دون أن يُسمع عنهم شيئًا، إلا بعد عدة أيام.

يقطع «فارس» حديثه لبرهة، وهو يتمتم بالشهادة (لا إله إلا الله)، بعد سماع أصوات أزيز طائرات الاحتلال، قبل شنها غارة جديدة ضمن القصف الإسرائيلى المتواصل.

ويستكمل: «الوضع هنا فى شمال قطاع غزة مأساوى وصعب للغاية، بعد أن محت إسرائيل أحياء ومناطق سكنية، وسوتها بالأرض عبر غاراتها».

ويضيف: «يعمل الاحتلال على محاولة تفريغ بلدات ومدن بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا وأحياء شرق جباليا من السكان، عبر القصف المدفعى والجوى العنيف، وهو ما أدى إلى التهجير القسرى وإخلاء ما بين 50 و60 ألف مواطن من الشمال إلى مدينة غزة ووسط القطاع».

وعن ملامح الوضع المعيشى المأساوى، يقول «فارس»: «أزمة الجوع تتفاقم فى الشمال، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بسبب الحصار»، مستدلًا بأن جيش الاحتلال منع 86 محاولة لإدخال الطعام إلى المناطق المحاصرة، وفقًا لما ذكرته الأمم المتحدة.

وحول هدف الاحتلال من هذه الجرائم يشير الصحفى يوسف فارس: «العدو أفرغ مخيم جباليا ويجرى اليوم تفريغ بيت لاهيا، وربما بعد شهر أو شهرين تُفرغ أحياء الدرج والزيتون، وصولًا إلى تطهير شمال القطاع كله عرقيًا».

ويؤكد: «لم يخرج أهلنا من ديارهم، لكن أُخرجوا تحت تهديد السلاح والقتل، كما لم يهاجروا فى عام النكبة، لكن هُجّروا طوال الفترة الماضية.. تصبّر الناس على الخوف والجوع حتى جاء العدو وحرق عليهم منازلهم ومراكز الإيواء».

يختم الصحفى الفلسطينى يوسف فارس، بحديث نقله عن المسنة عائشة أبو سلطان، التى تطرق أبواب التسعين من العمر والنازحة من مخيم جباليا إلى وسط القطا ، والتى تحدثت عن نكبة عام 1948، وأنها كانت أشبه برحلة مدرسية إذا ما قورنت بما قاسته فى 2024.

وبما يلخص المشهد، تقول الحاجة النازحة، التى تحتفظ بذاكرة صلبة: «ما عشنا ثانية هناء وحدة يا بنية.. هذا قدرنا.. عشنا فى عصر الإنجليز ورو لنا والدى عن العثمانيين، لكن أسوأ من هالعدو ما شفنا ولا حنشوف».

 

ذوبان مربعات سكنية

 


جرائم الاحتلال الإسرائيلى فى محافظة شمال غزة، وصلت إلى حد استخدام أسلحة غامضة تتسبب فى تبخر أجساد الفلسطينيين.

يقول المدير العام لوزارة الصحة فى غزة، الدكتور منير البرش، فى حديث خاص عبر الهاتف لـ«الشروق»، إن ما يفعله الاحتلال هو إبادة جماعية حقيقية يستخدم فيها كل أنواع الأسلحة، وبينها أسلحة ذات قدرات تفجيرية هائلة تتسبب فى تدمير أحياء سكنية، وتبخر الأجساد.

ويوضح: «ترسل إسرائيل وسط أحياء سكنية، ريبوتات مفخخة، محملة بأطنان من المتفجرات يتم التحكم فيها عن بعد، للتحرك بين منازل ومربعات سكنية فى مناطق وبلدات بشمال القطاع».

ووفقًا لما جرى رصده، يبين المسئول بوزارة الصحة، أن استخدام تلك المتفجرات يؤدى إلى ذوبان مربعات سكنية كاملة من شدة الانفجار، حيث تسقط أسقف وجدران المبانى فى شكل قطع صغيرة، مع اختفاء أو تبخر الأجساد من المكان، دون أن يبقى لها أى أثر سوى فروة الرأس مثلًا، وبعض الجثث لوحظ تكسر عظام الصدر بها.

ويدعو البرش إلى ضرورة الكشف عن طبيعة الأسلحة والمتفجرات التى تستخدمها إسرائيل فى عدوانها على شمال غزة، كاشفًا عن مطالب وزارة الصحة فى غزة، المجتمع الدولى بإرسال فرق ولجان تحقيق دولية، فهناك شواهد على استخدام أسلحة محرمة دوليًا، بحاجة إلى تحقيق دولى جدى.

نفاد الأدوية

 


وحول الوضع الصحى فى شمال غزة، يفيد المدير العام لوزارة الصحة، بأن المستشفيات تعالج المصابين بالحد الأدنى من الإمكانيات المتاحة، بسبب نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية، بسبب الحصار وعملية الإبادة.

وينبه أن أحدث المجازر كان قبل أيام لعائلتى «البابا»، و«أحمد» فى الشمال الغربى لبيت لاهيا، الذين تم استهداف منازلهما، ما أدى إلى استشهاد 75 شخصًا، أغلبهم من الأطفال والنساء، ولم تستطع عربات الإسعاف أو الدفاع المدنى من الوصول إليهم.

وحذرت منظمة الصحة العالمية قبل أيام، من أن قطاع غزة، لا سيما شطره الشمالى، يعانى من نقص حاد فى الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه.

وقال ممثل المنظمة فى الأراضى الفلسطينية ريك بيبركورن، إن 22 طلبًا لتنفيذ مهمات طبية فى شمال غزة قُدمت خلال نوفمبر، لكن تم تسهيل 9 فقط منها.

ريبوتات متفجرة

 


رواية المتحدث الرسمى باسم المكتب الإعلامى الحكومى بغزة، تيسير محيسن، حول «تبخر أجساد» بفعل استخدام أسلحة غير تقليدية، لم تختلف كثيرا عما رصده المدير العام لوزارة الصحة.

ويبرز محيسن، فى حديث خاص من غزة لـ«الشروق»، أن عددًا من الناجين فى منطقة بيت لاهيا أبلغنا باستخدام الاحتلال ريبوتات متفجرة، عبارة عن مجسم يشبه الدبابة، لكن بحجم أصغر، مليئة ببراميل تحمل مواد سائلة، وليس متفجرات صلبة كما هو متعارف عليه.

وبشأن تأثير استخدام تلك الريبوتات المتفجرة، أشار المسئول الفلسطينى إلى أن هذه المواد عندما تنفجر فى مربعات سكنية، تحول الحى السكنى إلى منطقة محروقة تمامًا، وأى جسد لإنسان أو جسم حيوان يتعرض له يذوب تمامًا، ولا يبقى أى بقايا له فبعض الضحايا لا نجد لهم جثامين، إلا من بقايا ملابسهم.

ووفقًا لمحيسن، الذي استشهد نجله أثناء كتابة هذا التحقيق الصحفي، فإن ما يجرى فى منتهى الخطورة، حيث لا يسمح بدخول منظمات دولية لشمال القطاع، للتحقيق ووضع آثار المواد المتفجرة تحت الفحص والتدقيق عبر مختبرات خاصة لاستنتاج ماهيتها ومكوناتها وتركيبتها.

غير قابلة للحياة

 


وحول هدف الاحتلال، يقول المتحدث باسم المكتب الإعلام الحكومى فى غزة، إن إسرائيل تريد تحويل شمال غزة، إلى منطقة غير قابلة للحياة، فيدمر كل شىء أمامه ليس فقط البنايات السكنية، بل المستشفيات أيضًا التى أصبحت أغلبها خارج الخدمة، إضافة إلى اعتقال الآلاف، والقتل المستمر فى الشوارع بشكل لا يتوقف.

ويتابع: «السكان المتبقون والذين لا يتجاوز أعدادهم نحو 75 ألف مواطن شخص، يتوزعون على أكثر من منطقة سواء كان فى منطقة صغيرة فى بيت لاهيا ومناطق أخرى فى جباليا، ويحتمون بجدران منازلهم أو ما تبقى منها».

«ويعيش هؤلاء على ما تبقى لديهم من مواد غذائية قد تكفيهم أو لا، ومن يخرج منهم يحاول البحث عن أى شىء يمكن أن يحصل عليه ليبقى على قيد الحياة فإنه قد يتعرض للقتل المباشر من قبل الاحتلال»، بحسب المسئول الفلسطينى.

وأعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازارينى، فى تصريح أخير على منصة إكس، أن العملية العسكرية الجارية فى شمال غزة شرّدت 130 ألف شخص.

«دايم» الفتاكة

 


وفى تفسيره لأسباب تبخر الأجساد، يقول اللواء يوسف شرقاوى الخبير العسكرى والاستراتيجى الفلسطينى، فى حديث لـ«الشروق»، إن إذابة الجثث وتبخرها يحدث بفعل الحرارة العالية جدًا التى تنبعث مع قوة وسرعة الانفجار عند حدوثه، والذى يؤدى إلى تحوّل الأجساد الواقعة فى مركز الاستهداف إلى ذرات صغيرة.

ويضيف: «السلاح المستخدم فى تبخر الأجساد، معدل عن أسلحة (دايم) الأمريكية الفتاكة المتحكم بها عن بُعد ذاتيًا، التى تستخدم فى المناطق التى تتسم بكثافة بشرية للفتك بالسكان والمبانى».

وبسؤاله عن أبرز أنواع الأسلحة الفتاكة التى تستخدمها إسرائيل فى شمال غزة، يقول إن الاحتلال يستخدم أسلحة غير تقليدية فى جباليا وبيت لاهيا، ومن بينها براميل البارود والروبوتات المتفجرة، والطائرات المسيرة «كواد كابتر» لمن يتحرك من السكان الذين تبقوا فى الشمال، إضافة إلى القصف الجوى المستمر والقنابل الحارقة، وبنادق القنص، وهناك أسلحة أخرى لم يبلغ عنها ولم ترصد بعد.

ويذهب الخبير العسكرى الفلسطينى إلى أنه جرى استخدام غزة لاختبار أسلحة جديدة أمريكية، وبسبب ظروف الحرب القاسية، لم تتمكن المختبرات العاملة فى غزة من أخذ عينات من الجثث، والتربة والهواء لتحديد ماهية هذه الأسلحة بدقة وإعلان ذلك على الملأ.

لكن شرقاوى ينبه أنه عند انتهاء الحرب، سيقوم فريق محلى ودولى بفحص البيئة التى استخدمت عليها تلك الأسلحة، وقد يشمل هذا البحث والتحليل الجرحى وحتى الجثث فى المقابر، وقد تقيد تلك الأسلحة ضمن أسلحة التدمير الشامل المتحكّم بها عن بُعد.

تناثر الجثث

 


مستشفى كمال عدوان، عاد من جديد ليكون محط تركيز عمليات عسكرية تشنها إسرائيل فى شمال قطاع غزة. وتزعم تل أبيب أنها تستهدف منع المسلحين من إعادة تنظيم صفوفهم.

ويقول حسام أبوصفية، مدير مستشفى كمال عدوان فى بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، إن الوضع داخل المستشفى وحوله كارثى، بعد اقتحام قوات إسرائيلية المستشفى وأمرت بإجلاء بعض العاملين والنازحين ثم انسحبت، وتناثرت الجثث فى الشوارع المحيطة جراء الغارات الجوية.

ويذكر مدير المستشفى حسام أبو صفية، فى بيان تلقت «الشروق» نسخة منه، أنه فى البداية، كانت هناك سلسلة من الغارات الجوية على الجانبين الشمالى والغربى من المستشفى، مصحوبة بنيران كثيفة ومباشرة ثم فوجئنا بدخول شخصين إلى المستشفى، حاملين مكبر صوت وأمرًا بإخلاء جميع المرضى والنازحين وأفراد الطاقم الطبى، وإجلاء الجميع إلى ساحة المستشفى وإخراجهم بالقوة إلى نقطة التفتيش، بعد ذلك، عادوا إلىّ، وطلبوا مرافقًا واحدًا لكل مريض ونازح للمساعدة فى الإخلاء، مردفًا: «الإمدادات الطبية على وشك النفاد، وليلة الجمعة تم استهداف مولدات الأكسجين».

مجازر يومية

 


وبلغة الأرقام الدالة على الجرائم الإسرائيلية فى الشمال، أفاد صلاح عبدالعاطى، الحقوقى الفلسطينى، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينى (حشد)، بأن الاحتلال يرتكب جرائم إبادة وتطهير عرقى بالغة الوحشية بشكل متواصل لليوم 65 على مناطق شمال غزة، مفصلًا: «ارتكبت قوات الاحتلال أكثر من 109 مجازر، تسببت فى مقتل واستشهاد قرابة 4000 شهيد، وأكثر من 10 آلاف جريح فيما لا يزال مئات المفقودين والشهداء تحت الركام وفى الطرقات جراء الإخلاء القسرى».

وأضاف عبدالعاطى لـ«الشروق»، أنه جرى تدمير شبه كلى لمدينة جباليا ومخيم جباليا وحى تل الزعتر ومشروع بيت لاهيا ومدينة بيت لاهيا، وإهلاك لكل مقومات الحياة بما يضمن إجراء تغيير جغرافى وديمغرافى فى واقع قطاع غزة ويمهد الطريق لجرائم الضم، وعودة الاستيطان الاستعمارى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك