تقرير: ويليام بيرنز.. الوجه الهادئ للاستخبارات يعيد سي آي إيه إلى مهمتها الأساسية - بوابة الشروق
الخميس 19 سبتمبر 2024 7:16 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تقرير: ويليام بيرنز.. الوجه الهادئ للاستخبارات يعيد سي آي إيه إلى مهمتها الأساسية

واشنطن (د ب أ)
نشر في: الأربعاء 11 مايو 2022 - 10:55 ص | آخر تحديث: الأربعاء 11 مايو 2022 - 10:55 ص

احتلت المعلومات الاستخباراتية الدور الأبرز في الفترة التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث جرى الكشف تباعا عن التحركات والحشود الروسية التي كانت تتأهب للتوغل داخل الأراضي الأوكرانية، بالرغم من نفي موسكو حينها أنها تنوي القيام بعمل عسكري.

وكشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) مرارا عن التحركات الروسية، مما ساعد في التمهيد لكسب التأييد واسع النطاق الحالي لأوكرانيا.

وقال الإعلامي المغربي أحمد الشرعي عضو مجلس إدارة المجلس الأطلنطي، ومجموعة الأزمات الدولية، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومعهد أبحاث السياسة الخارجية، ومركز ناشونال انتريست إن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في عهد ويليام بيرنز قد عادت لدورها المعهود.

وأضاف الشرعي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية أن بيرنز اكتسب ثقة ودعم كل من الرؤساء الديمقراطيين والجمهوريين على مدى اثنين وثلاثين عاما في الخدمة الخارجية الأمريكية، حتى أن الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش اختاره بعناية للقاء سري عام 2008 مع القادة الإيرانيين. وكان واحدا من أصغر من تمت ترقيتهم إلى رتبة سفير محترف، أي ما يعادل جنرالا من فئة الأربع نجوم في القوات المسلحة الأمريكية. وحصل ترشيحه من قبل الرئيس جو بايدن، للعمل كمدير لوكالة المخابرات المركزية، على موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع في مارس 2021.

واستشهد بايدن بتعامل بيرنز الماهر مع "القضايا الشائكة". وكان بايدن على حق، ويثبت بيرنز أنه واحد من أكثر من قام بتعيينهم دهاء، وفقا للشرعي.

وفي عامه الأول، استعرض بيرنز مهاراته الكبيرة متمثلة في خبرته الطويلة التي اكتسبها بشق الأنفس، وطباعه الودية وقدرته على الاستماع، لاستعادة التعاون الاستخباراتي والدبلوماسي مع حلفاء الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.

ويقول الشرعي إن الدبلوماسية الشخصية، قد عفا عليها الزمن في وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية. لكن بيرنز الذي يجيد اللغتين الروسية والعربية، يعرف أن هذا النهج قد أتى بثماره في الماضي. وقد أسفر الاتصال المباشر مع ملك الأردن وإمبراطور الكونغو وزعيم ليبيا الراحل عن إنجازات دبلوماسية في العقود الماضية. ويمكن أن ينجح هذا مرة أخرى ، إذا تمت تجربته. وفعل بيرنز ذلك.

كما أعاد بيرنز وكالة الاستخبارات المركزية إلى مهمتها الأساسية، حيث جمع معلومات استخبارية عن منافسي أمريكا، بما في ذلك أقدم منافس عالمي لها، وهي روسيا.

وقد ثبت أن كل هذا ضروري عندما دخلت دبابات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أوكرانيا في 24 فبراير.

ويواجه بيرنز الآن بوتين، وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات السوفييتية (كي جي بي). وتعلم بوتين من خلال تواجده في ألمانيا الشرقية في ثمانينيات القرن الماضي كيفية استخدام الجماعات بالوكالة لتنفيذ هجمات "يمكن إنكارها" وكيفية التلاعب بالمثل الغربية حول تقرير المصير والهوية الوطنية وحقوق الإنسان لمصلحته الخاصة. والآن يستخدم بوتين مجموعة أدواته المتلاعبة نفسها لربط شرق أوكرانيا بروسيا.

وفي مواجهة مثل هذا الخصم القوي، طرح بيرنز سلاحا جديدا ، يستمد قوته بشكل فريد من وسائل التواصل الاجتماعي.

وتقليديا، كانت وكالة الاستخبارات المركزية تجمع المعلومات بهدوء، وتشاركها فقط مع مسؤولين أمريكيين مختارين بعناية، لذلك لن يعرف الهدف أبدا أن أسراره قد سرقت. لكن ماذا لو عكست الوكالة كل هذه الأشياء الثلاثة؟.

لقد قرر بيرنز البدء في الكشف عما تعرفه الوكالة. وتحت قيادة بيرنز، اختار عملاء الظلال الضوء كسلاح لهم، وقد ثبت ذلك أنه مدمر.

وبدءا من أول صور الأقمار الاصطناعية للقوات الروسية المحتشدة على طول حدود أوكرانيا في نيسان/أبريل 2021 ، اختار بيرنز وإدارة بايدن الكشف عن كل ما يعرفانه تقريبا عن خطط موسكو. ولم يسبق للولايات المتحدة أن نشرت مثل هذا القدر من المعلومات والتحليلات، بهذا القدر من التفصيل وبهذه السرعة والاتساق. ومع تقديم الكثير من البيانات الموضوعية للعامة، أصبحت الغالبية العظمى ترى روسيا كمعتد محتمل في عام 2021. وعلى مدار ذلك العام، حظيت سياسة بايدن المتمثلة في ردع الغزو عن طريق شحن الأسلحة إلى أوكرانيا، بدعم عام.

وبمجرد أن جاء الغزو الذي كان يخشى منه منذ فترة طويلة، سرعان ما تلقت الجماهير معلومات حول إخفاقات روسيا ومقاومة أوكرانيا العنيدة بشكل مدهش. وشهد العالم الفظائع الروسية، والإخفاقات اللوجستية، وانهيار معنويات القوات، وشكوك المجندين حول النصر. وسرعان ما أصبحت هذه المعلومات عملية "الحرب النفسية" الأكثر فعالية منذ الحرب العالمية الثانية عبر الإنترنت.

ووحدت سياسة المعلومات المفتوحة هذه الدعم الشعبي الغربي لديمقراطية محاصرة - أوكرانيا- سعت جارتها العملاقة إلى التهامها.

ويقول الشرعي إن اتساع نطاق ما كشفته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لم يسبق له مثيل. وشكك العديد من الحلفاء الأوروبيين في هذه المعلومات حتى لحظة الغزو.

لكن في الساعة 0540 من صباح 24 شباط/فبراير، أدرك العالم تماما أن وكالة الاستخبارات المركزية كانت تقول الحقيقة.

ومن خلال مشاركة أسرارها، وحدت وكالة الاستخبارات المركزية العالم ضد الغزو الروسي وجعلت من الصعب على بوتين إخفاء حقيقة هجومه الشرس.

ويضيف الشرعي أن أوكرانيا ليست الأزمة الوحيدة التي ظهرت فيها براعة الوكالة. فهناك جبهات أخرى من جبهات الحرب الباردة التي غابت طويلا وتعود إلى الحياة. ويفصل مضيق تايوان (ويعرف أيضا بمضيق فورموسي) الصين عن تايوان بالكاد بـ 100 ميل من المياه. وسرعان ما قد تعبر الصين ذلك المضيق بقوة. ويتقاسم الرئيس الصيني، شي جين بينج، الذي أعلن مع بوتين الصداقة التي لا حدود لها بين بلديهما قبل أسابيع قليلة من الغزو الروسي لأوكرانيا، مع حليفه بعض الصراحة بشأن نواياه. ولم يستبعد أبدا استخدام القوة "لإعادة توحيد" الجزيرة المتمردة.

وفي مواجهة خطر نشوب حرب على جبهتين إذا غزت الصين تايوان بينما تقاتل روسيا في أوكرانيا، زاد بيرنز من عدد موظفي وكالة الاستخبارات المركزية الذين يركزون على الصين، مضيفا العديد من المتحدثين باللغة الصينية إلى صفوف المحللين. والآن، تدرك الصين أن تحركاتها العدوانية نحو الديمقراطية في الجزيرة سوف يتم سردها للعالم.

كما أن شبه الجزيرة الكورية هي نقطة اشتعال أخرى. وضاعفت كوريا الشمالية عدد تجاربها الصاروخية الباليستية و"الهايبرسونيك" منذ كانون الثاني/يناير، حتى أنها أطلقت صواريخ يمكن أن تضرب لوس أنجليس أو سان فرانسيسكو.

وتختبر إيران أيضا صواريخ أرضية وبحرية، يمكن أن تمطر إسرائيل أو حلفاء أمريكا العرب والأوروبيين. ويطلق حلفاء إيران في اليمن، الحوثيون الشيعة، الصواريخ بشكل روتيني لقتل وتشويه المدنيين في السعودية والإمارات، وهما شريكان رئيسيان للولايات المتحدة.

أضف إلى ذلك الجائحة المستمرة، والارتفاع المزعزع للاستقرار في أسعار الغذاء والطاقة في جميع أنحاء العالم، والتهديد الذي يهدد سيادة الدولار الأمريكي، وتغير المناخ. وتواجه وكالة الاستخبارات المركزية إعصارا من الأزمات، تتراوح بين الأزمات العاجلة والمهمة.

وتوقع قليلون أن يؤدي الإفراج المستمر عن المعلومات الاستخباراتية من قبل وكالة الاستخبارات المركزية إلى توحيد العالم ضد روسيا. والآن حدث ذلك بالفعل. وبالنسبة للصين والتهديدات الأخرى، قد يكون لدى بيرنز بعض البطاقات الجديدة الأخرى في جعبته.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك