وعود بوتين الاجتماعية تبدو على وشك تكوين مركز جديد للقوة - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 8:54 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وعود بوتين الاجتماعية تبدو على وشك تكوين مركز جديد للقوة

واشنطن - د ب أ
نشر في: الثلاثاء 12 مارس 2024 - 12:55 م | آخر تحديث: الثلاثاء 12 مارس 2024 - 12:55 م

مع تقديم وعود اجتماعية جديدة، يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى إنشاء مركز جديد للقوة داخل روسيا قد يؤدي إلى تغييرات في توزيع السلطة والتوازنات السياسية داخل روسيا، مما يجعل هذا الموضوع محور اهتمام الشريحة السياسية والمجتمع الروسي بشكل عام.

وقال الباحث أندريه بيرتسيف، في تقرير نشرته مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن التزامات الإنفاق الاجتماعي التي قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه السنوي في فبراير تشير إلى أن مسئولا روسيا على الأقل سيحصل على وظيفة جديدة ذات تأثير. ومن المرجح أن يكون الشخص المحظوظ إما نائب رئيس وزراء بصلاحيات موسعة، أو منسق خاص. وفي كلتا الحالتين، سيحصل على فرصة وصول منتظم إلى الرئيس، وفرصة لصرف مبالغ كبيرة، مع توافر الأدوات اللازمة لتشكيل صورته العامة. وهذا سيخلق تلقائيا مركزا بديلا للقوة داخل الحكومة.

ولم يقدم بوتين أي التزامات انتخابية قبل انتخابات الرئاسة في روسيا في مارس. وبدلا من ذلك، اختار استخدام خطابه حالة الأمة للإعلان عن خمسة "مشاريع وطنية" جديدة بعناوين "الكوادر" و"شباب روسيا" و"الأسرة" و"حياة طويلة وفعّالة" و"اقتصاد البيانات". وتتجه أربعة منها بوضوح نحو الجانب الاجتماعي، وستشمل الرهن العقاري المدعوم والمساعدات الاجتماعية للأسر وزيادة الرواتب لموظفي الدولة بالإضافة إلى بناء وتحديث المدارس والجامعات والمستشفيات.

والتفسير واضح، وهو أن الكرملين يحصد أكبر عوائد سياسية من الإنفاق الاجتماعي. ويلاحظ أفراد الشعب ذلك دائما عندما يتم تجديد مدرسة محلية أو مستشفى. وبالطبع، تستفيد من هذه المشاريع الحكومات المحلية والحزب الحاكم "روسيا المتحدة"، ولكن الفائدة الرئيسية تعود إلى بوتين.

وستكون المشاريع الوطنية الجديدة أيضا فرصة ذهبية لجميع المشاركين في تنفيذها، ولاسيما نائب رئيس الوزراء المسئول عن الشؤون الاجتماعية. وحاليا، تتولى هذا المنصب تاتيانا جوليكوفا، ولكن بعد الانتخابات الرئاسية لهذا الشهر، ستكون هناك حاجة لتقديم استقالة الحكومة، ومن المرجح أن يحدث إعادة ترتيب. وبدرجة أقل، سيكون نواب رؤساء الوزراء المسئولين عن الصناعة والبناء أيضا معنيين.

ويقول بيرتسيف إن هناك عدة فوائد ممكنة لهؤلاء المديرين. أولا، من خلال التلاعب في عملية تقديم العروض، يمكنهم اختيار منح العقود لشركات "صديقة" يناسبهم العمل معها.

وثانيا، سيحصلون على فرصة الوصول إلى بوتين، الذي سوف يستضيف على الأرجح اجتماعات منتظمة حول تنفيذ المشاريع الوطنية، سواء في الجلسات العلنية أو وراء أبواب مغلقة. وهذا ما حدث مع أول أربع مشاريع وطنية في روسيا عند إطلاقها في عام 2005.

ويضيف أن التواصل الوثيق مع بوتين يعد موردا قيما للغاية في الهرم السلطوي الروسي، حيث يمنح مكافآت مالية وسياسية وغالبا ما يفوق ذلك التواصل ما ينطوي عليه المنصب الرسمي. وأفضل مثال على ذلك هو دميتري ميدفيديف، الذي كان أول شخص يتم تعيينه للإشراف على المشاريع الوطنية في عام 2005. وكان ميدفيديف، وهو نائب رئيس الوزراء آنذاك، قد اختاره بوتين ثلاث سنوات لاحقا ليخلفه كرئيس للبلاد.

وسيكون من السهل على الشخص المسئول عن المشاريع الوطنية تحقيق سمعة إيجابية لنفسه. وفي الواقع، سيكون قادرا على تثبيت أقدامه كشخصية ودية، توزع المال بسخاء غير محدود. ويمكن اللوم في حال حدوث أي مشكلات على الأشخاص في الحكومة المسئولين مباشرة عن الاقتصاد. وستكون هذه الوظيفة فرصة مثالية للترويج للمكانة الشخصية.

وبالطبع، سيتعين على من يحصل على هذه الوظيفة أن يكون حذرا حتى لا يظهر أنه يوزع مزيدا من النقود أكثر من بوتين. ويقول بيرتسيف إنه من الواضح أنه من الممكن أن يكون لديك سمة شخصية خاصة في السياسة الروسية. على سبيل المثال، قام رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين بصياغة صورة لنفسه على أنه شخص يتمتع بمهارات وكفاءات عالية. أما الملف الشخصي لسيرجي كيريينكو، نائب كبير الموظفين في الكرملين المسئول عن الشئون الداخلية، فإنه شيء على غرار "لورد دونباس"، الذي يتفقد البنية الأساسية الاجتماعية في شرق أوكرانيا الذي تحتله روسيا ويقدم الدعم السخي في هيئة معاشات ورواتب.

والواقع أن كيريينكو هو بلا شك المرشح الأوفر حظا لمنصب نائب رئيس الوزراء الذي يشرف على المشاريع الوطنية التي تركز على المجتمع. وبصرف النظر عن مشاركته الوثيقة في القضايا الاجتماعية في أوكرانيا المحتلة، ترأس سابقا شركة روساتوم النووية الحكومية، التي أدارت الكثير من المشاريع الاجتماعية، وسبق له العمل لفترة قصيرة رئيسا للوزراء في تسعينيات القرن العشرين. كما أنه يعمل بشكل وثيق مع وزارات الشئون الاجتماعية في الحكومة، وساعد في تطوير المكون الأيديولوجي للمناهج الدراسية في روسيا ودورة جامعية جديدة بعنوان "أساسيات الدولة الروسية"، ونظم مؤتمرات ومنتديات كبرى.

وبالطبع، هناك مرشحون محتملون آخرون. وقد أشرف نائب رئيس الوزراء يوري تروتنيف، وهو أيضا المبعوث الرئاسي إلى الشرق الأقصى، منذ فترة طويلة على مشاريع اجتماعية ومشاريع بنية تحتية في ذلك الجزء من البلاد، ذلك إلى جانب مارات خوسنولين، أحد المفضلين لدى بوتين، الذي يقدم تقارير منتظمة إلى الرئيس حول نجاح مشاريع البنية التحتية الطموحة. وهناك أيضا نائب رئيس الوزراء ديمتري تشيرنيشينكو، الذي يشرف على شئون الرقمنة والرياضة، ويتمتع بتأييد بوتين. ومع ذلك، لا أحد منهم مناسب تماما مثل كيريينكو.

ويقول بيرتسيف إنه بأي حال من الأحوال، سيؤدي إنشاء منصب نائب رئيس الوزراء الجديد إلى تغيير كبير في توازن القوى داخل النظام البيروقراطي الروسي. وبناء على صعود ميديفيدف من المشاريع الوطنية إلى الرئاسة، فإن التعيين سيعني أن النخبة تبدأ في التفكير في خلف محتمل لبوتين. والشخص الذي سيحصل على هذه الوظيفة سيُنظر إليه بالتأكيد بنظرة جديدة. وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن ظهور مركز جديد للتأثير في الحكومة يولد صراعات مع رئيس الوزراء، الذي سيكون مطالبا بالعثور على المال.

ويختم بيرتسيف تقريره بالقول إنه لسنوات عديدة حتى الآن، تجنب بوتين إجراء تعديل وزاري كبير بين كبار المسئولين الروس من أجل تجنب أي تكهنات حول انتقال السلطة أو خلفائها. ومع ذلك، ليس لديه الآن خيار سوى تمكين لاعب سياسي رئيسي جديد.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك