تُقام الدورة السادسة عشرة من مهرجان الفيلم العربى فى برلين، خلال الفترة من 23 إلى 30 أبريل المقبل، وتضم مجموعة كبيرة من الأفلام الروائية والوثائقية والقصيرة.
يُفتتح المهرجان بفيلم «إلى أرض مجهولة» للمخرج مهدى فليفل، إنتاج فلسطين، السعودية، المملكة المتحدة. قطر، وعُرض الفيلم لأول مرة فى مهرجان كان السينمائى الدولى، وحصل على جائزة فى مهرجان ميونيخ السينمائى الدولى، ويُعرض حاليًا فى دور السينما بالمملكة المتحدة.
يأخذ فيلم «إلى أرض مجهولة» جمهوره إلى أثينا، حيث يُكافح ابنا العم «شاتيلا» و«رضا» مصيرًا يُشبه مصير مئات الآلاف من الفلسطينيين حول العالم من واقع حياة اللاجئين العالقين على حدود أوروبا؛ حيث يحلمون بالوصول إلى ألمانيا وبدء حياة جديدة كريمة هناك. يُكافحان يوميًا للهروب من بؤسهما وتأمين مستقبل أفضل لأنفسهما.
ويطرح الفيلم تساؤلاته: هل من مخرج للمنكوبين؟ كيف يُمكن الحفاظ على الإنسانية عندما يولد المرء فى حياةٍ مُشبعة بقسوةٍ مُستمرة فى عالمٍ تُشكّله التعصب العنصرى وعدم المساواة الاجتماعية؟ الفيلم تم عرضه لأول مرة فى مهرجان كان السينمائى لعام 2024 وفاز بجائزة الجمهور فى مهرجان ثيسالونيكى السينمائى.
يحمل قسم «بقعة ضوء الفيلم» لهذا العام عنوان «مستقبل ملغى، ماضٍ لا نهاية له: الخيال التأملى والتخريب الأرشيفى لوضع ما بعد الاستعمار»؛ حيث يركز على لجوء السينما العربية للخيال، لأساليب الواقعية السحرية، والمساءلة النقدية للأرشيف كأدوات لمجابهة وتحليل عواقب الاستعمار وصيرورته فى حاضر المنطقة العربية.
يعرض المهرجان تجارب سينمائية ذات قيمة فنية عالية وارتباط وثيق بقضايا الساعة، حيث تُسلّط مجموعة الأفلام الضوء على ثراء المشهد السينمائى العربى المعاصر من خلال إنتاجات سينمائية من العامين الماضيين.
من الافلام المشاركة الفيلم المصرى القطرى «مُعطر بالنعناع» تأليف وإخراج محمد حمدى، وبطولة علاء الدين حمادة، ومهدى أبو بهات، وعبد الرحمن زين الدين، وحاتم مصطفى، ويرصد القاهرة فى حالة ما بعد نهاية العالم، كمدينة من الظلال والأشباح. من خلال الطبيب بهاء الذى يستقبل مرضاه فى غرفة مظلمة فى عيادته، وتستشيره أم قلقة على حالة ابنها، الذى يعود للظهور منذ وفاته، وينكشف عالم غريب حيث يتعين على رجال ذوى ماضٍ مضطرب أن يصارعوا أوراق النعناع التى تنبت من رءوسهم وندوبهم المفتوحة. كما يجب عليهم الهرب من رجال آخرين مجهولين يسعون للنيل منهم، ويصبح تدخين الحشيش وتلاوة الشعر الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة فى عالم يحكمه التخدير ويبتلعه الخوف. فى هذا الفيلم، يُقدّم المخرج المصرى تجربته الإخراجية الروائية الأولى، مُظهرًا براعة فى السرد القصصى الشعرى وثراءً بصريًا لافتًا. وقد عرض للمسابقة الرسمية لمهرجان مراكش، واسبوع النقاد بمهرجان فينيسيا.
والفيلم الوثائقى السورى «ذاكرتى مليئة بالأشباح» إخراج أنس الظواهرى، وفى أحداث الفيلم تُعرف حمص بـ«عاصمة الثورة»، وكانت فى قلب الانتفاضة السورية؛ حيث شهدت بعضًا من أوائل الاحتجاجات وأكثرها حدة قبل أن تُعانى حصارًا مدمرًا بين عامى ٢٠١١ و٢٠١٤. بعد سنوات من ذلك، يُجسد الفيلم من خلال ملاحظات دقيقة وتركيبات كاميرا ثابتة واقع أولئك الذين بقوا أو عادوا إلى مدينة غيّرتها الحرب إلى الأبد، ويكشف كيف تُعيد الحرب تشكيل ليس فقط المناظر الطبيعية، بل نسيج الذاكرة أيضًا. تُضفى أصوات السكان، المسموعة بعيدًا عن الكاميرا، حضورًا شبحيًا، وتعكس مجتمعًا يُصارع ماضٍ مسكون، بينما يُعيد بناء حياته وسط الأنقاض، مُمزجًا الماضى بالحاضر.
حصد فيلم «ذاكرتى مليئة بالأشباح» جائزة أفضل فيلم وثائقى عربى فى مهرجان الجونة السينمائى، وجائزة أفضل فيلم فى أيام الأفلام الوثائقية السورية فى الدنمارك.