• بول سالم: ترامب سيسعى لإنهاء الحروب وفق شروط إسرائيل.. والسعودية ستشترط إقامة دولة فلسطينية للتطبيع
• احتمالية التوصل إلى تهدئة فى غزة باتت ممكنة.. و«حماس» تواجه تحديات كبيرة
• «حزب الله» سيستطيع بناء قيادات جديدة خلال الـ 4 سنوات المقبلة
•واشنطن تسعى للضغط على طهران اقتصاديًا دون الرغبة فى خوض حرب مباشرة معها
• ترامب اكتسب خبرة كبيرة بعدما كان مبتدئا فى السياسة.. وسيكون أكثر تحكما فى مفاصل الإدارة بولايته الثانية
أكد الدكتور بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط فى واشنطن، أن تصاعد الحرب فى غزة وجنوب لبنان والتوترات المتزايدة مع إيران دفع الولايات المتحدة إلى إعادة ترتيب أولوياتها، واضعة الشرق الأوسط على رأس قائمة اهتماماتها.
وأوضح سالم، فى حوار لـ «الشروق»، أن إدارة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب ستختلف عن الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن تجاه ملفات الشرق الأوسط والحرب المتصاعدة حيث سيسعى لكى يكون أكثر حسما فى إنهاء الحروب، فترامب معروف بأنه «رجل الصفقات».
وأكد نائب رئيس معهد الشرق الأوسط أن ترامب قد يلجأ للضغط على إسرائيل بوسائل مختلفة إذا لزم الأمر لإنهاء الحرب رغم دعمه لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، موضحا أنه لديه طموح بعقد اتفاقية بين السعودية وإسرائيل خاصة مع اهتمامه بدول الخليج العربى، كما أن الموقف الأمريكى منفتح كذلك لعقد اتفاقية مع إيران.
وشدد سالم على الموقف المصرى من القضية الفلسطينية وتهدئة التصعيد فى المنطقة، والذى وصفه بأنه «صلب وواضح وقوى وصامد» بوجه مخطط تهجير الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الجهود العربية المكثفة قد تقود إلى وقف إطلاق النار قريبا فى غزة، لذلك فاحتمالات التوصل إلى تهدئة باتت ممكنة، مع احتمالية دخول قوات عسكرية متعددة الجنسيات إلى المنطقة.
وإلى نص الحوار:
< كيف سيكون تعاطى إدارة ترامب مع ملفات الشرق الأوسط خاصة فى ظل الحروب الحالية بين إسرائيل وغزة ولبنان؟
ــــ إن تصاعد العنف فى غزة والتوترات المتزايدة مع إيران دفع الولايات المتحدة إلى إعادة ترتيب أولوياتها، واضعة الشرق الأوسط على رأس قائمة اهتماماتها.
فالوضع الحالى مختلف بشكل كبير؛ حيث توجد صراعات قائمة فى غزة ولبنان، إضافةً إلى التوتر مع إيران، ومع ذلك، فترامب يدعم بنيامين نتنياهو بشكل كبير ويريد انتهاء هذه الحروب قبل أن يتولى منصبه فى 20 يناير، مما يضع ضغوطا على نتنياهو لإنهاء العمليات العسكرية فى غزة.
أما بالنسبة للبنان، فهناك مفاوضات جارية بين إسرائيل ولبنان حول تطبيق قرار الأمم المتحدة 1701، وقد يكون هناك استعداد من الجانب اللبنانى للتعاون بهذا الشأن.
< بخصوص مسار التطبيع، هل من المتوقع أن تنضم السعودية إلى الاتفاقيات الإبراهيمية خلال ولاية ترامب الثانية؟
ــــ واشنطن تنظر إلى الرياض كحليف استراتيجى مهم فى المنطقة، وتسعى جاهدة لضمان استمرار هذه العلاقة، خاصة فى ضوء التحديات الإقليمية المتزايدة. فالمصلحة الرئيسية لأمريكا هى الطاقة وعلاقتها بدول الخليج تتمحور حول النفط والغاز بينما تتمثل المصلحة الثانية فى العلاقات الاقتصادية فيما يتعلق بمستوى المشتريات من جانب دول الخليج وهو ما يعنى خلق مزيد من الوظائف فى أمريكا.
وترامب لديه طموح بعقد اتفاقية بين السعودية وإسرائيل خاصة مع اهتمامه بدول الخليج العربى كما أن الموقف الأمريكى منفتح كذلك لعقد اتفاقية مع إيران.
ولكن السعودية، لديها شرط أساسى للتطبيع مرتبط بقيام دولة فلسطينية، وهذه النقطة قد تكون تحديا لترامب؛ لأنه يدعم اليمين الإسرائيلى الذى يرفض فكرة الدولة الفلسطينية، وبالتالى قد يضطر لتقديم تنازلات أو صيغة توافقية لضمان انضمام السعودية للتطبيع.
< هل سيسعى نتنياهو خلال المفاوضات لضم أراضٍ فلسطينية جديدة؟
ــــ إسرائيل تنتظر من أمريكا دعمها فى ضم أراض جديدة من المستوطنات بالضفة الغربية، إذ يعد ترامب داعما لليمين الإسرائيلى واحتلال إسرائيل لغزة.
< ما هو مستقبل حركة حماس الفلسطينية بعد التطورات الأخيرة فى المنطقة؟
ــــ حماس تواجه تحديات كبيرة بعد التطورات الأخيرة، وقد يكون من الصعب الحفاظ على وضعها كمنظمة مسلحة، إذ إن المجتمع الدولى ومعظم الدول العربية لا يقبلون بدور عسكرى لحماس، لذلك الحركة أمامها احتمال التحول إلى حزب سياسى ضمن السلطة الفلسطينية إذا تخلت عن السلاح، لكن حاليًا، تعتمد حماس على المحتجزين الإسرائيليين كوسيلة للضغط فى المفاوضات.
< هل أثرت الضغوط الأمريكية على موقف قطر من حماس؟
ـــــ قطر تتعرض لضغوط واضحة من الإدارة الأمريكية، وقد تجد نفسها مضطرة لتجميد علاقاتها مع حماس فى محاولة لتجنب أى تداعيات أو صدامات مع واشنطن.
< ماذا عن الموقف الأمريكى تجاه الصراع بين إسرائيل وإيران؟
ــــ نحن أمام مرحلة خطرة، فمن الآن حتى 20 يناير قد تتصاعد الأمور بين إسرائيل وإيران.
وإذا استمرت الحرب إلى ما بعد هذا التاريخ، فترامب عندما يأتى للبيت الأبيض سيضغط على إسرائيل لإنهاء التصعيد، فهو يمتلك شخصية قوية، وقد يلجأ للضغط على تل أبيب بوسائل مختلفة إذا لزم الأمر، رغم دعمه لنتنياهو.
< ماذا تحمل أجندة ترامب بشأن استراتيجية التعامل مع إيران؟
ـــــ سياسة ترامب تجاه إيران تركز بالأساس على منع إيران من امتلاك سلاح نووى، مع الحد من أنشطة ميليشياتها التى قد تهدد القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط.
والولايات المتحدة تسعى للضغط على إيران اقتصاديًا دون الرغبة فى خوض حرب مباشرة معها، فقد يكون الهدف النهائى الوصول إلى اتفاق، لكن إذا لم توافق إيران على الشروط الأمريكية، فسيستمر الضغط الاقتصادى.
وبالنسبة لإسرائيل، هناك دعم أمريكى واضح للضغوط الاقتصادية ضد إيران، ولكن واشنطن تفضل تجنب تصعيد يصل إلى مستوى الحرب.
< كيف يختلف موقف الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان عن القيادة الإيرانية العليا فيما يتعلق بالمفاوضات؟
ــــ الرئيس الإيرانى لا يملك القرار النهائى فى السياسة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالمفاوضات مع الولايات المتحدة. هذا القرار يعود للمرشد الأعلى، على خامنئى. وقد يكون الرئيس الإيرانى ميالًا للتفاوض، لكن فى النهاية، القرار النهائى يبقى بيد خامنئى، الذى قد يمنع التفاوض إذا رأى ذلك مناسبًا.
• ماذا عن «حزب الله» اللبنانى، كيف ترى صراعه الحالى مع إسرائيل؟
ــــ ربما استطاعت إسرائيل القضاء على قيادات حزب الله فى لبنان بعد التخلص من القيادة التقليدية الممثلة فى أمينه العام حسن نصر الله إلا أن الحزب سيستطيع بناء قيادات جديدة للحزب خلال الأربع سنوات المقبلة على الأرجح.
والوضع فى لبنان مأساوى خاصة فى الجنوب والبقاع الشمالى وذلك مع نزوح نحو أكثر من مليون و200 ألف شخص فى لبنان، لكن هناك اتفاقا بين الأحزاب فى لبنان على انتخاب رئيس جمهورية بعد فراغ المنصب منذ نحو عامين.
< ما هى الاختلافات التى يمكن أن نراها بين ولاية دونالد ترامب المرتقبة وولايته السابقة بين عامى 2016 و2020؟
ـــــ بالطبع هناك استمرارية، ولكن ترامب اكتسب خبرة كبيرة؛ فبعد أن كان مبتدئا فى السياسة عندما تولى منصبه لأول مرة فى 2017، أصبح لديه الآن أربع سنوات من الخبرة كرئيس، وأربع سنوات أخرى راقب فيها إدارة بايدن وفكر فى تحضيرات لولاية ثانية.
لذلك من المتوقع أن يكون أكثر تحكما فى مفاصل الإدارة وسيختار فريق عمل يتماشى معه بشكل تام، ما قد يجعله أكثر حزما فى القرارات، سواء الداخلية أو الخارجية.
< برأيك، هل كان للقضية الفلسطينية وما يحدث فى الشرق الأوسط تأثير على الانتخابات بين ترامب وهاريس؟
ــــ بالطبع، فهناك تغيرات كثيرة طرأت مؤخرا على المشهد السياسى فى الولايات المتحدة، حيث ظهر أن هناك تحولا ملحوظا فى مواقف الشباب الأمريكيين، وتعاطفا واضحا متزايدا من الجيل الأمريكى الجديد مع القضية الفلسطينية.
< هل نرى دورا مؤثرا للجاليات العربية فى المشهد الأمريكى كما اللوبى اليهودى؟
ـــــ بالفعل أظهرت الجاليات العربية فى الولايات المتحدة نفوذها فى الانتخابات الأخيرة، وكان للناخب العربى دور كبير فى حسم بعض الولايات، منها على سبيل المثال ما حدث فى ولاية ميتشجان. إلا أن تأثير اللوبى اليهودى فى السياسة الأمريكية لا يزال الأقوى وبمراحل بعيدة، فقوته لا تكمن فقط فى عدد الناخبين بل فى التمويل الكبير الذى يحظى به، والذى يقدر بمليارات الدولارات؛ مما يجعله قادرا على التأثير فى نتائج الانتخابات والسياسات الحكومية.
< ما رأيك فى موقف الدول العربية تجاه ما يحدث فى غزة وجنوب لبنان؟
ــــ هناك جهود عربية مكثفة قد تقود إلى وقف إطلاق النار قريبا فى غزة، لذلك فاحتمالات التوصل إلى تهدئة باتت ممكنة، مع احتمالية دخول قوات عسكرية متعددة الجنسيات إلى المنطقة.
ويجب أن أؤكد على ضرورة عدم اتكال الدول العربية على الأطراف الخارجية لحل مشكلات المنطقة، فقد يكون للقوى العالمية كأمريكا والصين دور فى الحل؛ لكن التحرك والجهد الداخلى يبقى له الدور والأهمية الأكبر.
< وماذا عن الدور الذى تلعبه مصر فى جهود التهدئة ووقف التصعيد؟
ــــ الموقف المصرى من القضية الفلسطينية صلب واضح وقوى وصامد بوجه مخطط تهجير الفلسطينيين؛ لكن مع ذلك لدى تخوفات من تزايد الضغوط على مصر.
< ما هى رؤيتك حول السياسات العالمية تجاه منطقة الشرق الأوسط؟
ــــ الصين تسلك نهجا مختلفا فى تعاملها مع المنطقة؛ فسياسة الصين فى الشرق الأوسط لا تتعارض بشكل مباشر مع سياسة الولايات المتحدة، حيث تدرك بكين صعوبة تواجدها العسكرى أو الاستراتيجى فى المنطقة، وتسعى بشكل أساسى لتعزيز مصالحها الاقتصادية فى الشرق الأوسط. وكلما كانت المنطقة العربية مشرذمة ومنقسمة استفادت من ذلك أمريكا والصين.
< هل أجندة اهتمامات الولايات المتحدة تشمل السودان ومياه النيل؟
ــــ أنا أستبعد أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورا فى ملف مياه النيل خاصة قضية سد النهضة، كما لا يوجد اهتمام منها بالكارثة السودانية الحاصلة حاليا.