أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، خلال مشاركتها في الحوار المجتمعي الذي نظمته الشبكة العربية للبيئة والتنمية "رائد" وجمعية المكتب العربي للشباب والبيئة، أن الحوار المجتمعي حول تطوير خليج حنكوراب بمحمية وادي الجمال يمثل خطوة أولى ضمن سلسلة من النقاشات الهادفة إلى تطوير المحميات الطبيعية بمشاركة السكان المحليين وأصحاب المصلحة.
وشددت الوزيرة على أهمية فتح المجال أمام الأفكار والمقترحات التي تساهم في عملية التطوير بطريقة متوافقة مع البيئة، مؤكدة أن الجميع شركاء في مسؤولية الحفاظ على الموارد الطبيعية. وأعلنت عن تشكيل لجنة علمية مختصة لمراجعة مخططات التطوير المقترحة، بحيث تتناسب مع طبيعة كل محمية وخطة إدارتها، مع انطلاق أولى جلسات مراجعة مخطط تطوير خليج حنكوراب.
مشاركة واسعة من الجهات المعنية
شهد الحوار حضور الدكتور علي أبو سنة، الرئيس التنفيذي لجهاز شؤون البيئة، والدكتور عماد عدلي، رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة، وعدد من نواب البرلمان، والخبراء البيئيين، والإعلاميين، وممثلي الجمعيات البيئية. وجاءت الجلسة استجابةً للتساؤلات المثارة حول الأنشطة الجارية في خليج حنكوراب، حيث تم استعراض الوضع البيئي وخطط التطوير المستقبلية.
وفي مستهل النقاش، أوضح الدكتور عماد عدلي أن الحوار يستهدف طرح رؤية مستقبلية للتطوير تحاكي التجارب العالمية في إدارة المحميات، بما يضمن تعزيز الجذب السياحي وتحقيق عوائد اقتصادية تدعم استدامة المحميات الطبيعية. وأشاد بقرار وزيرة البيئة بتشكيل لجنة علمية لدراسة المخططات المقترحة، لضمان توافقها مع الضوابط البيئية.
دراسات الأثر البيئي ضرورة أساسية
استمعت الوزيرة إلى مخاوف المشاركين وأكدت أن أي تطوير لن يتم إلا بعد الانتهاء من دراسات تقييم الأثر البيئي، مشيرة إلى أنه يجري حاليًا إعداد دراسة لتقييم مشروع تطوير رأس حنكوراب. وأوضحت أن هناك مشروعات مماثلة، مثل "ملاذ آمن" في الفيوم، الذي يُنفذ بالتعاون مع الأردن، ويهدف إلى حماية الحيوانات المهددة، كما أشارت إلى مشروع لإنشاء نُزل بيئي في محمية نبق.
دعوات لحماية الموارد الطبيعية
أكد الدكتور مصطفى فودة، الخبير البيئي، أهمية إنفاذ القوانين وتعزيز الاستثمار البيئي بطريقة تضمن صيانة المحميات واستدامتها، مع ضرورة أخذ رأي السكان المحليين والخبراء قبل تنفيذ أي مشروع.
من جانبه، شدد محمد كمال، مدير مؤسسة "جرينش"، على ضرورة عدم تنفيذ أي أعمال إنشائية مخالفة للمعايير البيئية في رأس حنكوراب، لافتًا إلى أن الموارد الطبيعية تعد ملكًا للشعب، والدولة مسؤولة عن حمايتها.
التعديات والتحديات البيئية
أعربت النائبة نورا علي، رئيس مجلس إدارة جمعية "هيبكا"، عن تقديرها للإجراءات السريعة التي اتخذتها وزارة البيئة لمواجهة التعديات، مؤكدة أهمية تنظيم حوارات مجتمعية أخرى لمناقشة قضايا المحميات بشفافية.
من جانبه، أشار الدكتور مجدي علام إلى أن العديد من الدول، مثل سويسرا، تحقق عوائد اقتصادية كبيرة من محمياتها رغم محدودية تنوعها البيولوجي مقارنة بمصر، داعيًا للاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال.
بدوره، أكد الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة الأسبق، أهمية مراعاة الأبعاد البيئية في التخطيط العمراني والسياحي للحفاظ على الموارد الطبيعية، مشيدًا بدور وزارة البيئة في الرقابة الصارمة على تنفيذ المشروعات داخل المحميات.
إشراك المجتمع في حماية المحميات
أشادت النائبة نهى زكي بحرص وزارة البيئة على تصحيح المعلومات المغلوطة، مؤكدة أهمية تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة وحماية البيئة، وضرورة إشراك المجتمع المدني في إدارة المحميات.
فيما دعت النائبة مها عبد الناصر إلى تسريع إجراءات مواجهة التعديات، وتعزيز التوعية بأهمية المحميات الطبيعية، مؤكدة ضرورة تغيير النظرة المجتمعية تجاه التطوير البيئي والاستفادة منه بشكل مستدام.
خطط مستقبلية لتعزيز الوعي البيئي
أكدت وزيرة البيئة أهمية تعزيز البحث العلمي في مجال التنوع البيولوجي بالتعاون مع الجامعات، إلى جانب إشراك المجتمعات المحلية في جهود الحماية، مشيرة إلى أن الوزارة نفذت حملات "حوار القبائل" للحفاظ على التراث الثقافي للسكان المحليين داخل المحميات.
وفيما يتعلق بتطوير الكوادر البيئية، أوضحت الوزيرة أنه تم التعاقد مؤخرًا مع 93 باحثًا ومراقبًا بيئيًا لتعزيز منظومة العمل داخل المحميات. كما أكدت أهمية تحديد القدرة الاستيعابية لكل محمية، وتقنين الأنشطة داخلها بما يضمن الحفاظ على مواردها الطبيعية وسلامة زوارها.
توصيات الحوار المجتمعي
اختُتمت الجلسة بعدد من التوصيات، أبرزها:
تنفيذ حملة إعلامية لتعزيز الوعي بالمحميات الطبيعية.
تنظيم حوارين مجتمعيين حول إدارة المحميات، أحدهما يركز على محمية وادي الجمال.
إجراء زيارة ميدانية لمنطقة خليج حنكوراب بمشاركة الخبراء والإعلاميين.
عقد اجتماع موسع يضم ممثلين من مجلسي النواب والشيوخ، ووزارتي البيئة والسياحة، والجمعيات الأهلية البيئية.
وأكدت وزيرة البيئة أن برنامج الحكومة يولي أهمية كبيرة للحوار المجتمعي، حيث يتم العمل على تنظيم جلسات نقاشية في المحافظات حول قضايا البيئة، مثل تغير المناخ والتنوع البيولوجي.
وفي ختام الجلسة، شددت الوزيرة على التزام الوزارة بتحقيق التوازن بين الاستثمار البيئي وحماية الموارد الطبيعية، مشيرة إلى أن هناك مناطق داخل المحميات يُحظر المساس بها، بينما يُسمح بتنفيذ أنشطة في مناطق أخرى وفق ضوابط بيئية صارمة.