تحت عنوان "لماذا لم تضرب أزمة البحر الأحمر الطاقة بعد؟"، استعرضت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عدد من الأسباب التي جعلت الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي في اليمن على السفن التجارية غير مؤثرة حتى الآن على أسواق الطاقة العالمية.
* مكانة الشرق الأوسط بالنسبة لأسواق الطاقة
ذكرت المجلة الأمريكية خلال تقرير منشور عبر موقعها الإلكتروني، أمس الخميس، أن "الهجمات المتصاعدة التي لا هوادة فيها في منطقة تمثل حوالي 12% من عبور إمدادات النفط المنقولة بحراً في العالم، لم تهز أسواق الطاقة على الإطلاق.
فبعد أكثر من شهر من الهجمات الصاروخية المستمرة على السفن التجارية في البحر الأحمر، أوضحت المجلة أن سعر خام برنت القياسي في لندن أقل بالفعل مما كان عليه في أوائل ديسمبر الماضي، عند حوالي 78 دولاراً للبرميل، وذلك بينما بالكاد تحرك السعر القياسي للولايات المتحدة منذ أواخر نوفمبر، ولا يزال عند حوالي 73 دولاراً للبرميل.
ونوهت "فورين بوليسي" بأنه على مدار عقود، اعتُبر أمن تدفقات الطاقة في المياه حول الشرق الأوسط "شرارة جيوسياسة" لأسواق الطاقة.
وتأتي معظم كميات الطاقة التي تشغل العالم - سواء في صورة نفط خام أو غاز طبيعي-، أما من منطقة الشرق الأوسط أو تمر عبر ممرات مائية ضيقة مثل مضيق باب المندب، أو مضيق هرمز.
ونوهت "فورين بوليسي"، بحالات سابقة ارتفعت فيها أسعار الطاقة العالمية بمجرد إطلاق إيران تهديدات تتعلق بمضيق هرمز، وكذلك عندما تعرضت منشآت نفطية سعودية رئيسية لهجمات، في إشارة للهجمات التى وقعت عام 2019.
* أسباب عدم اضطراب السوق
واستعرضت المجلة الأمريكية عدة أسباب تقف وراء عدم ارتباك أسواق النفط، رغم وجود صراع إقليمي واسع النطاق وهجمات فعلية ومتكررة على السفن التجارية.
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن مضيق باب المندب الذي يصعب الحوثيون المرور عبره ليس مثل مضيق هرمز؛ فالأول له بدائل، في حين يعتبر الثاني مصدراً حيوياً وقناة للنفط في حد ذاته.
لكن الأهم من ذلك، بحسب المجلة، أن أسس سوق النفط توضح تلك الاستجابة "غير المبالية"، مشيرة إلى أنه قبل عام مع اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية وتخفيض منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" للإنتاج، وفرض عقوبات على النفط الروسي، توقع العالم أن يشهد سوق النفط تشددا نسبيا، مما يعني وجود ضغوط شديدة لمواكبة الطلب.
وتابعت المجلة أنه بدلاً من ذلك، شهدت عدة دول من بينها الولايات المتحدة والبرازيل وكندا وغيانا الصغيرة إنتاج قياسي للنفط، حتى إيران التي تواجه عقوبات أمريكية، أضافت نصف مليون برميل أو نحو ذلك يوميًا إلى الإنتاج العالمي.
وفي الوقت نفسه، لم يرتفع الطلب على الخام كما كان متوقعا، لا سيما قرب نهاية العام الماضي. كما فقد تعطش الصين للنفط بعد انتهاء وباء كورونا قوته، وانخفض نمو الطلب العالمي انخفاضا حاداً.
وتشير وكالة الطاقة الدولية، في أحدث توقعاتها لسوق النفط، أن يستمر هذا الاتجاه مع نمو جيد في العرض إلى جانب نمو الطلب الذي سيكون نصف قوته في عام 2023 بسبب الرياح الاقتصادية المعاكسة والاعتبارات البيئية.
ووفقا لـ"فورين بوليسي"، فإن هجمات الحوثيين، بقدر ما كانت "مدمرة" لخطوط الشحن التجارية مثل "ميرسك"، التي تبحر الآن بسفن الحاويات حول جنوب إفريقيا لتجنب الهجمات، فإن الحوثيين لم يستهدفوا حتى الآن ناقلات أو منشآت إنتاج النفط.
وفي حين أن بعض شركات الطاقة، مثل "شل" و"بي بي"، غيرت مسارات ناقلاتها لتجنب البحر الأحمر، فإن ذلك يزيد وقت وتكاليف الرحلة لكن لا يسحب النفط من السوق.
واختتمت المجلة الأمريكية تقريرها بقولها إنه في حين تجاهلت أسعار الطاقة كل شيء حتى الآن، يمكن لكل ذلك أن يتغير، خاصة إذا كثفت إيران جهودها في التصعيد الإقليمي".