«الإسلام ليسَ من ألمانيا».. أول تشريح لعنصرية الأحزاب الألمانية ضد المسلمين - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 9:27 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الإسلام ليسَ من ألمانيا».. أول تشريح لعنصرية الأحزاب الألمانية ضد المسلمين

قنطرة:
نشر في: الجمعة 19 أبريل 2024 - 2:58 م | آخر تحديث: الجمعة 19 أبريل 2024 - 2:58 م

معاداة علنية وخفية تجاه المسلمين كشفت عنها أول دراسة أكاديمية حول خطاب الأحزاب الألمانية إزاء الإسلام - أعدها باحث علم الاجتماع عماد مصطفى بتكليف من خبراء مستقلين بألمانيا مختصين بمعاداة المسلمين. قرأها جوزيف كرواتورو لموقع قنطرة.

لقد طال انتظار وجود دراسة مكرَّسة بشكل خاص للخطاب حول الإسلام لدى الأحزاب الألمانية وكذلك في البرلمان الاتحادي الألماني (بوندستاغ). وبناءً على ذلك فقد كان من دواعي الترحيب أنَّ مجموعة الخبراء المستقلين المختصة بمعاداة المسلمين (UEM) - والتي تشكَّلت في عام 2020 بتكليف من وزير الداخلية الألماني الاتحادي السابق هورست زيهوفر - قد دعت إلى إعداد دراسة كهذه. هذا وقد نشر في شهر حزيران/يونيو 2023 على الإنترنت المؤلف المُكلَّف بذلك، وهو الباحث في علم الاجتماع والدراسات الإسلامية عماد مصطفى، نتائج بحثه للفترة بين 2015 و2021.

وعلى الرغم من أنَّ مجموعة الخبراء المستقلين المختصة بمعاداة المسلمين قد ناقشت هذه النتائج بالتفصيل في تقريرها الصادر في شهر حزيران/ يونيو 2023 فإنها لم تثِر سوى القليل من الاهتمام العام. ولم تحظَ باهتمام عام حتى عندما نُشرت دراسة عماد مصطفى قبل فترة غير بعيدة بصيغة مُعدَّلة قليلًا ككتاب عنوانه: "’الإسلام (ليسَ/ وَ) من ألمانيا’ - الإسلام والعنصرية المعادية للمسلمين في النظام الحزبي والبوندستاغ".

وعلى خلفية خروج احتجاجات في جميع أنحاء ألمانيا لأسابيع ضدَّ التطرُّف اليميني وحزب "البديل من أجل ألمانيا" AfD فإنَّ هذه الاحتجاجات -رغم ذلك- لم تركِّز على التحريض ضدَّ المسلمين وعواقبه على المشهد الحزبي في ألمانيا؛ ولذلك فمن الجدير الاطلاع وعن كثب على نتائج دراسة عماد مصطفى.

من المعروف أنَّ حزب البديل من أجل ألمانيا قد أسَّس فعليًا في المجال العام وداخل برلمانات الولايات الاتحادية الألمانية خطابًا معاديًا للإسلام ولكن من غير المعروف مدى هذا الخطاب وتطوُّره. فقد أنكر هذا الحزب منذ البداية وبشكل علني في برامجه الانتخابية للانتخابات الاتحادية وانتخابات الولايات أن يكون الإسلام جزءًا من ألمانيا، ولكن هذه التصريحات الرافضة باتت تتضاءل بين عامي 2017 و2021. وفي المقابل فقد ارتفع بالمجمل عدد التصريحات الأخرى المعادية للإسلام الصادرة من حزب البديل من أجل ألمانيا - سواء كانت تصريحات صريحة أو ضمنية.

النظر إلى المسلمين باعتبارهم الآخرين

وحزب البديل من أجل ألمانيا لا يربط دائمًا وبشكل مباشر بين قضايا الإسلام والهجرة والاندماج واللاجئين واللجوء، والتي يصنِّفها على أنَّها تهديد للثقافة الألمانية التي يعتبرها ثقافة مسيحية غربية ومتجانسة. وحيثما لا يثيرون الخوف من "الأسلمة" وحتى من فرض الشريعة الإسلامية في "المجتمعات الموازية"، يستخدم الشعبويون اليمينيون مصطلحات غامضة ومرتبطة بنظريات المؤامرة. وتعمل مثلًا مصطلحات مثل "جرائم الأجانب والعشائر" أو "المجال الشرقي" كرموز معادية للإسلام. ويُصوَّر الإسلام بشكل عام على أنَّه تهديد من خلال استخدام مصطلح "إسلامي" بدلًا من "إسلاموي".

وكذلك يحذِّر الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه حزب المسيحي الاجتماعي من المجتمعات الموازية والعشائر الإجرامية. وحتى في خطابهما يُنظر إلى المسلمين بوضوح على أنَّهم "الآخرون" ويسود لديهما أيضًا اتجاهٌ واضح نحو التعميم. وبالإضافة إلى ذلك يرى الحزب المسيحي الديمقراطي نفسه حاميًا لثقافة ألمانية رائدة شكَّلها الغرب المسيحي اليهودي ويجب على المسلمين تبنِّي قيمها.

ووفقًا لهذا الخطاب فإنَّ المسلمين لا يمكنهم أن يصبحوا جزءًا متكاملًا من المجتمع الألماني إلَّا بهذه الطريقة وبالاجتهاد في العمل. لا يوجد أي إقرار بانتماء الإسلام إلى ألمانيا في برامج الحزبين الانتخابية - وحتى أنَّ هورست زيهوفر -وقد كان وزيرًا من الحزب المسيحي الاجتماعي في حكومة ميركل- قد صرَّح في عام 2018 بمعارضته مثل هذا الإقرار. وبالمناسبة لقد ظل ذلك كما هو في مسودة "البرنامج الأساسي" المقدَّمة من قِبَل الحزب المسيحي الديمقراطي في شهر ديسمبر 2023. فقد ورد فيها أنَّ "الحياة اليهودية جزء من ألمانيا" وتلتها مباشرة عبارة: "المسلمون الذين يشاركوننا قيمنا هم جزء من ألمانيا".

كليشيهات -أحكام وتصورات مسبقة- مشحونة بالاستياء في ائتلاف الحُمْر والخُضْر

ويرد الإسلام والمسلمون أقل بكثير في البرامج الانتخابية الخاصة بالحزب الليبرالي الديمقراطي، غير أن الليبراليين يتجنَّبون الحديث عمومًا -بعكس حزبي البديل من أجل ألمانيا والاتحاد الديمقراطي المسيحي- عن المجتمع الثقافي الألماني ويركِّزون بدلًا عن ذلك على الالتزام بالقانون الأساسي (الدستور الألماني).

بيد أنَّ الحزب الليبرالي الديمقراطي يعتمد وبشكل خفي -مثلًا في برنامجه للانتخابات الاتحادية لعام 2021- على سرديات معادية للمسلمين وذلك في فقرة طالب فيها بأن تتضمَّن دورات الاندماج في ألمانيا قيمًا مثل المساواة بين الجنسين وتقبُّل التوجُّهات الجنسية المختلفة والتسامح تجاه جميع أشكال الإيمان وعدم الإيمان.

وكذلك يتردَّد لدى الليبراليين أيضًا صدى تقسيم المسلمين النمطي إلى راغبين في الاندماج وغير راغبين في الاندماج - وذلك على غرار ما يفعله حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وعلى الرغم من أنَّهم يشيرون إلى رغبتهم في الاعتراف بالجمعيات والروابط الإسلامية كهيئات عامة ولكنهم على الأرجح لن يمنحوا هذا الوضع إلَّا "للمسلمين الليبراليين".

أمَّا الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر/تحالف 90 فهما يستخدمان لغة أكثر اشتمالًا بشكل ملحوظ وتظهر لديهما الإشارات إلى الإسلام بشكل أضعف بكثير. ولكن مع ذلك فإنَّ لديهما أيضًا موقفًا في تشكيل الهوية نادرًا ما يكون موجَّهًا بشكل صريح ضدَّ معاداة المسلمين على الرغم من تبنيهما موقفًا ينتقد العنصرية.

ويكشف عماد مصطفى أحيانًا في موضوع الاندماج على وجه الخصوص عن افتراضات ضمنية لدى الحزبين فيما يتعلق بالمهاجرين المسلمين، وهي افتراضات مشحونة بالاستياء وتعكس الكليشيهات المعروفة من الطيف المعادي للمسلمين، مثل: رهاب المثلية الجنسية (الهوموفوبيا) والسلطة الذكورية الأبوية والتمييز الجنسي ومعاداة السامية.

تأثير حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي في خطاب الأحزاب الشعبية

وعندما يعلن الخضر -كما فعلوا في عام 2017- أنَّ الإسلام جزء من ألمانيا فإنَّهم يربطون هذا الانتماء بقائمة طويلة من الشروط. ويحصل هنا عماد مصطفى -وبِحَقّ- على انطباع مفاده أنَّ "الخضر يبدو أنَّهم يُقيمون روابط وثيقة بين الإسلام كدين والاختلاف والخطر والتهديد". ويظل من وجهة نظره موقف حزب الخضر المُحدَّث في عام 2021 متناقضًا في نهاية المطاف: فهو يُذكِّرنا بالحزب الليبرالي الديمقراطي من خلال طرحه احتمال منح المساواة القانونية للجمعيات والروابط الإسلامية ولكنه يثق فقط بالمسلمين "الليبراليين" الذين يؤيِّدون "المساواة بين الجنسين وحقوق المثليات والمثليين جنسيًا ومزدوجي الجنس ومغايري الهوية الجنسية والنسوية".

والحزب الوحيد الذي يستطيع التعامل مع الموضوع من دون سرديات وسيناريوهات التهديد المعادية للمسلمين هو الحزب اليساري الذي تبنى الموقف الأكثر وضوحًا وحسمًا ضد معاداة المسلمين - وخاصةً الصادرة عن حزب البديل من أجل ألمانيا.

ومن خلال تحليله ثلاث مناظرات برلمانية عشوائية تتعلق بالإسلام (من عام 2015 و2018 و2021) يتوصَّل المؤلف عماد مصطفى إلى استنتاج مفاده أنَّ توجُّه هذه المناظرات العام متأثِّر بالأفكار والسرديات النمطية. ويكتب في هذا الصدد أنَّ حزب البديل من أجل ألمانيا تمكَّن منذ دخوله البرلمان الاتحادي الألماني (بوندستاغ) في عام 2016 من "التأثير في خطاب الأحزاب الشعبية البرلمانية ودفعها أمامه من خلال مقترحاته". ويضيف أنَّ حزب البديل من أجل ألمانيا قد ساهم من خلال استفزازاته -وخاصةً فيما يتعلق بموضوع الاندماج- في زيادة حدة لهجة النقاشات ونجح إلى حد ما في السيطرة على الخطاب أيضًا.

ومن نتائج ذلك أيضًا أنَّ الأحزاب الأخرى كثيرًا ما تحاول عند النقاش مع حزب البديل من أجل ألمانيا حول هذا الموضوع "تصوير نفسها كمدافع متحمِّس بشكل خاص عن الاندماج والتدابير التربوية الأخرى". ونأمل أن تتبع دراسة عماد مصطفى التوضيحية هذه دراساتٌ أخرى.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك