في واحدة من أكبر قضايا الاغتصاب التي شهدتها أوروبا عموما وفرنسا خصوصا، حكمت محكمة في مدينة أفينيون بجنوب البلاد على دومينيك بيليكوت، الزوج السابق للناجية الفرنسية جيزيل بيليكوت، بالسجن لمدة 20 عامًا. جاء الحكم بعد اتهامه بتخديرها واغتصابها بشكل متكرر على مدى نحو عقد، بالإضافة إلى دعوة عشرات الرجال الآخرين للمشاركة في هذه الانتهاكات المروعة.
تفاصيل القضية وأحكام المحاكمة
شهدت المحاكمة، التي استمرت ثلاثة أشهر، إدانة 51 شخصًا. تلقى أغلب المتهمين أحكامًا بالسجن تراوحت بين 8 و10 سنوات، وهي أقل من المدة التي طالب بها الادعاء، والتي تراوحت بين 10 و18 عامًا. كما صدر حكم غيابي على أحد المتهمين الذي ما زال هاربًا.
وكان دومينيك بيليكوت، البالغ من العمر 72 عامًا، محور القضية. أدين بتخدير زوجته السابقة، واغتصابها، ودعوة آخرين إلى منزلهما للمشاركة في هذه الانتهاكات. وخلال جلسة النطق بالحكم، بكى في المحكمة، لكنه تلقى العقوبة القصوى.
المتهمون وأدوارهم
تنوعت أعمار المتهمين بين 27 و74 عامًا، وجاءوا من خلفيات اجتماعية ومهنية متنوعة، مما دفع الإعلام الفرنسي لإطلاق لقب "السيد كل الرجال" عليهم. شملت القائمة سائقين، نجارين، ممرضة، وخبيرًا في تكنولوجيا المعلومات، مما يعكس تنوعًا واضحًا في الطبقات الاجتماعية.
من أبرز المحكوم عليهم؟
جان بيير ماريشال: أدين بتهمة تعاطي المخدرات واغتصاب زوجته، وحُكم عليه بالسجن 12 عامًا، وهو أقل من توصية الادعاء بالسجن 17 عامًا.
تشارلي أربو: عامل في شركة أسمنت، وكان من أصغر المتهمين سنًا. حُكم عليه بالسجن 13 عامًا، بعد أن زار منزل بيليكوت ست مرات، رغم أن أغلب المتهمين زاروا المنزل مرة واحدة.
جوزيف كوكو: مدير متقاعد لشركة بيرة، أدين بتهمة الاعتداء الجنسي المشدد، وحُكم عليه بالسجن أربع سنوات بعد أن طلب العفو من السيدة بيليكوت.
جيزيل بيليكوت وصمودها
تخلت السيدة جيزيل، البالغة من العمر 72 عامًا، عن حقها في عدم الكشف عن هويتها، لتحول قضيتها إلى قضية رأي عام. حضرت كل جلسات المحاكمة تقريبًا، وواجهت زوجها السابق والمتهمين الآخرين بشجاعة لافتة.
وفي تصريح لها عقب النطق بالأحكام، وصفت المحاكمة بأنها "محنة صعبة للغاية". وأكدت أنها لم تندم على جعل القضية علنية، قائلة إن الهدف كان إظهار الحقيقة للمجتمع. وقفت إلى جانبها عائلتها، بما في ذلك حفيدها الذي دعمها أثناء حديثها إلى وسائل الإعلام.
توافد مئات الأشخاص إلى المحكمة يوم الخميس لتقديم الدعم للسيدة بيليكوت. وعلّقت لافتة كبيرة على أحد الجدران كتب عليها "شكرًا جيزيل"، بينما هتف الحاضرون بشعارات تضامن مثل "مغتصب، نحن نراك". كما غطت وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية القضية على نطاق واسع، وحضر مئات الصحفيين لتوثيق اللحظة التاريخية.
جاءت هذه الإدانات لتغلق فصلاً مظلمًا من حياة السيدة جيزيل، لكنها فتحت نقاشًا أوسع حول العنف الجنسي وحقوق الضحايا في فرنسا. في كلمتها الأخيرة، عبّرت السيدة بيليكوت عن أملها في بناء مستقبل أفضل، حيث يعيش الرجال والنساء في احترام متبادل، وأكدت على أهمية دعم الناجيات والوقوف إلى جانبهن في وجه الانتهاكات.