المسلسلان تعرضا لأزمات قبل عرضهما.. واتفق على قوة مستواهما الفني النقاد والجمهور

تسيد مسلسلا "لام شمسية"، و"ظلم المصطبة" المشهد في النصف الثاني من خريطة دراما شهر رمضان الكريم، رغم صعوبة المنافسة بالنصف الثاني لوجود أعمال آخرى هامة مثل "قهوة المحطة"، و"منتهى الصلاحية"، و"الغاوي"، لكن استطاع فريق المسلسلين حصد نصيب الأسد من الإشادة والثناء من قبل النقاد والجمهور سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج والحبكة الدرامية، وبلغة السوشيال ميديا، تصدر العملان التريند منذ عرض الحلقة الأولى لهما، حتى هذه اللحظة.

أعمال من أرض الواقع

الملفت للنظر أن هناك عوامل كثيرة مشابهة جمعت بين العملين مصادفة، فالعملان مأخوذان عن أحداث حقيقية، موجودة على أرض الواقع ولها تأثيرها وانعكاساتها على المجتمع، فمسلسل "ظلم المصطبة" يناقش فكرة اللجوء للأعراف وليس للقوانين التي تحكم أي مجتمع، ومؤلفه تأثر بالعديد من الحوادث والأخبار التي تداولتها الصحف التي حكت قصص بعض الناس الذين تعرضوا لكوارث بسبب هذا الأمر.

ونفس الأمر مع مسلسل "لام شمسية" الذي يناقش قضية شائكة، غاية في الجرأة والأهمية وهي "التحرش بالأطفال"، وكم من المرات تداولت الصحف حوادث كثيرة في هذا الإطار وما تزال موجودة على أرض الواقع.

أزمات كادت تمنع خروجهما للنور

ومن الأشياء المتشابهة بين العملين، العراقيل والعقبات، فقد واجه المسلسلات عراقيل كادت أن تؤثر على خروجهما للنور، فلقد شهد مسلسل "ظلم المصطبة" انسحابات واعتذارات مع بداية تنفيذه، للعرض بموسم رمضان، فكانت البداية مع السيناريست محمد رجاء، الذي اعتذر بعد كتابته الـ6 حلقات الأولى من المسلسل الذي تدور أحداثه في 15 حلقة.

ثم تبعه المخرج هاني خليفة الذي اعتذر عن استكمال تصوير العمل بعد أن قام بتصوير نصف مشاهده تقريبا، ليتم الاستعانة بالمخرج محمد علي والسيناريست إسلام حافظ، ليستكمل كتابة حلقات العمل المأخوذ عن قصة أحمد فوزي صالح.

أما في "لام شمسية" فقد شهد عدة تأجيلات لأسباب مختلفة، مرة بسبب انتشار فيروس كورونان وآخر لارتباطات بعض أبطال بأعمال أخرى، وكان من المفترض أن تقوم الفنانة منى زكي ببطولة العمل، لكنها اعتذرت عنه قبل تصويره، لتحل مكانها الفنانة أمينة خليل، وكان مرشح كلا من الفنانين إياد نصار وأحمد رزق للاشتراك في بطولة العمل، لكنها اعتذرا ليحل مكانها كلا من الفنانين أحمد صلاح السعدني وأحمد رزق.

معادلة صحيحة تساوي عملا قويا

ويتجلى التشابه بين العملين في صورة المعادلة الصحيحة لأي عمل درامي ناجح، والتي طبقها المسلسلان بشكل منضبط، كان له انعكاسه الإيجابي عليهما، والمعادلة تقول أن نصا جيدا وإخراجا متميزا وإنتاجا قويا، تكون النتيجة عملا قويا، وهو ما حدث بكلا من "لام شمسية" و"ظلم المصطبة" حيث أشاد الجميع بأن العملين اعتمدا على سيناريو وحوار متماسك وقوي، الأول كتبته المؤلفة مريم نعوم وورشتها سرد، والثاني تناوب عليه كلا من محمد رجاء وإسلام حافظ، وتم ترجمة العملين على الشاشة بشكل متميز، ونجح كل من كريم الشناوي بـ"لام شمسية"، وهاني خليفة، ومحمد علي في "ظلم المصطبة" أن يقدموا رؤية إخراجية متميزة، كما نجح الجميع في استخراج أفضل ما في جعبة أبطال العملين، الذين قدموا مباراة تمثيل رائعة، مع توفير الإمكانيات المادية اللازمة للعملين لخروجها بأحسن صورة.

-مباريات في التمثيل

ويعد الجزء التمثيلي أيضا من أهم العوامل التي تجمع بين العملين، فنال أبطال "ظلم المصطبة" إشادة كبيرة على أداءهم سواء فتحي عبدالوهاب أو أحمد عزمي وإياد نصار، لكن جائزة التفوق ذهبت للفنانة ريهام عبدالغفور التي نالت الإشادة الأكبر، وكتب عنها الناقد محمود عبدالشكور: يبدو لي أن أداء ريهام عبدالغفور الاستثنائي فيما شاهدت من حلقات "ظلم المصطبة"، تأليف أحمد فوزي صالح، وإخراج محمد علي "وتعاون فني المخرج عمرو موسى"، لا يعبر فقط عن محنة بطلة الحكاية هند رضوان، ولكنه يلخص أحوال كثيرات تعانين ظروفا أسوأ، ويكرر التعبير المصري البليغ وصفهن بكلمتين فقط هما: "المرار الطافح".

وتابع: "لفت نظري في أداء ريهام أنه رغم المهانة التي تتعرض لها هند جسديا ونفسيا وطعنا في شرفها، إلا أنها تحافظ على نظرة متحدية، وكأنها تدين ظالميها، هند قوية الشخصية، واثقة، لا تقبل أن تكون من بقية المتاع، تتحمل ولكن لا تستسلم، وربما يكون ذلك سبب معاناتها، وريهام عبّرت عن كل ذلك ببراعة، في دور مرهق للغاية، ولكنه يستحق هذا التعب".

وقال: "أتفهم أن المسلسل نفسه يعبر عن صراع كابوسي، ولابد هنا من إشادة خاصة بكاتب سيناريو وحوار الحلقات الأولى محمد رجاء، واشترك معه في كتابة حلقة الأمس إسلام حافظ، فالبناء محكم، والصراع في كل الخطوط، وأتفهم أن البعض قد يشعر بالصدمة، ولكن الواقع لو تعلمون أقسى وأكثر مرارة، ولابد من صدمة لكي نستفيق، ولكي نبحث عن عدل المحكمة بدلا من ظلم المصطبة، ولكي نتحرر من الضغط الذي يولد الانفجار".

وتكرر الأمر مع أبطال مسلسل "لام شمسية" فانهالت عليهم جميعا كلمات الإشادة والثناء، وذهب النصيب الأكبر للطفل علي البيلي الذي يلعب دور يوسف، والذي بادر عدد كبير من الفنانين بالإشادة بقدرته التمثيلية وأنهم بطلا كبيرا رغم سنة، منهم الفنان هشام ماجد والفنان إسلام كبير، والفنانة منى زكي التي أشادت بالعمل كله وبقوة موضوعه، ووصفه الناقد محمود عبدالشكور بأنه الطفل الموهوب النابه الذي يقدم تشخيصا صعبا رفيع المقام.

كما نالت الفنانة يسرا اللوزي إشادة كبيرة أيضا لقدرتها على التمثيل بعيونها بدون كلام، وطال الأمر الفنانين أحمد صلاح السعدني، وأمينة خليل، ومحمد شاهين، حيث برع كل واحد منهم في دوره بشكل كبير.

ورغم أن مسلسل "ظلم المصطبة" يبدو أنه تفوق عن "لام شمسية" في التيتر، حيث حقق تيتر ظل المصطبة، غناء وكلمات وألحان محمود الخطيب نجاحا كبيرا، واختاروه كثيرون أفضل تيتر هذا الموسم، لكن اختيار المخرج كريم الشناوي لأغنية "عصفور طل من الشباك" ودمجها مع فكرة ورسالة العمل بشكل درامي، نال إشادة واسعة أيضا، وهنأ كثيرون المخرج بحسن اختياره وهي الأغنية التي أدتها المطربة نوران أبو طالب.