رواية سيدة القرفة لرحمة ضياء.. الطهي كوسيلة لفهم العالم ومواجهة صعوباته - بوابة الشروق
الخميس 19 سبتمبر 2024 6:31 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رواية سيدة القرفة لرحمة ضياء.. الطهي كوسيلة لفهم العالم ومواجهة صعوباته

أسماء سعد
نشر في: الجمعة 23 فبراير 2024 - 7:00 م | آخر تحديث: الجمعة 23 فبراير 2024 - 7:00 م

استخدام المفردات الملائمة لعالم ملىء بالوصفات والمذاقات عبر لغة جذابة

نص روائى مستوحى من عالم الطهى، غير معنى بالوصفات والنكهات فقط، وإنما كل ما يرتبط بهذا العالم الثرى من حكايات شيقة وأساطير قديمة، تتعمد فيه رحمة ضياء ألا تكرر نفسها أو تعيد اللعب على أوتار نجاحها فى عملها السابق «النقشبندى»، حيث يجد القارئ نفسه بصدد سياق إبداعى مغاير، قوامه الخضراوات والأعشاب والتوابل كشخصيات رئيسية فى هذه الرواية، نجدها تتحدث وتجيد التعبير عن ذواتها وتشارك مشاعرها وتساهم فى تحريك الأحداث.
يشعر القارئ على مدى 165 صفحة هى قوام رواية «سيدة القرفة»، الصادرة عن دار الشروق، بحالة من التلذذ التى نجحت الكاتبة فى أن تعكسها إلى ذهنه، فقد مرت هى أولا بتلك المشاعر أثناء صوغها نصا أدبيا يختبر فى حد ذاته وصفات جديدة من الكتابة، ويضع المكونات الإبداعية تلو الآخر لابتكار نكهة جديدة، بجماليات ومفردات تمنح «سيدة القرفة» خصوصية مغايرة.
«الطهى وسيلة لفهم العالم والتغلب على صعوباته»، هكذا رأت الكاتبة والروائية منصورة عزالدين فى نص «سيدة القرفة» والذى قالت عنه: تؤول رحمة ضياء العالم عبر الطهى والمذاقات والنكهات. فالطهى فى هذه الرواية الآسرة وسيلة لفهم العالم والتغلب على صعوباته، والتوابل تؤدى دور المرشد والدليل، ليس فقط لميمى، التى وجدت نفسها فجأة فى مأزق لا قدرة لها على فهم أبعاده ولا سبر غموضه، بل أيضا لأبيها ومعلمها الذى علمها لغة الخضراوات والأعشاب وأساطيرها. نعم، ربما الأسطرة هى المفردة الملائمة هنا، فمع أن الرواية واقعية تماما، إلا أن المؤلفة تنجح برهافة فى أسطرة الواقع وتحويله إلى واقع مواز تحتل فيه القرفة مكانة لا ينافسها عليها تابل آخر، وفى تشييد عالم روايتها بحساسية وذكاء، بلغة دقيقة سلسة لا تتخلى عن شعريتها».
تملك رحمة ضياء القدرة على إبقاء ذهن القارئ مشدودا إلى ما سيجرى لاحقا، خاصة مع استخدام وصفات وأكلات ومشروبات محببة إلى القارئ، ولكنه يتعامل معها كما لو أنه يراها لأول مرة، فيجد أمامه وظيفة يؤديها القرنفل، وانطباع يتركه «الشاى باللبن»، وهو ما نعاينه خلال المقتطف التالى: شغلتنى الرسالة طوال طريق العودة، هل تراها حيلة جديدة من جذر الفجل ليعيد إنعاش القضية بعدما خمدت، ويفاجئنى بعدها ببث مباشر أم أنه عرف بحق من دس لك السم، هل يعقل أنه عرفه ولم يبلغ النيابة أو ينشر ويحظى بالسبق الصحفى حسمت أمرى بالذهاب لأحصل على أجوبة.
ودعت نجوى ونادية واتجهت إلى المقهى حيث تقابلنا فى المرة الماضية، فى التاسعة وسبع دقائق دلف من الباب. لا أدرى لماذا أتذكر الشاى باللبن حين أراه وتنتابنى الرغبة فى التقيؤ.
لا تعد «سيدة القرفة» رواية فانتازيا بل أنها «واقعية تماما»، حيث تخبرنا عن أمور نعايشها بأنفسنا فى الواقع، مشاعر وأحاسيس ليست ببعيدة عن القارئ، فالرواية وشخوصها وأحداثها ولغتها مستوحاة من عالم الطهى وما يرتبط به من مذاقات وأسرار وحكايات شيقة وأساطير قديمة، وأن التوابل تلعب دورا رئيسا فى هذه الرواية، وبين سطورها يتماهى عالم الواقع مع عالم الأساطير.
تمزج رحمة ضياء ببراعة بين مجموعة من الأساليب الروائية داخل الرواية، ولا تتراوح اللغة كثيرا فى قوالب شتى، وإنما الحفاظ على الفصحى التى يسهل للقارئ التفاعل معها، تمنح قارئها التجربة الكاملة فى الحديث عن مكونات لها علاقة بعالم الطهى، وهو ما نلمسه فى المقتطف التالى: أخذنا المشروبات ووضعناها بيننا على مقعد خشبى، شردت وأنا أتأمل العصى والكبوش السابحة فى الكوبين، وأقارن بين كل حكاية كل منهما، هل نشأ القرنفل فى إندونيسيا بداخل واد ممتلئ بالتابل الحار، لم تطأه قدم تاجر أو بحار، ولم يتمكن أحد من رؤية أشجاره، إذ يتولى الجن أمور البيع تجرى عملية المقايضة خلال الليل بعد أن يصل البحارة إلى الجزيرة ويفرغون حمولات سفنهم من البضائع على أرضها وينامون وفى الصباح يجدون القرنفل إلى شير إلى جوار البضائع.
رحمة ضياء؛ كاتبة وصحفية مصرية، تخرجت فى كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2012، حصدت عدة جوائز صحفية؛ أبرزها: جائزة هيكل للصحافة العربية، وجائزة «الصحفى الواعد» الدولية. اختارتها مجلة «نساء من مصر» ضمن قائمة 50 سيدة ملهمة لعام 2019، وكرمت فى إطار حملة 21 سيدة مصرية مؤثرة لعام 2021. نشرت لها مجموعة قصصية «رقصة مع الرومى»، وفازت روايتها «النقشبندى» بجائزة خيرى شلبى للعمل الروائى الأول عام 2021.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك