• نحتاج إلى آلية ملزمة لتنفيذ قرارات الإزالة أو الترميم.. وتغير المناخ أظهر الحاجة للتوسع فى المبانى الخضراء
• أوصينا بوضع جدول زمنى لفحص المبانى القديمة كل 5 سنوات والحديثة كل 10 أعوام
• مراجعة المبانى التاريخية لرفع كفاءتها وقدرتها على الاستمرار لفترة أطول
• إصدار تحديث كود الزلازل بحلول 2025.. ودليل البناء الأخضر قريبًا
• أبراج العاصمة والعلمين الجديدة مصممة جيدًا لمقاومة الرياح والزلازل
قدّر مدير معهد بحوث المنشآت الخرسانية بالمركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، الدكتور حداد سعيد حداد، عدد المبانى الآيلة للسقوط فى مصر بين 100 و120 ألفا، مشيرا إلى أن عامل الزمن وعدم الاهتمام بالصيانة الدورية إلى جانب غياب الرقابة والحمل الزائد وعدم كفاءة الخرسانة أو التربة أهم أسباب انهيار العقارات.
وقال حداد، فى حوار مع «الشروق»، إن المركز يعمل على مراجعة المبانى التاريخية لترميمها ورفع كفاءتها، ومنها منزل الأديب عباس محمود العقاد فى محافظة أسوان، والمعمارى حسن فتحى فى الأقصر، كما تحدّث عن مستجدات تحديث كود الزلازل، فيما أكد أن أبراج العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة مصممة جيدا لمقاومة الرياح والزلازل.
وإلى نص الحوار..
< بداية.. ما أسباب تكرار حالات انهيار العقارات فى مصر؟
ــ هناك أسباب عديدة رصدتها دراسات وأبحاث أجراها المركز وأهمها عامل الزمن وعدم الاهتمام بالصيانة الدورية اللازمة. فمن المعروف أن العمر الافتراضى للمبانى عالميًا 50 عامًا، قابلة للزيادة لأكثر من 70 و80 عامًا شريطة الالتزام بالصيانة الدورية، والترميم أولا بأول، لكن فى مصر نفتقد لأعمال الصيانة الدورية، التى يجب أن تشمل الحالة الإنشائية للمبنى ككل، خاصة نظام الصرف الصحى وشبكات المياه ومراقبة استخدام المبنى نفسه، فالمبنى يكون سكنيا ويستخدم فى أنشطة أخرى، وكل هذه العوامل تجعل المبنى غير قادر على تحمل الأحمال الواقعة عليه.
وإذا نظرت إلى معظم حالات انهيارات العقارات ستجدها لمبانٍ قديمة ومتهالكة، صادر لها قرارات ترميم أو إزالة ولم تنفذ، أما أغلب حالات انهيار المبانى حديثة الإنشاء فانهيارها يكون عادة نتيجة الحمل الزائد وزيادة عدد الأدوار دون مراجعة، فتجد المبنى مصمما بخمسة أو ستة أدوار فيصبح 11 – 14 دورا، كذلك عدم التعامل الصحيح مع التربة.
< وماذا عن عامل الرقابة فى هذا الشأن؟
ــ هناك أمور أيضًا مرتبطة بعدم كفاءة الخرسانة نتيجة غياب الرقابة فى أثناء التنفيذ؛ فهناك خرسانة تتحمل 50 كيلوجراما وأخرى تتحمل 100 كيلوجرام؛ حسب ارتفاع المبنى، كذلك عدم دراسة التربة إذا كانت ملائمة للبناء بالارتفاع المطلوب من عدمه، فتجد بعض المبانى تميل أو «تشرّخ» أو تهبط.
فى بعض الحالات تجد فى بعض المناطق، وبخاصة العشوائية، المقاول وحيدا يصمم المبنى عشوائيا دون الاستعانة بمتخصص أو دراسة كافية لتوزيع الأحمال. فمع الأسف بعض الملّاك يوفرون فى أمور بسيطة للغاية فى حين تكون مؤثرة جدا لاحقًا.
< ما أبرز التوصيات للحد من حالات انهيار العقارات؟
ــ التركيز على التوعية بأعمال الإصلاح المبكر للمبانى؛ مع ظهور أول مشكلة بالمبنى نبدأ العمل عليه مباشرة، ووضع جدول زمنى للفحص الدورى «شيك ليست» كل 5 سنوات للمبانى القديمة وكل 10 سنوات للمبانى الجديدة بحيث يعاينها مهندس بالحى أو مكتب خاص؛ فانهيار العقارات فى الغالب لا يحدث فجأة وإنما بتراكم المشكلات دون علاج، مثل عقار الإسكندرية الأخير فكانت هناك مشكلات عديدة منها بالأعمدة لم تعالج، وعقار القبة أيضًا كانت صادرة له قرارت ولم تنفذ.
من التوصيات أيضًا إجراء دراسات تربة «حقيقية» قبل الشروع فى البناء؛ هل التربة تتحمل هذا الارتفاع أم لا، وهو أمر مهم فبعض المبانى الحديثة نجدها مالت أو شرخت، وكذلك الاهتمام بالرقابة على البناء ونوعية المواد المستخدمة (رمال وأسمنت وحديد وغيرها).
< ما عدد المبانى الآيلة للسقوط؟
ــ لا يوجد حصر رسمى دقيق، لكنها لا تقل عن 100ــ 120 ألف مبنى.
< كيف نتعامل مع هذه المبانى؟
ــ حسب الحالة؛ بعض المبانى نلجأ إلى ترميمها، وبعضها لا يجدى معها الترميم، كأن تكون التكلفة تعادل إعادة البناء؛ فنضطر إلى إزالتها.
< ومن يتحمل التكلفة؟
ــ المالك والسكان.
< لكن فى كثير من الوقائع لا تنفذ قرارات الإزالة؟
ــ بالفعل، نحتاج إلى آلية ملزمة لتنفيذ قرارات الإزالة أو الترميم، ونعتمد حاليا على تحرير السكان تعهدات بأن بقاءهم على مسئوليتهم، وفى حالة أن المبنى أوشك على الانهيار نلجأ أحيانا إلى الإخلاء الجبرى.
< أطلعنا على مستجدات أعمال الترميم المبانى الأثرية والتاريخية.
ــ نعمل حاليا على مراجعة المبانى التاريخية منها منزلا المعمارى المصرى حسن فتحى بالأقصر، وعباس محمود العقاد فى أسوان.
لكونهما منزلين ذوى قيمة ويمثلان تراثًا؛ ونجرى أعمال ترميم ورفع كفاءة لتمكينهما من الاستمرار لفترة أطول، بمراجعتهما وحل أى مشكلات إنشائية أو معمارية موجودة بهما بداية من التربة.
ننفذ جسات للتربة لمراجعة أساسات المبنى ودراسة كفاءة الأحجار المستخدمة فى تشييد المبنى، ومدى حاجة المبانى لتدعيم، وإذا احتاجت إلى تدعيم فإننا لا نتبع الطرق التقليدية المعمول بها، لأنه ينبغى الحفاظ على الطراز المعمارى للمبنى وإعادته كما كان، فالطرق والمواد المستخدمة حينها تكون خاصة جدا، فإذا احتجنا لتغيير حجر بالمبنى نستخدم نفس النوعية، وهكذا.
<حدثنا بمزيد من التفصيل عن ترميم المنزلين.
ــ شاركنا مؤخرًا فى ترميم منزل المعمارى المصرى حسن فتحى بالأقصر، بعد أعمال استمرت عامين تقريبًا، بتمويل من منظمة اليونسكو.
ونجهز حاليًا لترميم ورفع كفاءة منزل عباس محمود العقاد فى أسوان، بالتعاون مع المحافظة (المالك)، والهيئة الهندسية (منفذ)، والمركز القومى لبحوث الإسكان والبناء (استشارى المشروع) وكذلك جهاز التنسيق الحضارى، ونحن حاليًا فى مرحلة الدراسات.
وعقدنا عدة اجتماعات ووضعنا آلية للعمل، ورفعنا الأبعاد وحصرنا المشكلات الموجودة بالمبنى، وهى عديدة منها بالتربة والأساسات وهناك العديد من الحوائط بحاجة إلى ترميم، وحددنا بالفعل طريقة الترميم المناسبة وكيفية رفع كفاءة المبنى؛ وسنبدأ فى الفترة المقبل عمل جسات للتربة.
< كم تبلغ تكلفة ترميم بيت العقاد؟ ومن يمولها؟
ــ المشروع بتمويل حكومى فى الغالب، والتكلفة التقديرية المبدئية فى حدود 2 إلى 3 ملايين جنيه.
< ما مستجدات تحديث كود الزلازل؟
ــ منذ العام 1992 وهناك اهتمام كبير بوضع الزلازل فى الاعتبار خلال البناء؛ فجميع المبانى الحديثة المرخصة، والمطابقة للمواصفات، مصممة طبقا لكود الزلازل.
والمركز بصفته المسئول عن وضع الأكواد؛ نعمل على تحديث الأكواد كل 5 سنوات ومنها ما يخص الزلازل، وآخر تحديث صدر عام 2020 ونعمل حاليًا على إصدار تحديث جديد بحلول عام 2025.
< إلى أى درجة تقدر أمان أبراج العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية؟
ــ اطلع المركز على بعض تصميمات هذه الأبراج وهى مصممة جيدا من مكاتب استشارية عالمية، بالتعاون مع مكاتب مصرية، لمقاومة الرياح والزلازل، وفق الأكواد المصرية.
< ما المقصود بالمدن الذكية؟
هى مدن خضراء بالأساس، موفّرة للطاقة، تعتمد على كل ما هو حديث من وسائل طاقة ومواصلات واتصالات وغيرها.
< كم مدينة ذكية فى مصر حاليا؟
ــ على حد علمى لا توجد مدينة ذكية متكاملة فى مصر حتى الآن، لكن هناك أجزاء من العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة تنتهج هذا الأسلوب.
< هل تغير المناخ يؤثر على طرق البناء؟
ــ هناك نوعان من البناء فى مصر، الأول هو الخرسانة وهى الأكثر استخداما، والثانى الحوائط الحاملة وهو محدود حاليا ومعظمها فى القرى والمناطق البعيدة، وتأثير تغير المناخ على هذين النوعين محدود، لكن تغير المناخ أظهر الحاجة إلى التوسع فى المبانى الخضراء، وهى صديقة للبيئة وموفرة للطاقة وتستخدم عناصر البيئة، وتعتمد على استخدام مواد البناء منخفضة الطاقة، مثل الأسمنت منخفض الكلنكر وتقليل استخدام الحديد، واستخدام مواد بديلة.
< كيف يساهم المركز فى نشر وتعزيز نمط البناء الأخضر؟
ــ مركز بحوث الإسكان والبناء إحدى الجهات الرسمية لتقييم المبانى الخضراء، كما أن رئيس المركز نائب رئيس مجلس البناء الأخضر. كما نعمل حاليًا على إصدار دليل للبناء الأخضر يتضمن مواصفات المبانى الخضراء من حيث مواد البناء المستخدمة وطريقة التنفيذ وأسس التهوية والإضاءة وكيفية توفير الطاقة وغيرها، ونتوقع صدوره قريبًا.
< مع ارتفاع تكلفة مواد البناء.. هل من بدائل آمنة غير الطوب والخرسانة للبناء فى مصر؟
ــ المنشآت الخرسانية الأكثر استخداما واعتيادا فى مصر، لكنّها ليست النمط الوحيد المتاح للبناء؛ فالمركز يدرس جميع أنظمة البناء الحديثة، ويتأكد من درجة الأمان المتوافرة عند الإنشاء بهذه الطرق المستحدثة.
هناك أنظمة جديدة للبناء مثل استخدام التربة المثبتة مثلا، وهى عبارة عن استخدام الرمال بالصحراء مع إضافة كمية بسيطة من الأسمنت ونحولها إلى طوب وبلوكات للبناء به، أو نضعها فى شكائر منتظمة نبنى بها، لكن هل المواطن مستعد لتجربة هذه الطريقة؟