وكأنك تحت الماء.. ماذا ينتظر جنود الاحتلال الإسرائيلي داخل متاهة أنفاق حماس؟ - بوابة الشروق
الخميس 19 سبتمبر 2024 9:45 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وكأنك تحت الماء.. ماذا ينتظر جنود الاحتلال الإسرائيلي داخل متاهة أنفاق حماس؟

محمد نصر
نشر في: الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 - 7:29 م | آخر تحديث: الثلاثاء 24 أكتوبر 2023 - 7:29 م

بينما يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لهجوم بري محتمل على قطاع غزة، تمثل شبكة الأنفاق التي بنتها حركة حماس في قطاع غزة تحديا كبيرا أمام أي اجتياح بري عسكري إسرائيلي في القطاع.

وبحسب شبكة إن بي سي نيوز الأمريكية، ففي عام 2013، وبينما كان الضابط بجيش الاحتلال الإسرائيلي، أخيا كلاين، يجلس القرفصاء في الصحراء بالقرب من قطاع غزة، ويراقب فريقه وهو يقوم بالحفر في نفق تابع لحركة حماس بعمق حوالي 19 مترًا وطول 1.6 كم، مستعدًا لدفع كاميرا إلى الداخل، وعندها وقع الانفجار، وتحولت مهمتهم إلى مهمة إنقاذ، بحسب كلاين الذي أصابت القنبلة معظم وجهه وجسده من أعلى وألقت به للخلف.

وأدى الكمين المفخخ إلى إصابة 6 جنود، من بينهم كلاين، الذي أصيب بالعمى الدائم، وقال للشبكة من منزلة في مدينة تورونتو بعد 10 سنوات على الحادثة: "من غير المريح السير داخل نفق والشعور بالراحة مع المجهول".

ووفقا للشبكة فإن تجربة كلاين تسلط الضوء على المخاطر التي قد يواجهها جنود الاحتلال الإسرائيلي، حال اجتياح قطاع غزة في عملية برية.

ويقول خبراء عسكريون، إن الأنفاق الواسعة التي تنشئها حماس تحت الأرض يمكن تمثل كابوس للجندي، ويحذرون من إرسالهم إلى داخل هذه الممرات الضيقة والخانقة، والتي تعاني من انخفاض الأكسجين ومليئة بالالتواءات والمنعطفات، فالعديد من المزايا التقنية العالية التي تتمتع بها إسرائيل فوق الأرض، تعتبر غير فعالة عندما يذهب الجنود تحت الأرض.

نظارات الرؤية الليلية العادية لا تعمل، وكذلك يصعب التواصل ويبقى محدودا بين مقاتلي الأنفاق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويجب عليهم إحضار إمدادات الأكسجين وأجهزة التنفس والأقنعة الواقية الكيميائية الخاصة بهم.

ويشير الفريق المتقاعد بالجيش الأمريكي مارك شوارتز، الذي أدار التنسيق الأمني الأمريكي في دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية من عام 2019 حتى عام 2021، إلى أن "الأمر يشبه أن تكون تحت الماء".

ويقول خبراء بحسب الشبكة، إن الجنود الذين يدخلون الأنفاق يمكن أن يفقدوا اتجاههم بسرعة، ويقعون ضحية للدوار، ويمكن أن تصبح الممرات ضيقة للغاية لدرجة التي تكاد تستحيل عندها العودة.

وقالت دافني ريتشموند باراك، الأستاذة المساعدة في جامعة رايخمان الإسرائيلية، التي أسست فريق عمل دولي معني بالحرب تحت الأرض: "لقد كنت في الأنفاق، وبمجرد النزول إلى الأسفل تفقد بسرعة كبيرة كل إحساس بالاتجاه وكل الإحساس بالوقت".

وترى دافني صاحبة كتاب "حرب تحت الأرض" والتي تعتبره الأكثر شمولاً حول هذا الموضوع أن «الإجماع هو إرسال الجنود في النفق فقط كإجراء أخير، ربما للحصول على رهائن».

وبحسب الشبكة يستخدم "أعداء إسرائيل" أربعة أنواع على الأقل من الأنفاق، وفقا لخبراء، فعلى طول الحدود الشمالية مع لبنان، استخدم حزب الله حفارات ذات رؤوس ماسية لحفر الممرات في الصخر.

وعلى الحدود الجنوبية، حيث تدور حرب بين دولة الاحتلال وحماس، تُستخدم الأنفاق الممتدة من غزة إلى مصر منذ فترة طويلة لتهريب البضائع، وقد تم استخدام الأنفاق المؤدية إلى إسرائيل لشن هجمات على القرى الإسرائيلية.

وبحسب كلاين كان النفق الذي وجده فريقه ويمتد من غزة إلى إسرائيل مزودا بالكهرباء ونظام اتصال داخلي.

ويُعتقد وفقا للشبكة أن المتاهة الموجودة أسفل غزة نفسها هي الأكثر اتساعًا وتعقيدًا وتطورًا، حيث تحتوي على ممرات طويلة متعرجة على أعماق مختلفة تحت الأرض، قدّر البعض طولها الإجمالي بما يتراوح بين 250 كم إلى 500 كم، لكن ريتشموند باراك وآخرون يقولون إن هذه مجرد تكهنات.

ووفقا لموقع بي بي سي، ففي أعقاب صراع عام 2021، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه دمر أكثر من 100 كيلومتر من الأنفاق في الغارات الجوية.

وفي الوقت نفسه، زعمت حماس أن أنفاقها تمتد لمسافة 500 كيلومتر، وأن 5% فقط منها أصيبت.

ولوضع هذه الأرقام في نصابها الصحيح، يبلغ طول مترو أنفاق لندن 400 كيلومتر ويقع معظمه فوق سطح الأرض.

ويبلغ طول قطاع غزة حوالي 40 كيلومترا وعرضه ما بين 6 و14 كيلو مترا.

ويرى جويل روسكين، المتخصص في علم تضاريس الأرض “الجيومورفولوجيا” في جامعة بار إيلان الإسرائيلية والرائد الاحتياطي في جيش الاحتلال، أن التربة في غزة مثالية لحفر الآبار، مما يجعلها مثالية أيضًا لحفر الأنفاق، وأنه بمرور الوقت تعلمت حماس كيفية تحصين أنفاقها، بدءا من الألواح الخشبية ثم العوارض المعدنية وصولا للإسمنت، بعدما كان انهيار الأنفاق شائعا.

وبحسب موقع بي بي سي، فقد بدأ بناء الأنفاق في غزة قبل أن تسحب إسرائيل قواتها ومستوطنيها عام 2005، وقد ضاعفت حماس منذ ذلك الوقت جهودها في تطوير الأنفاق لا سيما بعد توليها السلطة في القطاع عام 2006.

ووفقا لـ "إن بي سي" فمنذ عام 2004، خصص جيش الاحتلال وحدة كوماندوز فرعية للدخول إلى الأنفاق وتطهيرها وتدميرها، تسمى سامور، وهي كلمة عبرية تعني "ابن عرس"، تضم الجنود الذين يستطيعون تحمل البيئة الخانقة داخل الأنفاق.

وفي عام 2020، تحدث باحثون إلى الجيش الإسرائيلي حول المقاتلين المثاليين في الأنفاق وحددوا أن أفضل المرشحين لذلك وهم المنطوون و"المنعزلون".

فيما أجرى باحثون مقابلة مع مجندين من الوحدة، قارن أحدهم نفسه بطيار مقاتل، قائلا "في الواقع، مع كل المعدات، عليك أن تعرف كيفية التشغيل؛ بل إنها أكثر تعقيدًا من تشغيل طائرة".

وقال آخر، إن كل متر يتم قطعه داخل الأنفاق "يشبه عبور الصحراء لمدة شهر".

بحسب موقع دويتشه فيله، فقد كانت الأنفاق في قطاع غزة في بدايتها تهدف إلى تهريب البضائع من وإلى القطاع ومصر، لكن بمرور الوقت وبسبب زيادة عمليات المراقبة الجوية الإسرائيلية بالطائرات المسيرة وغيرها من معدات التجسس الإلكترونية في غزة، بدأت حماس في توسيع شبكة الأنفاق، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يكتشف خطر وتعقيد هذه الأنفاق إلا بعد العملية العسكرية في غزة عام 2014.

وعقب ذلك، بدأت الحكومة الإسرائيلية في إنشاء حاجز حدودي تحت الأرض على طول حدود غزة لمنع التسلل إليها عبر الأنفاق.

وفي مايو 2014، وفقا لـ "إن بي سي" أحبطت دولة الاحتلال توغلًا كبيرًا لحماس داخل الكيان الصهيوني من نظام الأنفاق.

وقال إيدو هيشت، محلل الشؤون الدفاعية في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، كان على إسرائيل وضع ما بين 9 إلى 11 طنًا من المتفجرات في كل نفق لتدميرها.

ويرى الرائد المتقاعد جون سبنسر، رئيس قسم دراسات حرب المدن في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأمريكية "ويست بوينت"، أن الأنفاق الجديدة يمكن حفرها بسرعة كبيرة، مع بعض التقديرات التي تشير إلى أنه يمكن حفر متر في اليوم بأدوات بسيطة مثل المثقاب اليدوي من شركة ديوالت.

وفي عام 2021، قال الجيش الإسرائيلي إنه دمر أكثر من 62 ميلاً من شبكة أنفاق حماس. ولكن 2023 نجحت حماس في مفاجأة إسرائيل بهجومها هذا الشهر.

ويقول خبراء في الحرب تحت الأرض وفقا لـ "إن بي سي" إنهم يعتقدون أنه في هجوم 7 أكتوبر، خرج المقاتلون من مخارج أنفاق متعددة بالقرب من السياج الأمني المحيط بغزة قبل أن يتدفقوا إلى مستوطنات غلاف غزة.

وتسمح "أنفاق الاقتراب" هذه لحماس بالتقاط الأسلحة من مواقعها المسبقة بسرعة عندما يخترق المقاتلون السياج.

وفي الهجمات السابقة، كان من المعروف أن حماس تنتظر إلى ما قبل الهجوم مباشرة لإنهاء الجزء الأخير من النفق حتى لا يتم كشف المدخل.

وقالت ريتشموند باراك وآخرون إنهم يشتبهون في أن حماس قد اخترقت بطريقة أو بأخرى الحاجز الحساس الذي بنته دولة الاحتلال، والذي تبلغ قيمته مليار دولار لمنعها من حفر الأنفاق إلى داخل الكيان الصهيوني.

وأشارت إلى تقارير تفيد بأن المقاتلين استمروا في الظهور بعد أن قال جيش الاحتلال إن المنطقة القريبة من غزة آمنة.

وقالت أيضًا إن تحديد موقع مدخل نفق جديد يشبه العثور على إبرة في كومة قش. وأن الجيش الإسرائيلي استغرق ستة أسابيع للعثور على خمسة أنفاق لحزب الله خلال عملية في عام 2018 على طول الحدود اللبنانية.

فيما أشار هيشت إلى أن: "معظم نجاحاتنا في العثور على الأنفاق وتدميرها على مدى السنوات العشر الماضية كانت من خلال سرقة الخرائط أو القبض على الأفراد المشاركين في حفرها".

وبحسب "إن بي سي" فلا تتوقع ريتشموند باراك أي خرائط جديدة من العملية الحالية بسبب ضغوط العمل. من الواضح أن رسم خرائط للأنفاق في غزة في الوقت الحالي لن يحدث”.

وأشارت ريتشموند باراك إلى أنه: "سيتعين على إسرائيل أن تقوم بتدمير أجزاء كبيرة – ربما ليس 100% من نظام الأنفاق"، بحسب وصفها، ورغم ذلك، فإن أي نجاحات قد تكون مؤقتة فبحسب روسكين: "أنت لا تدمر النفق؛ إنك تلحق الضرر بجزء ما منه"، مشيرًا إلى إمكانية إحياء الأنفاق.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك