أكد وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي، أنه يجري حاليا تعديل قانون التجارة الداخلية؛ لتكون له سلطة ردع أكبر لضبط السوق ومنع الغش وحماية صحة وسلامة المستهلكين، مؤكدا أنه لا يمكن العمل الآن بقوانين تم وضعها منذ 75 عاما، حيث أن الغرامات بسيطة والردع غير واضح.
وأشار الوزير - خلال كلمته في مؤتمر نظمته مؤسسة "مصر أمانة" اليوم الأربعاء - إلى أن بنود المقترح يتولى مراجعتها اللجنة التشريعية بوزارة العدل؛ استعدادا لإرساله إلى مجلس الوزراء، من ثم عرضه على مجلس النواب لإقراره، موضحا أن التعديلات الجديدة تمنح الجهات التنفيذية سلطة الردع مع تكثيف الرقابة على المنتجات التي تؤثر على صحة وسلامة المواطنين.
من جانب آخر، قال وزير التموين إن الاحتياطي الاستراتيجي من السلع أمن ويكفي عدة شهور، مشيرا إلى أن احتياطي القمح يكفي 5 شهور، واحتياطي السكر يكفي 3.2 شهر، لافتا إلى أن موسم السكر القصب سيبدأ في يناير المقبل وسكر البنجر في فبراير، مضيفا أن احتياطي الزيت يكفي 5 شهور، فيما حققنا اكتفاء ذاتي من الأرز، منوها ببدء استلام الأرز من المزارعين ووجود احتياطي من إنتاج العام الماضي يكفي حتي منتصف فبراير المقبل.
وفيما يتعلق باللحوم والدواجن، قال المصيلحي "لدينا اكتفاء من الدواجن يصل إلى 97%، مشيرا إلى أنه يتم استيراد من 5 إلى 10 آلاف طن في فترة الشتاء، وذلك لقيام صغار المرابين بالخروج من دورة تربية الدواجن؛ نظرا لارتفاع التكلفة ونفوق عدد كبير من الدواجن بسبب انخفاض درجات الحرارة بالإضافة إلى الاستيراد قبل شهر رمضان وذلك تحسبا لارتفاع معدلات الطلب.
وأوضح أنه يتم توفير اللحوم الحية من خلال اتفاقية مع شركة سودانية، ويتم الذبح في مجزر أبو سمبل ثم نقلها إلى منافذ التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، بالإضافة إلى قيام وزارة الزراعة بتوفير اللحوم من خلال مشروع إحياء البتلو فضلا عما يوفره جهاز الخدمة الوطنية من خلال تربية أنواع معينة من العجول، مشيرا إلى أنه تم توفير كافة احتياجات المواطنين خلال عيد الأضحى وبأسعار مناسبة نتيجة لتوافر السلعة.
وأكد المصيلحي أنه مع أهمية توافر السلع لابد أن يكون المواطن قادر على الوصول إليها، وذلك من وجود شبكة توزيع منضبطة من خلال توفير مخازن استراتيجية وإقليمية وأخرى فرعية بالإضافة إلى منافذ توزيع، منوها بأنه على مستوى القرى والنجوع والعزب قامت الوزارة بإنشاء أكثر من 6 آلاف منفذ "جمعيتي" لزيادة المعروض الأمر الذي سيحد من ارتفاع أسعار السلع.
وردا على مطالبات البعض بفرض تسعيرة جبرية لمواجهة ارتفاع أسعار السلع، أكد المصيلحي أن الدستور المصري نص على أن الاقتصاد المصري اقتصاد حر منضبط ولا يمكن تحديد سعر السلع؛ لأنه سيفتح باب غير قابل للتحكم من السوق السوداء لوجود سعرين للسلعة، مشيرا إلى أنه يتم الرقابة على الأسواق من خلال الهيئة العامة لسلامة الغذاء للتأكد من جودة السلعة كذلك يتم الرقابة لمنع الاحتكار وحجم السلعة.
وأضاف أنه في حالات وظروف وسلع معينة يجوز لوزير التموين والتجارة الداخلية التدخل لتحديد سعر سلعة معينة مثل ما حدث في 2017 مع أزمة السكر التي نشأت نتيجة ممارسات غير منضبطة أدت إلى ارتفاع سعر الكيلو إلى 20 جنيها مع عدم توافر السلعة في المنافذ، لافتا إلى أن بعد موافقة مجلس الوزراء تم تحديد سعر كيلو السكر بنحو 11.5 جنيه ثم تراجع إلى 10 جنيهات.
وفيما يتعلق بالدعم، قال المصيلحي أإن إجمالي عدد المستفيدين من السلع التموينية بلغ 64 مليون مستفيد مقيدين على 23 مليون بطاقة، فيما بلغ عدد مستفيدي الخبز نحو 71 مليون مستفيد، مضيفا أنه يتم إنتاج من 250 إلى 270 مليون رغيف يوميا، كما يتم استهلاك 750 ألف طن قمح شهريا و120 ألف طن سكر شهريا و70 ألف طن زيت بالإضافة إلى ما يتراوح بين 37 إلى 40 ألف طن أرز شهريا.
وردا على سؤال بشأن مدى إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية، قال المصيلحي إنه لا توجد دولة في العالم تحقق اكتفاء ذاتيا من كافة السلع وإنما تستطيع تحقيق اكتفاء نسبي والحكومات تستطيع أن تزيد من نسبة الاحتياطيات لديها من السلع الأساسية، لافتا إلى أن الوزارة بالتعاون مع وزارة الزراعة تقوم على التوسع في زراعة المحاصيل الزيتية وزيادة إنتاجيتها لتقليل فجوة الاستهلاك، لافتا إلى أنه تم الموافقة على زراعة 250 ألف فدان بنظام الزراعة التعاقدية للمحاصيل الزيتية وزراعة من 100 إلى 150 ألف فدان عباد شمس.
وفيما يتعلق ملف التجارة الداخلية، أكد المصيلحي أن التجارة الداخلية في مصر كانت تعاني من سوء تخطيط وتنظيم حيث يوجد 5 ملايين تاجر ولكن سلاسل الإمداد لا تتمشى مع منظومة الاستهلاك وظهرت خطورة ذلك عند قيام الدولة برفع دعم الوقود الأمر الذي زاد من تكلفة النقل والتي تمثل نسبة تتراوح من 15 إلى 20% من سعر السلعة.
وأضاف أن ما يشهده العالم اليوم لم يحدث خلال الأزمة العالمية في 2008، حيث ارتفع بشكل كبير أسعار البترول والغاز والنولون وتضاعف تكلفة نقل الحاوية من 2000 دولار إلى ما يتراوح من 14 إلى 15 ألف دولار، مؤكدا أن ارتفاع سعر البترول عن مستوى 60 دولار للبرميل يعمل على زيادة كافة أسعار المنتجات الزراعية التي يعاد استخدامها إلى بيوديزل بالإضافة إلى الزيوت، كذلك السكر الذي يستخدم في صناعة الإيثانول الذي يستخدم كنوع من الطاقة النقية بدلا من البنزين.
ولفت إلى أن الأزمة الحالية أدت إلى تأثيرات غير مباشرة، حيث قامت البرازيل (أكبر منتج للسكر) مع ارتفاع أسعار الوقود في استخدامه لتوفير الطاقة وبالتالي تراجع المعروض وزادت الأسعار، كذلك قامت روسيا (أكبر منتج للقمح بالعالم)، حيث لديها فائض يصل إلى 35 مليون طن معد للتصدير بوضع رسم صادر بلغ 78 دولارا على الطن، مشيرا إلى أن سعر طن القمح ارتفع من 250 دولار إلى 361 دولارا خلال أربع شهور.
وأكد ضرورة تحمل كافة فئات الشعب فاتورة ارتفاع أسعار، مشيرا إلى أن تحمل الحكومة لا تستطيع تحمل كافة فروق الأسعار لأنها تؤدي إلى زيادة عجز الموازنة وزيادة الخدمة الدين الأمر الذي يؤدي لتراجع حجم الاستثمارات وبذلك نجد أن عجلة الاقتصاد بدلا من أن تتحرك تقف، محذرا من خطورة أن يكون الركود بناء على الموجة التضخمية التي تؤدي إلى رفع الأسعار وتراجع معدلات الشراء وقلة العمالة مما يهدد بكساد.
وأشار إلى أنه تم وضع خطة لتطوير القطاع التجارة الداخلية وافقت عليها القيادة السياسية في أكتوبر 2017 تتضمن إقامة مناطق لوجستية إقليمية أو مخازن استراتيجية ومناطق تجارية مجمعة، لافتا إلى أن جهاز تنمية التجارة الداخلية قام بتنفيذ 22 مشروعا في 18 محافظة بطرحه بنظام حق الانتفاع لمدة تصل إلى 35 للقطاع الخاص.
وفيما يتعلق بالمشروع القومي للصوامع، قال المصيلحي إن مصر في 2014 لم يكن لديها طاقة تخزينية سوى 1.2 مليون طن، حيث كان يتم تخزين القمح في شون ترابية مما يؤدي إلى فقد نحو 10% مشيرا إلى أن حجم استهلاك مصر نحو 10 ملايين طن سنويا مما يعني مليون طن هادر تعادل 5 مليارات جنيه سنويا(5500 جنيه للطن) لافتا إلى أن السعة التخزينية الحالية بلغت 3.4 مليون طن وتكلف المشروع 7.7 مليار جنيه.
وأشار إلى أنه مع خطة الحكومة لزيادة الرقعة الزراعية في منطقة توشكى فإنه سيتم إنشاء مزرعة للصوامع توشكى 1 وتوشكى 2 وشرق العوينات وفي منطقة دندرة بقنا لقربها من القطارات والأنهار والطرق السريعة.