الوليلى: تخوفات من عودة الممارسات الاحتكارية والتلاعب فى الأسعار رغم ارتفاع الإنتاج المحلى.. الدجوى: زيادة المعروض لن تسمح بتكرار ما حدث من احتكار العام الماضى
يرى عدد من التجار أن توقف الهند عن تصدير الأرز لن يؤثر على السوق المحلية بشكل كبير، مرجعين ذلك إلى وجود مخزون استراتيجى يكفى لعدة أشهر، بالإضافة إلى أن الأسواق تترقب موسم الحصاد الجديد فى أغسطس المقبل.
بينما يرى مصدر آخر أن القرارات الأخيرة لدولة الهند بحظر تصدير الأرز الأبيض، قد تؤدى إلى عودة الممارسات الاحتكارية وحجب والسلعة عن الأسواق المحلية، وبالتبعية ارتفاع كبير فى الأسعار، مثلما حدث الموسم الماضى.
وأصدرت الهند فى 20 يوليو الحالى، قرارا بحظر تصدير الأرز الأبيض غير البسمتى، للحفاظ على استقرار سعره فى البلاد، وهو ما أدى إلى توقعات بارتفاع أسعاره عالميا، حيث تمثل الهند نحو 40% من تجارة الأرز فى العالم، وفقا لوكالات. قال مجدى الوليلى، عضو مجلس إدارة شعبة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، إن الحكومة المصرية اعتمدت خلال الفترة الماضية على استيراد الأرز الهندى بكميات كبيرة؛ لتحقيق الاستقرار فى سعره محليا، وخلق توازن بين العرض والطلب.
وبحسب الوليلى، استوردت مصر 200 ألف طن من الأرز الهندى منذ بداية عام 2023، منها 50 ألف طن لصالح القطاع الحكومى، و150 ألف طن لصالح القطاع الخاص، قائلا: «الحكومة لجأت لاستيراد الأرز الهندى لأول مرة منذ فترة طويلة بالتزامن مع موسم حصاده العام الماضى للحد من تلاعبات التجار، بعدما شهدت السوق المحلية زيادات غير مبررة فى الأسعار، وتراجع الكميات المعروضة منه على الرغم من ارتفاع الإنتاج المحلى وزيادة المساحات المزروعة من الأرز».
وشهد موسم حصاد الأرز الماضى فى مصر، اعتراض عدد من الفلاحين على الأسعار التى حددتها الحكومة؛ لتوريد طن شعير عن كل فدان بـ6600 جنيه لطن الأرز رفيع الحبة، و6850 جنيها لطن الأرز عريض الحبة، وهو ما دفعهم لبيعه للقطاع الخاص بسعر أعلى، والامتناع عن التوريد للحكومة.
وجمعت الحكومة خلال الموسم الماضى، 400 ألف طن من شعير الأرز، مقارنة بـ1.5 مليون طن كانت تستهدفها وزارة التموين، بحسب تصريحات سابقة فى بداية العام الحالى لعلى المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية. وأصدرت الحكومة قرارا فى سبتمبر الماضى، بتحديد أسعار بيع الأرز فى محلات التجزئة بما يتراوح بين 12 جنيها للكيلو السائب، و18 جنيها للكيلو المعبأ كسر 3%، ولكن القرار أدى إلى زيادة عمليات التخزين، وتراجع حجم المعروض منها بالأسواق، وهو ما دفع الحكومة لإلغائه فى فبراير 2023، قبل انتهاء العمل به بشهر واحد، وفقا لعدد من التجار تحدثوا لـ«الشروق»، فى وقت سابق. ويرى الوليلى أن توقف الهند عن تصدير الأرز يؤثر على أسعار السلعة فى السوق المحلية، رغم وفرة المعروض، قائلا: «نحن نعيش فى سوق قائمة على الاحتكار وتحركها الشائعات وتنتشر فيه الأسواق السوداء، ولذلك سيستغل البعض عدم قدرة الحكومة على استيراد الأرز برفع الأسعار»، مطالبا الدولة باتخاذ قرارات استباقية وانضباطية تحكم تداول السلع بالأسواق، وإلا سيكون هناك أزمة جديدة فى أسعار الأرز.
كما طالب الحكومة بالاستعداد لموسم الحصاد الذى سيبدأ فى أغسطس المقبل، لمنع تكرار ما حدث الموسم الماضى، عندما لم تستطع جمع المستهدفات، كما طالب بتبنى الحكومة سياسة الثواب والعقاب، بأن تعطى امتيازات للفلاحين الذين يوردون الكميات المطلوبة منهم، وتتخذ إجراءات انضباطية ضد الذين يعزفون عن التوريد.
من جانبه، يرى مصطفى السلطيسى عضو مجلس إدارة شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، أن قرار الهند بحظر تصدير الأرز لن يؤثر على الأسعار بالسوق المحلية، قائلا: «إن المعروض من السلعة حاليا يكفى لعدة أشهر». وأضاف أن السوق تترقب موسم الحصاد فى أغسطس المقبل، والذى يتوقع له زيادة كبيرة فى الإنتاج بنسبة لا تقل عن 50%، مقارنة بالعام الماضى، تضاف للكميات الكبيرة المتواجدة فى السوق حاليا.
وأرجع السلطيسى تلك الزيادة المتوقعة إلى رغبة الفلاحين فى تحقيق مكاسب مادية مثلما حدث العام الماضى، حيث وصل سعر شعير الأرز إلى 13 و14 ألف جنيه للطن، رغم أن تكلفة إنتاجه لم تتجاوز الـ5 آلاف جنيه. وأشار إلى أن ما حدث فى أسعار الأرز الموسم الماضى من ارتفاعات غير مبررة، عندما وصل سعر الأرز الأبيض إلى 36 جنيها للكيلو، جعل الحكومة تتجه إلى الهند لاستيراد السلعة الاستراتيجية وزيادة المعروض فى السوق المحلية، «منذ أن استوردت الحكومة الأرز الهندى خلال النصف الأول من العام الحالى، تراجع سعر الأرز الشعير من 20 ألف جنيه، إلى 11.5 ألف جنيه للطن خلال تعاملات أمس».
ويرى أن الأسعار ستتراجع مرة أخرى مع موسم الحصاد المقبل وزيادة الإنتاج المتوقعة، قائلا: «السعر ممكن يقل عن 10 آلاف جنيه للطن الشعير». وقال هشام الدجوى رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة الجيزة التجارية، إن مصر لديها مخزون استيراتيجى حاليا من الأرز يكفى لمدة 4 أشهر على أقل تقدير، بالإضافة إلى موسم الحصاد الجديد الذى يبدأ الشهر المقبل.
وأضاف أن مصر فى الأساس لديها اكتفاء ذاتى من الأرز، ولكن ما حدث العام الماضى كان نتيجة لممارسات احتكارية، مشيرا إلى أن تلك الممارسات سيصعب تكرارها خلال الموسم الجديد بسبب الزيادة الكبيرة فى المعروض.
وبحسب الدجوى، فإن سعر كيلو الأرز السائب يسجل حاليا 22 جنيها للمستهلك، مقارنة بـ33 جنيها فى الربع الأول من العام الحالى، مرجعا ذلك إلى تدخل الحكومة باستيراد كميات كبيرة من الهند. وأشار إلى أنه بعد زيادة المعروض فى السوق المحلية اتجه محتكرو السلعة إلى التخلص من مخزون الأرز لديهم قبل أن تتراجع الأسعار أكثر من ذلك، بالإضافة إلى ضعف القدرة الشرائية للمستهلك وتراجع الطلب بنسبة 50% تقريبا على السلعة الاستراتيجية، لافتا إلى أن تلك العوامل ستساعد على انخفاض الأسعار مرة أخرى خلال الفترة المقبلة.