كشف جيفري جولدبرج، رئيس تحرير مجلة ذا أتلانتيك، عن خطط حرب شديدة الحساسية تم تشاركها عن طريق الخطأ عبر دردشة هاتفية، على عكس ما أكده عدد من مسؤولي الإدارة الأمريكية ومن بينهم وزير الدفاع بيت هيجسيث.
وكان جولدبرج، قد كشف، الاثنين، عن إضافته عن طريق الخطأ إلى مجموعة دردشة سرية على تطبيق سيجنال تضم كبار مسئولي إدارة ترامب يناقشون خلالها خططاً عسكرية سرية للهجوم على الحوثيين في اليمن.
وبعد ذلك، عندما سأل أحد المراسلين وزير الدفاع الأمريكي عن سبب مشاركته خططاً لهجوم وشيك على اليمن عبر تطبيق سيجنال للمراسلة أجاب: لم يُرسل أحد خططاً للحرب عبر الرسائل النصية. وهذا كل ما لدي لأقوله في هذا الشأن.
وقال جولدبرج، إنه في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الثلاثاء، سُئلت مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي جابارد، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون راتكليف، عن محادثة سيجنال، التي دُعي إليها جولدبرج بالخطأ من جانب مستشار الأمن القومي مايكل والتز، فقالت جابارد: لم تُشارك أي مواد سرية في مجموعة سيجنال.
كما قال راتكليف الشيء نفسه، مضيفاً: للتوضيح، كانت اتصالاتي في مجموعة رسائل سيجنال مسموحة وقانونية تماماً، ولم تتضمن معلومات سرية.
وحين سُئل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الأمر نفسه، قال إنها لم تكن معلومات سرية.
• تفاصيل الخطة المسربة
وقال رئيس تحرير أتلانتيك، إن معظم نقاشات "المجموعة الصغيرة للحوثيين" دارت حول توقيت الهجمات ومبرراتها، لكن في يوم الهجوم، وهو السبت 15 مارس، انحرف النقاش نحو الجانب العملياتي.
وأضاف أنه في الساعة 11:44 صباحاً بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، نشر هيجسيث في الدردشة، بأحرف كبيرة، "تحديث الفريق": بدأ النص التالي: الوقت الآن (11:44 بالتوقيت الشرقي): الطقس مناسب. تم التأكيد للتو من القيادة المركزية الأمريكية أننا جاهزون لإطلاق المهمة.
وأضاف نص هيجسيث: 12:15 مساءً.. انطلاق طائرات إف-18 (حزمة الضربة الأولى)، 13:45 مساءً: بدء تنفيذ الضربة الأولى لطائرات إف-18 (المستهدف موجود في موقعه المعروف، لذا يجب أن يكون في الموعد المحدد إضافة إلى إطلاق طائرات الهجوم بدون طيار (MQ-9).
وقال جولدبرج، إن رسالة سيجنال تظهر أن وزير الدفاع الأمريكي أرسل رسالة نصية إلى مجموعة تضمنت رقم هاتف لا يعرفه، الساعة 11:44 صباحاً، وكان هذا قبل 31 دقيقة من انطلاق أولى الغارات الأمريكية، وقبل ساعتين ودقيقة واحدة من بداية الفترة التي كان من المتوقع فيها أن يُقتل هدف رئيسي.
وذكر أنه لو تلقى هذه الرسالة شخص معادي للمصالح الأمريكية، أو مجرد شخص متهور، ولديه إمكانية الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي لكان لدى الحوثيين الوقت الكافي للاستعداد لما كان من المفترض أن يكون هجوماً مفاجئاً على معاقلهم، وربما كانت العواقب وخيمة على الطيارين الأمريكيين.
وتابع أن هيجسيث، نشر بعد ذلك: إطلاق المزيد من طائرات إف-18 (حزمة الضربة الثانية)، ثم طائرات هجومية بدون طيار على الهدف (هذا هو موعد سقوط القنابل الأولى، بانتظار أهداف سابقة مُفعّلة).
وتحدث وزير الدفاع عبر مجموعة سيجنال محدداً موعد انطلاق الضربة الثانية لطائرات إف-18، وأيضاً إطلاق أول صواريخ توماهوك من البحر.
• معلومات حول موقع هجوم في صنعاء
وأوضح رئيس تحرير المجلة أن مستشار الأمن القومي والتز أرسل مساء الرسالة التالية متضمنة معلومات استخباراتية حول الأوضاع في موقع هجوم يبدو أنه في صنعاء: نائب الرئيس. انهار المبنى. كانت هناك عدة هويات مؤكدة، عمل رائع، وهو ما يعني أن الاستخبارات الأمريكية قد تأكدت من هوية الهدف الحوثي، أو الأهداف، باستخدام موارد بشرية أو تقنية.
وبعد ست دقائق، رد نائب الرئيس فانس على رسالة والتز بكلمة: ماذا؟، ليرد: أكتب بسرعة كبيرة. الهدف الأول، كبير مسئولي الصواريخ لديهم، كان لدينا هوية مؤكدة له وهو يدخل مبنى، وقد انهار الآن. ثم رد فانس بعد دقيقة: ممتاز.
وفي وقت لاحق من ظهر ذلك اليوم، نشر هيجسيث: القيادة المركزية الأمريكية لا تزال على المسار الصحيح، ثم أخبر المجموعة بعد ذلك أن الهجمات ستستمر.
وقال جولدبرج، إن هذه التصريحات وضعته في مأزق. ففي التقرير الأول الذي نشرته عن محادثة سيجنال، الخاصة بمجموعة الحوثيين الصغيرة، كما أطلق عليها والتز، حجبنا معلومات محددة تتعلق بالأسلحة وتوقيت الهجمات التي وجدناها في بعض النصوص. وكقاعدة عامة، لا ننشر معلومات عن العمليات العسكرية إذا كان من المحتمل أن تُعرض حياة أفراد أمريكيين للخطر. ولهذا السبب اخترنا تحديد طبيعة المعلومات المُشاركة، وليس التفاصيل المحددة حول الهجمات.
إلى ذلك، قال جولدبرج في تقريره بالمجلة: سألنا المسئولين في إدارة ترامب عما إذا كانوا يعترضون على نشرنا للنصوص الكاملة، عن طريق رسالة مفادها: في ضوء تصريحات اليوم الصادرة عن العديد من مسؤولي الإدارة، بما في ذلك أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، بأن المعلومات الواردة في مجموعة سيجنال حول ضربة الحوثيين ليست سرية، وأنها لا تتضمن خطط حرب، تدرس مجلة ذا أتلانتيك نشر سلسلة سيجنال كاملة.
• البيت الأبيض يعترض على النشر
وأضاف أن كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، أرسلت رداً عبر البريد الإلكتروني جاء فيه: كما ذكرنا مراراً وتكراراً، لم تُنقل أي معلومات سرية عبر الدردشة الجماعية. ومع ذلك، وكما صرح كل من مدير وكالة المخابرات المركزية ومستشار الأمن القومي اليوم، فإن هذا لا يعني أننا نشجع نشر المحادثة. كان المقصود من هذه المحادثة أن تكون مداولات داخلية وخاصة بين كبار الموظفين، وقد نوقشت معلومات حساسة. لذلك، لهذا السبب تحديداً، نعم، نعترض على النشر.
كما طلب متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي اي ايه) حجب اسم ضباط المخابرات في الوكالة الذي كان ضمن المجموعة.
وقال جولدبرج: إن العديد من الخبراء قالوا إن استخدام دردشة سيجنال لمثل هذه المناقشات الحساسة يشكل تهديداً للأمن القومي. على سبيل المثال، تلقيه معلومات عن الهجمات قبل ساعتين من بدء قصف مواقع الحوثيين المقرر. وأنه لو وقعت هذه المعلومات وخاصة مواعيد إقلاع الطائرات الأمريكية المحددة إلى اليمن في أيدي غير أمينة خلال تلك الساعتين الحاسمتين، لكان الطيارون الأمريكيون وغيرهم من الموظفين الأمريكيين قد تعرضوا لخطر أكبر مما قد يواجهونه عادة.
من جهته، انتقد مسئول في البيت الأبيض، الأربعاء، بشدة المعلومات الجديدة التي كشفتها أتلانتيك، معتبراً أنهم "يكذبون لمواصلة خدعة جديدة" بشأن تشارك الخطط العسكرية لمهاجمة الحوثيين في اليمن خطأ مع رئيس تحرير المجلة.
وكتب تايلور بودوفيتش، معاون رئيسة المكتب الرئاسي، على منصة "إكس" أن "ذي أتلانتيك تخلت عن روايتها بشأن "خطط حرب"، مشيراً إلى أن المقال الثاني الذي نشرته المجلة يظهر أن الرسائل لم تكن محاطة بهذا القدر الكبير من السرية كما زُعم في المقال الأوّل المنشور الاثنين الذي كشف عن هذه القضية تحت عنوان "حكومة ترامب أرسلت لي خطأ خططها الحربية".