قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن المنطقة العربية تقف في مفترق طرق خطير، فإما أن يتوقف التصعيد الإجرامي الذي تمارسه إسرائيل أو ستتسع دائرة النار والدمار وتخرج الأمور عن السيطرة.
وأضاف أبو الغيط أمام مجلس الأمن في جلسة النقاش العام رفيعة المستوى المنعقدة تحت البند الدائم المعنون حفظ السلم والأمن الدوليين، أن موضوع هذا الاجتماع رفيع المستوى و الورقة المفاهيمية المتميزة، تعكس بوضوح الوعي الكامل بأزمة الثقة الكبيرة التي يعاني منها النظام الدولي متعدد الأطراف في الأمم المتحدة.
وأوضح أبو الغيط أن أزمات النظام الدولي انعكست وما شهدته الأعوام الماضية من تصاعد واضح لمنافسات القوى الكبرى على المنطقة العربية.
وتابع: "لقد شهدنا حالة تشبه الشلل والعجز الكامل في التعامل مع نزاعات خطيرة، كانت لها كلفة إنسانية هائلة، وتبعات تتجاوز المنطقة العربية إلى ما وراءها.
وشدد على أن المنطقة العربية تقف في مفترق طرق خطير، فإما أن يتوقف هذا التصعيد الإجرامي الذي تمارسه إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية ومؤخراً في لبنان، وإما ستتسع دائرة النار والدمار وتخرج الأمور عن السيطرة.
وأكد أن لا أحد في المنطقة العربية يريد حرباً إقليمية، فنحن نعرف جيداً مخاطر الحرب وتبعاتها المؤلمة على الشعوب،ونعرف أيضاً أن العنف المفرط وقتل المدنيين وإجبار السكان على مغادرة بيوتهم كما يحدث في لبنان هذه الأيام، وكما حدث في غزة لعام كامل صار فيه جل مواطنيها من النازحين لمرة ومرتين وخمس مرات.
وشدد قائلا:" نعرف أن هذا العنف المفرط والعشوائي والإجرامي لن يحل الأزمة ولن يجلب السلام أو يحقق الأمن لإسرائيل، أو لشعوب المنطقة. لا حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي سوى بمعالجة سببه الأصلي، وهو عدم حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة تحقق آمالهم وتطلعاتهم في الاستقلال وتقرير المصير.
وأشار أبو الغيط إلى أن الصراع لم يبدأ في 7 أكتوبر، كما تريد إسرائيل أن تقنع العالم، مؤكدا أن 7 أكتوبر لم يحدث في فراغ كما قال بحق السكرتير العام للمنظمة الأممية التي نقف في رحابها اليوم، وكما عبر بوضوح الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو الماضي، ومؤكدا مجددا أن الاحتلال هو أصل المشكلة، وأن تفكيك الاحتلال هو بداية الحل.
وقال الأمين العام:" أمام مجلسكم مهمة تاريخية"، مؤكدا أن المنطقة العربية قد تشتعل لسنوات إن ترك قادة الاحتلال الإسرائيلي من غير حساب، ومن دون أي ضغط حقيقي يوقف اندفاعاتهم المتهورة لتحقيق مصالحهم السياسية الداخلية على حساب الشعوب، و أشار أن مصداقية هذا المجلس، وهذه المنظمة الأممية على المحك، وليس هناك حدث في عالمنا يُمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين أخطر مما نواجهه اليوم في فلسطين ولبنان، مؤكدا أن ليست هناك جريمة في حق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني أفدح مما نشهده اليوم في فلسطين ولبنان.
وشدد على أنه لابد أن يرتفع صوت هذا المجلس ليس دفاعاً فقط عن الفلسطينيين واللبنانيين الذين يفقدون أرواحهم يومياً، من الأطفال والنساء والمدنيين، ولكن دفاعاً عن كل معنى تمثله هذه المنظمة الأممية وتحتضنه وتصونه، وعن نظام الأمن الجماعي الذي يمثل جوهر وجودها وأساس عملها ورسالتها.
وأوضح أبو الغيط أن الجامعة العربية لطالما عملت على نحو لصيق مع الأمم المتحدة، مشيرا لما تم رصده اليوم من حالة من القبول اليائس والعاجز باستمرار الصراعات في المنطقة العربية.
وأشار للأزمات الإنسانية في السودان واليمن،واصفا إياها بالأخطر في العالم، نتيجة لحروب مشتعلة وصراعات ممتدة، وبالكاد تلعب الأمم المتحدة دورها في الشئون الإنسانية، مع تراجع ملحوظ في الإرادة للقيام بدور حاسم في الوساطة والخروج بالحلول السياسية الضرورية.
وأكد أن التبعات الإنسانية الخطيرة لهذه النزاعات ليست سوى انعكاس لغياب الحل السياسي وإصرار الأطراف على المواقف القصوى، وفي المحصلة، تتحمل الشعوب العبء الأكبر وتدفع ثمن استمرار النزاعات من دماء أبنائها ومستقبلهم.
وقال أبو الغيط :"علينا أن نبث روحاً جديدة في عمل المبعوثين الأممين لهذه النزاعات. وأن تخرج مبادرات مشتركة فعالة ومبدعة للوساطة والحلول الدبلوماسية، بالتعاون مع المنظمة الإقليمية.
وأشار لاستعداد الجامعة العربية دائماً للتعاون والتنسيق والعمل المشترك مع الأمم المتحدة ومبعوثيها.
وأكد أن هذه اللحظة الخطيرة التي تواجهها المنطقة العربية تستدعي الانتباه لأنها قد تضيع اليوم، دون أن ندري فرصة أخيرة نادرة لوقف هذا الانزلاق الخطير نحو الكارثة، وهي كارثة لن تقف عند حدود المنطقة العربية.