تعد كنيسة الروم الأرثوذكس بدمياط إحدى العلامات التاريخية البارزة في المحافظة، حيث تجمع بين العمق الديني والأثر التاريخي، مما يجعلها وجهة مميزة لمحبي السياحة الدينية، وبمناسبة عيد الميلاد المجيد لطائفة الروم الأرثوذكس، نعرض تاريخ وآثار الكنيسة.
يعود تاريخ الكنيسة إلى حقب زمنية متعاقبة، تحمل في طياتها قصصاً تشهد على صمود دمياط أمام الغزوات والأحداث التاريخية.
-تأسيس الكنيسة وسط معركة التاريخ
في عام 1169، تصدت دمياط لهجمات الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل كومنينوس، الذي حاول استعادة السيطرة على مصر ودمياط تحديداً، حيث كانت كنيسة الروم الأرثوذكس من المعالم المهمة آنذاك، ورغم فشل الهجوم البيزنطي، ظل المكان شاهداً على تلك الفترة المضطربة.
في عهد الظاهر بيبرس عام 1260، ومع استمرار التهديدات الصليبية، أُزيلت مدينة دمياط بهدف منع تكرار الغزوات، بعد إعادة إعمار المدينة، تم ترميم الكنيسة على الطراز القديم، لتظل محتفظة بجمالها وعبق تاريخها حتى يومنا هذا.
-تصميم معماري فريد
شهدت الكنيسة أعمال تجديد متعاقبة، أبرزها في القرن الـ13 واستمرت حتى عام 1779، قُسّمت الكنيسة إلى جزئين: الجزء الأول باسم القديس مارجرجس المنتصر، والجزء الثاني باسم القديس نيقولاس رئيس أساقفة ميراليكية.
داخل الكنيسة، تبرز المائدة المقدسة التي تحتوي على الأرتوفوريون، وهي قطعة فريدة تعود إلى عام 1718، مزينة بزخارف عربية رائعة، تشمل المائدة أيضاً أدوات مقدسة مثل الكؤوس الفضية المطلية بالذهب وملاعق صغيرة تُستخدم خلال القداس، أما كرسي البطريرك، فيحمل نقوشاً تعود إلى الدولة البيزنطية، منها رأس صقر كان رمزاً للإمبراطورية، ما يضيف قيمة أثرية وتاريخية كبيرة.
-أيقونات ومخطوطات فريدة
تضم الكنيسة مجموعة من الأيقونات والمخطوطات النادرة، إلى جانب إناء المعمودية الحجري وأعمدة تعود إلى الكنيسة القديمة، وتُعد هذه المقتنيات نافذة تطل على الماضي، حيث تسرد تاريخ دمياط في العصور الوسطى.
-الكاهن يروي الحكاية
وقال الأب هشام بندليمون، كاهن الكنيسة: "هذه الكنيسة ليست فقط مكاناً للصلاة، بل هي جزء من روح دمياط القديمة، جدرانها وأيقوناتها تروي قصة المدينة عبر القرون"، وأضاف: "قمنا بإعداد متحف داخل الكنيسة يضم بعض متعلقات البطريركية، ليكون وجهة للعائلات والزوار المهتمين بالتاريخ".
-وجهة للسياحة الدينية
أصبحت كنيسة الروم الأرثوذكس مزاراً سياحياً يجذب الزوار من داخل مصر وخارجها، بمقتنياتها الفريدة وتصميمها المعماري المميز، تقدم الكنيسة تجربة استثنائية لكل من يرغب في اكتشاف تاريخ دمياط، وتمثل كنيسة الروم الأرثوذكس بدمياط صفحة مضيئة من تاريخ المحافظة، حيث تجمع بين الفن المعماري العريق والتاريخ الإنساني العميق، زيارتها ليست مجرد رحلة سياحية، بل تجربة استكشاف لعراقة الماضي وروح الحاضر.