يجلس الفلسطيني فتحي سعيد، من سكان بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، أمام موقد نار أشعله داخل مركز إيواء للنازحين في مدرسة خليفة بن ياسين في البلدة.
ويحاول سعيد مواجهة تحديات الحرب والحصار والتخفيف عن أطفاله الجوعى، بطهي قدر من الحمص بالماء فقط، في ظل حالة المجاعة وأزمة العطش التي يعيشها سكان شمال غزة.
ويواجه آلاف الفلسطينيين في شمال غزة خطر الجوع والعطش، ولا سيما الأطفال، حيث تتواصل الحرب الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر الماضي.
واضطر سعيد إلى مغادرة منزله في بلدة بيت لاهيا شمال غزة بعد قصفه وتدميره من قبل الجيش الإسرائيلي، ولجأ مع أسرته المكونة من 7 أفراد كآلاف العائلات الفلسطينية إلى مركز الإيواء، وفقا لوكالة الأناضول.
وتحدث النازح سعيد عن عملية النزوح حتى وصوله إلى هذه المدرسة والمشكلات التي عاشها في شمال غزة، قائلا: "تعرض منزلنا للقصف بعد 22 يومًا من الحرب وتم تسويته بالأرض، وتوجهنا بعد ذلك لمنزل مجاور ثم تعرضت المنطقة للقصف الشديد، واضطررنا للانتقال إلى مركز الإيواء".
ويضيف: "بعد استقرارنا في المدرسة، حاصرنا الجيش الإسرائيلي في 9 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأجبر جميع الرجال على الخروج من المدرسة عراة، وتركوا في العراء حتى منتصف الليل".
ويشير إلى خطورة الأوضاع في محيط مركز الإيواء، فضلا عن المعاناة بسبب الاكتظاظ الكبير داخله ونقص المياه الصالحة للشرب أو للاستحمام.
ويجلس نجل سعيد الصغير بجانب أبيه وهو يطهو الطعام، وينتظر بفارغ الصبر أن ينضج حتى ينتهي ليأكله بعد نهار كامل دون تناول أي شيء.
ويبين سعيد، الذي تتحدث عيناه عن معاناة لا تنتهي، أن النقص الحاد في المواد الغذائية والماء الصالح للشرب يهدد حياة سكان شمال قطاع غزة بالموت جوعًا.
ويصف الواقع الذي تعيشه العائلات شمال غزة بأنه "مجاعة حقيقية وكارثة"، حيث لم تتناول العائلات داخل المدرسة خبز الدقيق أو القمح أو حتى الشعير المخلوط بأعلاف الحيوانات منذ نحو 20 يوما.
ويوضح أن سوء التغذية وقلة المواد الغذائية، بالإضافة إلى النقص الشديد في المياه الصالحة للشرب والماء اللازم للاستحمام في شمال غزة، تسببت في إصابة النازحين بالعديد من الأمراض وفاقمت معاناتهم.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في إحصائية سابقة، أن هناك 10 آلاف مريض سرطان يواجهون خطر الموت، وأن 11 ألف مصاب في قطاع غزة بحاجة إلى السفر للعلاج.
وقال حينها: "هناك أكثر من 700 ألف شخص مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، من بينهم 8 آلاف حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي".
ويقول سعيد: "إنّ سعر كيس الطحين بوزن 25 كيلوجراما يصل إلى 3000 شيكل في حال توفره (الدولار يساوي 3.63 شيكل)، والخضار شحيحة جدا جدا ويصعب الحصول عليها، والأمراض ازدادت".
ويعاني الأطفال الجوعى والمرضى بسبب قلة الإمدادات وانعدام الرعاية الطبية الكافية، وفقًا لسعيد الذي أوضح أن مكافحة الجوع الشديد في المنطقة مستمرة وتشتد يومًا بعد يوم، وذكر أن الأمراض تحدث أيضًا بسبب العطش وسوء التغذية.
ويشير إلى إصابة أطفاله الثلاثة بمرض الكبد الوبائي من الدرجة الأولى بسبب نقص التغذية وقلة النظافة، ما اضطره إلى التوجه بهم نحو مستشفى كمال عدوان لتلقي العلاج، لكن الوضع هناك كان صعبًا للغاية.