أعدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تحليلًا، اليوم الخميس، تحدثت فيه عن تسريبات تطبيق "سيجنال"، وأنها كشفت الأهداف الأمريكية في اليمن، مشيرة إلى أن هزيمة جماعة الحوثيين لن تكون سهلة.
وذكرت "نيويورك تايمز" أن المسئولين الأمريكيين يسعون لتقليص هجمات الجماعة على السفن في البحر الأحمر، لكنهم لم تردعهم الضربات التي شنت ضدهم في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، ولن تفعل القوة الجوية وحدها.
• ماذا كانت إدارة ترامب تأمل تحقيقه؟
وأوردت الصحيفة الأمريكية، أن النشر المفاجئ للمحادثة الجماعية التي يشارك فيها مسئولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمناقشة خطط المعركة الأمريكية كشف بطريقة غير معتادة تماماً ما تأمل الإدارة تحقيقه من خلال الغارات الجوية هذا الشهر ضد جماعة الحوثيين في اليمن.
وكانت الهجمات، وفقاً لما قاله بعض المشاركين في الدردشة الجماعية، تستهدف ردع الحوثيين عن شن هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وإعادة فتح ممرات الشحن إلى قناة السويس.
وقال مشارك، جرى تحديد هويته بأنه مايكل والتز مستشار ترامب للأمن القومي: "سواء كان ذلك الآن أو بعد عدة أسابيع من الآن، يجب أن تكون الولايات المتحدة هي من يعيد فتح ممرات الشحن هذه".
لكن هذه الآمال رفيعة المستوى التي جرى التعبير عنها عبر الدردشة على منصة "سيجنال"، التي خرجت للعلن بعد إضافة رئيس تحرير مجلة "أتلانتيك" الأمريكية بالخطأ إليها، يمكن أن تصطدم بالواقع.
وقال خبراء في شئون الشرق الأوسط، إن الحوثيين لن يهزموا بسهولة. وتحقيق الفوز في بضع حروب باستخدام القوة الجوية وحدها، وقال بعض الخبراء العسكريين إن الأمر لن يكون مختلفا مع الحوثيين. كما أن أكبر شركات الشحن ليس لديها رغبة كبيرة في العودة إلى البحر الأحمر؛ حيث وجدوا حلا بديلا، الذي بالرغم من كونه مُكلف وغير مريح، يسمح لهم لتجنب تلك الممرات وتسليم شحناتهم في موعدها.
وأوضح جيمس هولمز، أستاذ الشئون الاستراتيجية في الكلية الحربية البحرية في رود آيلاند، أنه حتى خلال الحرب الأمريكية لإخراج العراق من الكويت عام 1991، عندما كانت القوة الجوية في ذروتها، كان الغزو البري ضروريا – وربما تتطلب هزيمة الحوثيين احتلالا.
وقال هولمز إنه يجب السيطرة من أجل الفوز، موضحا: "لا يمكن لطائرة أن تحتل الأراضي، ومع ذلك تشكل قدرة دعم لا تقدر بثمن للجيوش ومشاة البحرية".
وأوضح محللون، أن الحوثيين ربما يستغلون الضربات العسكرية الأمريكية لتعزيز وضعهم في اليمن ومناطق أبعد من ذلك حيث عانت مجموعات أخرى موالية لإيران، مثل حزب الله، من خسائر فادحة على أيدي إسرائيل.
وقال فارع المسلماني، باحث يمني بمعهد تشاتم هاوس في لندن، إن الضربات الأمريكية الأخيرة تعتبر "رد مباشر على دعوات الحوثيين للحرب مع الولايات المتحدة"، مضيفا أن الجماعة "تريد جر الولايات المتحدة إلى تصعيد إقليمي أكبر".
ووصفت إدارة ترامب الحوثيين بـ"تهديد على سلامة الأمريكيين وحلفاء الولايات المتحدة واستقرار التجارة البحرية العالمية". علاوة على الضربات العسكرية، أعادت الإدارة تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية".
وقالت إدارة ترامب إن الضربات التي تشنها ستكون أكثر فعالية من تلك التي جرى توجيهها خلال إدارة بايدن.
ومع القصف الكثيف والضربات محددة الأهداف ضد قادة الحوثيين والجهود الناجحة لقطع التدفقات المالية إلى الجماعة، ربما تنجح الولايات المتحدة في مسعاها، لكن التاريخ ليس بجانبها، بحسب "نيويورك تايمز".
وأوضح محللون أنه حتى إذا نجحت الولايات المتحدة في الضغط على إيران لتقييد دعمها للحوثيين، فقد أظهرت الجماعة أنه يمكنها العمل بشكل مستقل.
وبالرغم من أن الجيش الأمريكي يشن ضربات ضد أهداف تابعة للحوثيين، لم يقدم البنتاجون تفاصيل بشأن الهجمات منذ 17 مارس، عندما قال إنه تم استهداف أكثر من 30 هدفا حوثيا في اليوم الأول.
وقال مسئولون يمنيون، إن الضربات استهدفت مناطق سكنية ومباني في العاصمة صنعاء، مما تسبب في سقوط ضحايا مدنيين – غير معروف عددهم.
وقد نجح الحوثيون إلى حد كبير في إبعاد السفن الغربية عن البحر الأحمر. ومنذ بدأوا استهداف السفن في 2023، شنوا حوالي 130 هجوما على السفن التجارية، بحسب مجموعة بياناتِ مواقعِ النزاع المسلح وأحداثه، وهي مجموعة مراقبة للأزمات.
ويقول المسئولون التنفيذيون لشركات الشحن إن لن يعودوا إلى البحر الأحمر حتى إبرام اتفاقية سلام في الشرق الأوسط، والتي تتضمن الحوثيين أو تعرضهم للهزيمة.
• هل من مصلحة أمريكا عودة ممرات الشحن؟
في مجموعة الدردشة على "سيجنال"، كان هناك خلاف بشأن ما إذا كان إعادة فتح ممرات الشحن في البحر الأحمر يتمتع بأهمية قومية حيوية.
وقال أحد المشاركين، الذين تم تحديد هويته بأنه نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، إن الممرات تهم أوروبا أكثر من الولايات المتحدة.
ولا تعتمد واشنطن، على قناة السويس لأن تجارتها البحرية مع آسيا تمر عبر المحيط الهادئ، ومع أوروبا، عبر الأطلسي. لكن محللين يقولون إن قناة السويس لا تزال ممراً بحريا مهمة للولايات المتحدة.
واتضحت أهمية القناة خلال السنوات الأخيرة، عندما تم تقييد أو إغلاق ممرات شحن أخرى – على سبيل المثال، قناة بنما.
وقد انتقد البعض في مجموعة الدردشة أوروبا لعدم فعلها ما يكفي عسكريا لإعادة فتح البحر الأحمر أمام الشحن. لكن الاتحاد الأوروبي نشر قوة بحرية صغيرة في البحر الأحمر منذ بداية العام الماضي للدفاع ضد الهجمات، وقد تم تمديد المهمة إلى فبراير المقبل.