خاص - حيثيات براءة يوسف بطرس غالي في اللوحات المعدنية: قانون المرور الجديد أباح الفعل محل الاتهام - بوابة الشروق
الخميس 13 فبراير 2025 12:23 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

خاص - حيثيات براءة يوسف بطرس غالي في اللوحات المعدنية: قانون المرور الجديد أباح الفعل محل الاتهام

مصطفى المنشاوي:
نشر في: السبت 28 يناير 2023 - 3:43 م | آخر تحديث: السبت 28 يناير 2023 - 3:43 م

التعديل التشريعي لعام 2014 نص على تحميل المواطنين تكلفة اللوحات المعدنية.. وتنتفي بذلك جريمة الغدر المسندة إلى وزير المالية الأسبق

بعد 12 عاما أسدلت محكمة جنايات القاهرة الستار على قضية شغلت الرأي العام عقب أحداث ثورة 25 يناير وكان لها تأثير على علاقات مصر الاقتصادية بألمانيا وانعكست على تعاقدات تالية للدولة المصرية، ألا وهي قضية "اللوحات المعدنية"، والتي حصل فيها وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي على حكم نهائي بالبراءة، ليلحق بشريكيه في القضية رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، بالبراءة من تهمة إهدار المال العام في إسنادهم توريد لوحات معدنية للمركبات الرخصة بإدارات المرور على مستوي الجمهورية إلى شركة أوتش الألمانية بالأمر المباشر بمبلغ مالي مقداره 22 مليون يورو عام 2007 أي وقتها 176 مليون جنيه مصري، فضلا عن تحصيل مبالغ مالية غير مستحقة من المواطنين نظير تركيب اللوحات المعدنية بإجمالي 156 مليون جنيه تقريبا بدون سند قانوني آنذاك.

حصلت "الشروق" على حيثيات حكم البراءة، والتي حملت العديد من المفاجآت القانونية.

ما قصة القضية؟

في أعقاب ثورة يناير فتحت النيابة العامة ملف إسناد تصنيع وتوريد اللوحات المعدنية الخاصة بالسيارات منذ عام 2007 إلى شركة أوتش الألمانية، وجاء تقرير اللجنة المشكلة بقرار النيابة العامة وجهز الكسب غير المشروع مؤكدا أن الإجراءات التي اتخذها وزارتا المالية والداخلية لإسناد عملية توريد اللوحات المعدنية للمركبات إلي أوتش بالأمر المباشر لم تتوافر لها شروط التعاقد بالأمر المباشر وعلى رأسها حالة الضرورة القصوى، وأنها خالفت قانون المناقصات والمزايدات (الشريعة العامة للتعاقدات الحكومية آنذاك) وأن المسئولين الثلاثة تجاهلوا وجود 3 شركات أخرى تنتج اللوحات المعدنية للسيارات.
كانت محكمة الجنايات أصدرت حكما فى 13 يوليو 2011 بحبس نظيف ورجل الأعمال الألمانى هيلموت يونجبلوت الرئيس التنفيذي للشركة الألمانية (غيابيا) بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ، وعلى العادلى بالسجن 5 سنوات، وعلى غالى (الهارب) بالسجن 10 سنوات، وألزمتهم متضامنين برد مبلغ 92 مليون جنيه، وتغريمهم مبلغا مساويا.
واتهمت المحكمة المسئولين المصريين الثلاثة بتربيح رجل الأعمال الألمانى بإسناد توريد اللوحات المعدنية على مستوى الجمهورية لشركة أوتش وأكدت أن هذا المبلغ مبالغ فيه ويزيد بنحو 92 مليون جنيه على السعر السوقى للوحات المماثلة وقت التعاقد.

اللجوء إلى التحكيم الدولي:

في ديسمبر 2013 أقامت أوتش دعوى ضد مصر لدى المركز الدولى لمنازعات الاستثمار (إكسيد) لتعويضها وإبطال الآثار المترتبة على الحكم القضائى الصادر ضد يونجبلوت، واستندت الدعوى تستند إلى تقارير مالية أعدتها شركات محاسبة عالمية أكدت أن المبلغ الذى حصلت عليه الشركة يتماشى مع سعر السوق العالمية، وأن الحكم الصادر ضد رئيسها التنفيذى استند إلى مزاعم لا أساس لها عن وجود منافسين للشركة الألمانية بالسوق المصرية.
كما اتهمت الشركة القضاء المصرى بانتهاك الاتفاقيات الدولية لحماية الاستثمارات والمستثمرين، وبعدم إرسال أى إشعارات بالإجراءات القانونية التى اتخذت ضد يونجبلوت، أو إتاحة الفرصة له للدفاع، بالمخالفة للعهد الدولى لحقوق الإنسان.

إعادة محاكمة نظيف والعادلي:

في فبراير 2013 قضت محكمة النقض بإلغاء حكم الإدانة، وفي 24 فبراير 2015 قضت محكمة الجنايات في مرحلة إعادة المحاكمة ببراءة نظيف والعادلي، ونفت عنهما جرائم تسهيل الاستيلاء والتربح والإضرار العمدي بسبب انتفاء أركان تلك الجرائم، فضلا عن اعتدادها بتوافر حالة الضرورة للتعاقد مع الشركة الألمانية.
وقد وافقت النيابة العامة على حكم البراءة بتاريخ 27 أبريل 2015 ولم تقدم طعنا عليه، فأصبح باتا.

موقف يوسف بطرس غالي:

لم يتم إلقاء القبض على يوسف بطرس غالي المتواجد خارج البلاد منذ 2011 ولم تستمع له النيابة العامة أو المحكمة، وفي فبراير 2020 تقدم محاميه بتوكيل لإجراءات إعادة محاكمته غيابيا -منفردا- في القضية بسند وكالة صحيح، ووفقا لتعديلات قانون الإجراءات الجنائية عام 2017 التي تتيح للمحامي الموكل الحضور بالنيابة عن المتهم.
وفي 9 نوفمبر 2022 أصدرت المحكمة حكمها بالبراءة ليوسف بطرس غالي من جميع الاتهامات التي لاحقته على مدار 11 عاما تقريبا.

ماذا قالت المحكمة في حيثياتها؟ قانون المرور الجديد ينقذ المتهمين:

استندت المحكمة أولا إلى حكم براءة نظيف والعادلي، باعتبار أن الأسباب التي أدت إلى براءتهما تنتفي معها الصفة الإجرامية المسندة إلى غالي، نظرا لأنها أسباب عينية تتعق بالواقعة ككل، وليس بشخص مرتكبها فقط، مما يجعل هذه الاتهامات غير قائمة إزاء غالي أيضا.
وبالنسبة للمادة 114 من قانون العقوبات التي كان يحاكم بها غالي على مسألة فرض الرسوم على المواطنين بدون وجه حق لتمويل اللوحات المعدنية (وهي إحدى صور جريمة الغدر) والتي تنص على أن "كل موظف عام له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها، طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق مع علمه بذلك يعاقب بالسجن المشدد أو السجن" فقد طبقت عليها المحكمة مبدأ القانون الأصلح للمتهم، المنصوص عليه في المادة الخامسة من قانون العقوبات.
واعتبرت المحكمة أن القانون الأصلح للمتهم هنا هو قانون المرور، وفقا للتعديل الذي أدخل عليه بالقانون 59 لسنة 2014، والذي أصبح يحمل المواطن تكلفة اللوحة المعدنية، وبالتالي فلا تتوافر جريمة الضرر بحق المتهم على ضوء هذا النص التشريعي الجديد، والذي لم يكن قائما وقت ارتكاب الجريمة.
وأضافت المحكمة أن قانون المرور بعد تعديله أباح فرض رسم على المواطنين بمسمى "مقابل تطوير اللوحات المعدنية" ورسم آخر بمسمى "قيمة التأمين عنها" بما تقنين وتشريع اقتضاء هذه المبالغ من المواطنين، مما يبيح الفعل المقدم عنه المتهم بموجب المادة 114 من قانون العقوبات.
ويجدر الانتباه هنا إلى أن قانون المرور ينص بعد هذا التعديل على أن يتم تصنيع اللوحات المعدنية محليا في إحدى الجهات التي يتوفر فيها اعتبارات الأمن القومي.

ماذا حدث بين الدولة والشركة الألمانية؟

في أبريل 2017 صرح المستشار مصطفى البهتيتي بأن لجنة تسوية منازعات الاستثمار نجحت في تسوية النزاع مع أوتش الألمانية، وتم إبلاغ إكسيد بذلك لتسحب الشركة الألمانية دعواها التحكيمية ضد مصر.
وفي مايو 2018 زار وفد من الشركة الألمانية مصلحة سك العملة التابعة لوزارة المالية لبحث أوجه وسبل التعامل في مجال تصنيع اللوحات المعدنية المؤمّنة وأساليب التأمين الحديثة.
وقال مصدر قضائي مؤخرا لـ"الشروق" إن هناك تعاونا حاليا بين أوتش والحكومة في عدة مجالات خاصة نقل التكنولوجيا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك