تجدد التحرك السعودي لإقامة الدولة الفلسطينية.. ما هي كواليس مبادرة الأمير عبدالله التي أطلقت في عام 2002؟ - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 1:22 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجدد التحرك السعودي لإقامة الدولة الفلسطينية.. ما هي كواليس مبادرة الأمير عبدالله التي أطلقت في عام 2002؟

محمد حسين:
نشر في: السبت 28 سبتمبر 2024 - 11:05 ص | آخر تحديث: السبت 28 سبتمبر 2024 - 11:06 ص

أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس الجمعة، عن إطلاق تحالف دولي من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والذي ستسضيف الرياض أول اجتماعاته.
ووصف وزير الخارجية السعودي التحالف بأنه "ثمرة جهد أوروبي وعربي مشترك"، مؤكداً أن التحالف سيعمل على وضع خطة عملية لتحقيق الأهداف المشتركة وتحقيق السلام المنشود.

كما اعتبر بن فرحان، أن الحرب على غزة تسببت في حدوث كارثة إنسانية، فضلاً عن الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وتهديد المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، تكريساً لسياسة الاحتلال والتطرف العنيف.
ويعيد التحرك السعودي الأخير في مسار السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، الأذهان للمبادرة التي أطلقها الأمير الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في عام 2002 وقتما كان وليا للعهد، والتي لا تزال من بين المحطات البارزة في محاولات التسوية العادلة للقضية الفلسطينية.

وروى الدبلوماسي الكبير عمرو موسى، كواليس تلك المبادرة والتي شهد على كواليس كل مراحلها من الفكرة إلى الصياغة وصولا لإعلانها الرسمي، وذلك ضمن الجزء الثاني من مذكراته التي نشرت بعنوان: "كتابيه.. سنوات الجامعة العربية" وحررها ووثقها الكاتب الصحفي خالد أبو بكر.

وأكد عمرو موسى في مذكراته أن الأمير عبدالله هو وحده صاحب المكانة التي تؤهله لطرح المبادرة العربية دون مزايدة من آخرين سوف يتحرجون من مهاجمته أو الاعتراض على ما يقترحه.

وكان الأمير عبدالله ذا مصداقية هائلة لدى الرأي العام العربي والحكومات العربية جميعاً ولدى العالم، ومن ثم كان اقتراحه أو مبادرته خطوة تاريخية جديرة بالتأييد الشامل لها.

- رسالة فريدمان لقادة العرب

ويقول عمرو موسى: "نشر توماس فريدمان، كاتب العمود الشهير في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في 6 فبراير 2002، رسالة إلى القادة العرب على لسان الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، شرح فيما بعد أنها كانت رسالة وهمية من ادعائه، تحت عنوان Dear Arab Leage. ومن ضمن ما قاله فيها: "أنت (أي الحكام العرب) من يملك القدرة على إعادة تشكيل الدبلوماسية حقا، وليس أنا، وهنا نصيحتي لكيفية القيام بذلك: لديك قمة جامعة الدول العربية المقرر عقدها في مارس بلبنان".

وتابع، "أقترح أن يصدر مؤتمر القمة قرارا بسيطا واحدا: و(يقول 22 من أعضاء جامعة الدول العربية لإسرائيل إنه مقابل انسحاب إسرائيلي كامل إلى خطوط 4 يونيو 1967، في الضفة الغربية وغزة والقدس ومرتفعات الجولان، نحن نقدم اعترافا كاملا بإسرائيل، وعلاقات دبلوماسية كاملة، أي سلام كامل مع جميع الدول العربية الـ22 وهذا مقابل للانسحاب الكامل".

-مبادرة الأمير عبدالله
وواصل موسى: "بعد أقل من أسبوع التقى فريدمان الأمير عبدالله ولي العهد فى مزرعته قرب الرياض، وكتب الصحفي الأمريكي تفاصيل تلك المقابلة التي تضمنت الإعلان لأول مرة عن ما عرف بـ"مبادرة الأمير عبدالله للسلام فى الشرق الأوسط"، قبل أن تعتمدها 22 دولة عربية في قمة بيروت في مارس 2002، ليصبح اسمها "المبادرة العربية للسلام".

-إشارة مثيرة للاهتمام من ولي العهد السعودي

روى فريدمان في مقال نشره في نيويورك تایمز، ما دار بينه وبين الأمير عبد الله تحت عنوان "إشارة مثيرة للاهتمام من ولي العهد السعودي" في 17 فبراير 2002، وقال فريدمان في ذلك المقال الشهير ما يلي:

"في وقت سابق من الشهر الجاري، كتبت مقالاً يشير إلى أن الأعضاء الـ22 في جامعة الدول العربية، في قمتهم المقبلة في بيروت المقررة في 27 و28 مارس سيقدمون اقتراحا بسيطًا وواضحا لإسرائيل لكسر الجمود الإسرائيلي الفلسطيني مفاده مقابل انسحاب إسرائيلي كامل إلى خطوط 4 يونيو 1967 وقيام دولة فلسطينية، فإن أعضاء جامعة الدول العربية الـ22 يعرضون على إسرائيل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة وتطبيع تجاري وضمانات أمنية".

وتابع، "أي الانسحاب الكامل، وفقًا للقرار رقم 242 الصادر عن الأمم المتحدة؛ من أجل سلام کامل بين إسرائيل والعالم العربي بأسره. لم لا؟".

ويضيف "بعد أن طرحت هذه الفكرة، نظر ولي العهد بدهشة ممزوجة بسخرية وقال: "هل اقتحمت مكتبي؟"، أجبته: لا. متسائلا عما كان يقصده.

- مبادرة تأجلت بفعل جرائم شارون

وأوضح الأمير عبدالله بن عبدالعزيز: "أن هذه هي الفكرة مقترح الجامعة في مقالي التي يفكر فيها تماما - الانسحاب الكامل من مع الأراضي المحتلة وفقا لقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك القدس، مقابل التطبيع الكامل للعلاقات".
وأردف: "لقد قمت بصياغة خطاب على هذا النحو، كان تفكيري هو إلقاءه قبل القمة العربية ومحاولة تعبئة العالم العربي بأسره وراءه الخطاب مكتوب، وهو في مكتبي، لكنني غيرت رأيي بشأن إلقائه عندما وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون بالعنف والقمع إلى مستوى غير مسبوق".

-افتتاح القمة.. رسالة سلام

وافتتحت القمة أعمالها في الـ11.30 من قبل ظهر 27 مارس 2002 واستهل رئيس الوزراء الأردني علي أبو الراغب جلسة الافتتاح بإلقاء كلمة رئيس الدورة السابقة للقمة العربية العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ثم ألقى رئيس القمة العماد إميل لحود كلمة أعلن فيها أن قمة بيروت محطة تاريخية ليوجه العرب إلى العالم رسالة واضحة عنوانها السلام.

ويقول موسى: "تضمنت كلمتي أمام القمة تأكيدا أن "هناك تراجعًا خطيرًا في مسار القضية الفلسطينية التي تشكل جزءا أساسيا من الضمير السياسي العربي المشترك".

وأوضحت أن "المؤسسة الإسرائيلية ترى أنها في ظل التطورات الدولية الحالية باتت فوق القانون، وخارج سلطان مجلس الأمن، وتحت حماية كاملة تمكنها من التحرك على الجانب السلبي من الأمور دون أن تخشى عقوبات دولية، ومن ثم ضربت حصارا عدوانيا على الشعب الفلسطيني ومنعت الرئيس ياسر عرفات من حضور هذه القمة دون أن تخشى رد فعل أو رادعا"، وأكدت أن شعب فلسطين وقف ولا يزال يقف وقفة وطنية تاريخية في مقاومة باسلة للاحتلال العسكري الإسرائيلي".

بعد استراحة قصيرة استؤنفت الجلسة الافتتاحية مع كلمة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي آنذاك الذي أعلن مبادرته الإحلال السلام أمام القمة العربية.

وفي كلمة الأمير عبدالله بدأت جلسة العمل الأولى.

وقال: "من الواضح في أذهاننا، وفي أذهان أشقائنا في فلسطين وسوريا ولبنان أن النتيجة الوحيدة المقبولة لعملية السلام هي الانسحاب الإسرائيلي الكامل من كل الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين، ودون هذه النتيجة تصبح العملية السلمية إضاعة للوقت، وتلاعبا بالألفاظ ومجرد مناورات تقود إلى حلقة مفرغة من العنف.

وأضاف الملك عبدالله في أولى كلمات من نوعها يوجهها مسئول سعودي للإسرائيليين، "أن السلام ينبع من القلوب والعقول لا من فوهات المدافع ونيران الصواريخ، لقد آن الأوان لكي تراهن إسرائيل على السلام بعد أن راهنت على الحرب خلال العقود الماضية بدون جدوى، لكن يجب أن يكون مفهوما لإسرائيل وللعالم كله أن السلام والاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة نقيضان لا يجتمعان".

وأضاف "إذا تخلت حكومة إسرائيل عن أسلوب القوة والقمع ورضيت بالسلام فلن نتردد في قبول حق الشعب الإسرائيلي أن يعيش في أمن مع شعوب المنطقة".

-تحفظات على الصياغة ..السلام الكامل أو التطبيع الكامل

يذكر موسى أن الجلسة الختامية لقمة بيروت في 28 مارس 2002 قد تأخرت ساعتين ونصف الساعة بسبب اعتراض السوريين على الصياغة التي صدرت بها المبادرة العربية، الذين كانوا قد أصروا على إلغاء مصطلح "التطبيع الكامل" وطرح مصطلح "سلام كامل"، وكنت قد استبدلت بهما عبارة "العلاقات الطبيعية" كحل وسط، وهي الصيغة التي اعتمدها السوريون بعد مفاوضات شاقة.

وكانت هناك صعوبة أخيرة تقف أمام الموافقة الجماعية على المبادرة العربية، هي اعتراض ليبيا على بعض البند الثالث من بنود المبادرة الذي ينص على:
"اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهياً، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة".

"كان أخي وصديقي علي التريكي هو ممثل ليبيا، وهو دبلوماسي قدير، وقد أثار اعتراض ليبيا على البند المشار إليه في الجلسة الرابعة (مغلقة) والتي انعقدت بعد ظهر اليوم الثاني للقمة، وجاء اعتراضه بالنص في محضر الجلسة كما يلي:

"فيما يخص الفقرة 3 التي تنص على (اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهياً)، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل.. هذا يعني الدول العربية التي لها أرض محتلة وليس الدول العربية جميعاً على ما أعتقد؛ لأنه ما الذي يلزم دولة عربية في شمال إفريقيا أن تبرم اتفاقية سلام مع إسرائيل؟.

بعد تمسك الكثير من الدول بنص الفقرة التي اعترضت عليها ليبيا، شدد التريكي على أن ليبيا "تؤيد المبادرة وليست ضدها، لقد اتفقنا على أن المبادرة هي تحرك سياسي يهدف إلى إحراج إسرائيل، ونحن مع مبادرة سمو الأمير عبدالله، لكن لا يمكن أن نقبل نصاً يلزم العرب جميعاً بأن يقوموا بتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل".

وعندئذ قال الأمير عبدالله بن عبدالعزيز: "أشكر الأخ التريكي.. وإذا كان ولا بد يتحفظ عليها فهو يقبلها، ومن ثم فليتحفظ على هذه النقطة"، ثم عرضت المبادرة للتصويت ولم تصوت ليبيا ضدها، وجرت الموافقة عليها بالإجماع.

-كيف ردت إسرائيل على المبادرة؟
يشير عمرو موسى إلى أنه لم يتوقع استجابة إيجابية من الإسرائيليين على المبادرة العربية؛ لأنها تستدرجهم إلى الموقع الذي لا يحبونه في التفاوض مع العرب كجماعة بشأن القضية الفلسطينية، وهو موقع لا يقبلونه تاريخياً.

فـ"المفاوضات الثنائية" مع طرف ضعيف هي الطريقة المفضلة التي يحبذونها؛ لإدراكهم أن أي مواجهة ولو تفاوضية مع العرب مجتمعين لن تكون في صالحهم أبداً.
ويضيف موسى: "السبب الثاني الذي جعلني لا أتوقع رداً إيجابياً من إسرائيل على المبادرة العربية أنها تبيع لهم (التطبيع الكامل)، وإن خففت صيغته كما سبق وبينت مقابل الأرض العربية وحدود 4 يونيو 1967، والحقيقة أن الخط الاستراتيجي في السياسة الإسرائيلية كما خبرتها يقوم على أنه بالإمكان الفوز بـ(تطبيع مجاني) من العرب من دون الحاجة للتفريط في الأرض المهمة بالنسبة لأمن إسرائيل القومي".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك