تواصل جريدة الشروق في شهر رمضان نشر سلسلة "تراث مصري" المستوحاة من كتاب "تراث مصري" للباحث أيمن عثمان، التي تسلط الضوء على الشخصيات والمعالم التي تركت بصمة في التاريخ المصري.
عانى أحمد عبد الحي كيرة، وهو طالب في مدرسة الطب، من الكثير من الإهانات والمضايقات من زملائه المصريين بسبب موقفه الوطني، حيث كانوا يصفونه بالخائن ويتهمونه بالارتباط بالإمبراطورية البريطانية.
ومع ذلك، تحمّل كيرة هذه المعاملة الصعبة في سبيل تحقيق هدفه في خدمة التنظيم السري الوطني. وعلى الرغم من تضامن زملائه في المدرسة مع ثورة 1919 من خلال الإضراب عن الدراسة، فقد اختار كيرة كسر الإضراب والانتظام في الدراسة، ما منحه حرية التنقل داخل المدرسة.
هذا الموقف كان له دور في تعزيز ثقته لدى الدكتور كيتنج، مدير مدرسة الطب، الذي منح كيرة حرية التنقل في معامل المدرسة أثناء التحقيقات في قضية مقتل السير لي ستاك.
ومع تصاعد الأحداث، نكشف الدور الهام الذي لعبه كيرة في التنظيم السري، حيث كان مسئولًا عن تهريب المواد الكيميائية من المعمل، التي استخدمت في تصنيع القنابل، وتسليمها إلى الطالب أحمد ماهر، الذي أصبح لاحقًا رئيسًا للوزراء.
وقد تحمل كيرة، الإهانة والاتهامات بالخيانة من زملائه في المدرسة بسبب هذا الدور المهم الذي كان يؤديه.
بعد أن تم كشف هويته ودوره في التنظيم السري، أصدرت المخابرات البريطانية أمرًا بالقبض عليه حيًا أو ميتًا، معلنةً عن مواصفاته؛ فهرب كيرة بمساعدة من التنظيم السري إلى ليبيا، ومن ثم إلى إسطنبول.
وفي عام 1930، التقى بالأديب يحيى حقي في إسطنبول، الذي وصفه في مذكراته بأنه كان دائم الترحال، يعيش في أماكن مختلفة ويختبئ من أعين المخابرات البريطانية.
في عام 1936، وبعد توقيع معاهدة 1936، سافر ثلاثة من عملاء المخابرات البريطانية إلى تركيا، وهم جريفز، ماركو، وإسكندر بورجوزافو، وتمكنوا من استدراج كيرة إلى منطقة نائية حيث اغتالوه، ومثلوا بجثته، ثم تركوه لتلتهمه الطيور الجارحة. وقد عادوا إلى مصر وهم فخورون بتنفيذهم لهذا الاغتيال لشخص لم يكن ذنب له سوى حبه لوطنه.