الاقتصاد ووزارة الببلاوى - مصطفى السعيد - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 2:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاقتصاد ووزارة الببلاوى

نشر فى : السبت 3 أغسطس 2013 - 8:50 ص | آخر تحديث : السبت 3 أغسطس 2013 - 8:56 ص

تضم وزارة د.الببلاوى مجموعة من خيرة الاقتصاديين فى مصر، حيث تمتزج الخبرة العملية مع الفهم العلمى لحقائق الاقتصاد المصرى وطبيعة العلاقة بين متغيراته المختلفة، فضلا عن الإلمام بالبدائل المطروحة للخروج بالاقتصاد من أزمته الحالية، وما أشدها.

وشاء قدرهم أن يتولوا مسئولياتهم والاقتصاد المصرى يواجه أخطر التحديات، فمن عجز متزايد فى الموازنة العامة يؤدى إلى زيادة حجم الدين العام وزيادة معدل التضخم، إلى عجز متزايد فى ميزان المدفوعات وما ينجم عن ذلك من تدهور فى احتياطى البنك المركزى وسعر صرف الجنيه المصرى، ومن عجز متزايد فى حجم الاستثمارات وما ينجم عن ذلك من تدنى معدل النمو وزيادة معدل البطالة والفقر... إلخ وما هو أخطر.

●●●

وحرصا على نجاح هذه المجموعة الاقتصادية فى تحقيق مهمتها شديدة الصعوبة، فإننى، ومن واقع خبرتى، أتقدم إليها بعدد من التوصيات والمقترحات وهى:

أولا: أن تضع هذه المجموعة نصب أعينها أن مسئوليتها لا تقتصر على مجرد تسيير الأعمال خلال الفترة الانتقالية التى تنتهى بعد ستة أو سبعة أشهر بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بل لابد وأن تعمل كما لو كانت باقية إلى ما بعد ذلك، فتبدأ ومن الآن بوضع الخطط والسياسات قصيرة الأجل وطويلة الأجل التى تعتقد بأنها كفيلة لتحريك عجلة الاقتصاد، وأن تبدأ فى تنفيذها فورا، وإن جاز لى أن أقترح فإن هذه الخطط والسياسات لابد وأن تتحيز إلى أمرين الأول: التعليم والتنمية البشرية والثانى: التصنيع بمعناه الواسع.

ثانيا: أن تتمسك هذه المجموعة وبقوة بمبدأ الشفافية والمصارحة. أن من أهم الأسباب التى حركت الجماهير فى أحداث 30 يونيو هو تزايد إحساسها بالضغوط الاقتصادية والانخفاض المستمر فى مستوى المعيشة بسبب ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات البطالة. فالجماهير تعيش الحقائق الاقتصادية المتدنية وأية محاولة من المسئولين لخداعهم والادعاء بعكس ذلك ستكون نتيجتها فقدان ثقة الجماهير بهم.

أما إذا تمت مصارحة الجماهير بالحقائق وصاحب ذلك بالضرورة خطة وسياسات محددة وواضحة، مع بعد زمنى معلن، فإن ذلك سيدعم الثقة بها.

●●●

ثالثا: إن مبدأ الشفافية والمصارحة يقتضى بالضرورة أن تفصح المجموعة الاقتصادية والسيد رئيس الوزراء عن آثار السياسات التى لا مفر من اتباعها فى الأجل القصير لإخراج الاقتصاد المصرى من أزمته الحالية. إن التحليل الموضوعى والأمين يشير بوضوح أن أية حزمة من السياسات لإخراج الاقتصاد المصرى من أزمته الحالية لابد وأن تنطوى على إجراءات تتسم بعدم الشعبية، مثل إجراءات ترشيد الدعم أو إصلاح الهيكل الضريبى، ومن ثم فإن المسئولية السياسية توجب أن نصارح الشعب بذلك وأن تتم دعوته إلى حوار حول الأخطار المتوقعة إذا لم تقبل هذه الإجراءات والسياسات بذلك يصبح مشاركا فى وضعها ومسئولا عن نجاحها.

قد يسارع البعض إلى القول بأن هناك العديد من صور الفساد التى تستنزف الاقتصاد ويتعين البدء فى مواجهتها وأن هناك إمكانية لزيادة إيرادات الخزانة العامة عن طريق رفع كفاءة تحصيل الضرائب والرسوم حيث تتزايد المتأخرات الضريبية والتهرب من سدادها. ومع تقديرى الكامل لهذا الرأى وصوابه إلا أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل نسبيا وأن البدء فى تطبيقه من الآن لا يتعارض مع ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة فى الأجل القصير وإن كانت بالضرورة تتسم بقدر من عدم الشعبية.

●●●

رابعا: مع تقديرى لوجهات النظر التى يتبناها السيد وزير المالية والى حد ما السيد رئيس الوزراء حول طبيعة اقتصاديات السوق ودور الدولة إلا أننى متأكد أنهم، ولما يتمتعون به من ذكاء ومرونة، سيدركون بأن السياسات الاقتصادية التى أتبعت قبل ثورة 25 يناير والتى استهدفت تقليص دور الدولة إلى حد كبير والتى دعت إلى تبنى سياسات حرية السوق فى صورتها المطلقة.. إلخ.

قد ثبت فشلها وعدم مواءمتها للدول النامية، إن المرحلة الحالية حيث يضعف الحافز إلى الاستثمار لدى القطاع الخاص الوطنى والأجنبى، فإن الدولة يقع عليها عبء متزايد من أجل تحريك عجلة الاستثمار عن طريق اقتراح المشروعات الحيوية لتمويلها عن طريق الجمهور والجهاز المصرفى، وما قد تحصل عليه من قروض وإعانات من الدول العربية.

خامسا: إن الاقتراض فى المرحلة الحالية، وبسبب الضعف الشديد فى السيولة النقدية، يصبح ضرورة لا مفر منها ولكن اللجوء إلى هذا المصدر لابد وأن يتم بحذر شديد، فلنقترض ولكن لابد وأن نستخدم القدر الأكبر من هذه القروض فى مشروعات إنتاجية خاصة تلك المؤدية إلى مزيد من الصادرات، واذا اضطرت الحكومة أن تستخدمها فى أغرض استهلاكية، فليكن ذلك لاستيراد السلع الأساسية كالقمح والوقود وليس لاستيراد السيارات أو المحمول أو السلع الاستفزازية، فهذه السلع الأخيرة من المقيد بل قد يكون من الضرورة اتباع السياسات التى تؤدى إلى الحد من استيرادها ولو لفترة محدودة إلى أن يبدأ انطلاق الاقتصاد.

●●●

وأخيرا فإنى أدرك تماما وجود قيود كثيرة من شأنها أن تعرقل نجاح السياسات الاقتصادية التى تخطط لها الحكومة الحالية وفى مقدمة هذه القيود الأوضاع الأمنية وما يسود فى الشارع السياسى من عدم الاستقرار.

وهنا لابد وأن أشير إلى أن تحديات الأمن وعدم الاستقرار السياسى يجب أن تكون محل اهتمام الحكومة الحالية ليس فقط لضمان نجاح ما تخطط له من سياسات اقتصادية ولكن لبث الطمأنينة لدى المجتمع وإعادة مصر إلى مكانتها الحقيقية فى علاقاتها العربية والدولية. ومع تقديرى التام لخطورة الانفلات الأمنى والاستقرار السياسى على نجاح السياسات الاقتصادية إلا أنه لا يجوز للحكومة الحالية أن تتعلل بذلك لتبرير عدم معالجتها للأوضاع الاقتصادية فمسئوليتها تمتد لتشمل الاقتصاد والأمن والسياسة.

وفقنا الله لما فيه خير مصر وشعبها.

مصطفى السعيد  وزير الاقتصاد الاسبق
التعليقات