لا مجال للمستوى المتوسط - توماس فريدمان - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 1:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا مجال للمستوى المتوسط

نشر فى : الأحد 7 أكتوبر 2012 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأحد 7 أكتوبر 2012 - 8:30 ص

هناك اختلاف كبير بين الطريقة التى تنظر بها منظمة اليونسكو إلى العالم ورؤية الكثير من الساسة وأولياء الأمور الأمريكيين إليه؛ التى قد تمنعنا من أن نتعامل مع نظامنا التعليمى بالجدية الواجبة.

 

وتعتبر «الاستعانة بمصادر خارجية»، بالنسبة لكثير من السياسيين، رسالة من ثلاث كلمات لأنها تنطوى على نقل وظائف من «هنا» إلى «هناك». ولكن بالنسبة للعديد من المسئولين التنفيذيين، انتهى أمر الاستعانة بمصادر خارجية. ففى العالم الذى يتسم بسلاسة الترابط اليوم، لم يعد هناك «الخارج» و«الداخل». توجد فقط أساليب «جيدة»، وأخرى «أفضل»، وأساليب هى «الأفضل» على الإطلاق لإنجاز العمل، وإذا لم يستفد المسئولون من الأساليب الأفضل، والأقل تكلفة، حيثما كانت، فسوف يستفيد منها المنافسون.

 

●●●

 

وبالنسبة للسياسيين، فهم يهتمون بشعار «صنع فى أمريكا»، ولكن الأمر بالنسبة للمسئولين التنفيذيين، يتعلق على نحو متزايد بشعار «صنع فى العالم» ــ وهو عالم يمكن فيه تصور انتاج المزيد من المنتجات فى كل مكان، وتصميمها فى كل مكان، وتصنيعها فى كل مكان من سلاسل المعروض العالمى، كما تباع فى كل مكان. ولا يزال الساسة الأمريكيون مواطنين من ولاياتنا ومدننا، فى حين يتزايد تحول المديرين التنفيذيين إلى مواطنين عالميين، بولاءات مختلطة. كما أن جميع عملاء السياسيين هنا، أما 90 فى المائة من العملاء الجدد لمديرى الشركات، فهم فى الخارج. وعقيدة السياسى اليوم هى: «لماذا لا تقومون بتوظيف المزيد من الناس هنا؟» أما عقيدة الرئيس التنفيذى اليوم فهى: «لا توظف شخصا واحدا فى أى مكان إلا إذا كنت مضطرا»، ولم يكن هناك آلة أكثر ذكاء؛ روبوت أو برنامج كمبيوتر.

 

صحيح أن هذا تبسيط، ولكن الاتجاه دقيق. وهذا الاتجاه يقول إنه لم يعد هناك فرصة للمستوى المتوسط فى الكثير من الوظائف. فبفضل الاندماج والتقدم فى العولمة وثورة تكنولوجيا المعلومات، صار كل رئيس عمل يمتلك فرصة أسهل وأقل تكلفة للوصول إلى برامج الكمبيوتر من المستوى فوق المتوسط بكثير، ذات التشغيل الآلى، والروبوتات، والأيدى العاملة الرخيصة والمواهب قليلة التكلفة، أكثر من أى وقت مضى. ولذلك، لم يعد أداء العمل بطريقة متوسطة المستوى يسفر عن مستوى معيشة متوسط. وهذا ما كان يقال عن «التهديد» اليابانى فى الثمانينيات. ولكن اليابان لم تهدد، سوى اثنين من الصناعات الأمريكية ــ السيارات والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية ــ وبلدة أمريكية واحدة، هى ديترويت. والآن، مثلت العولمة وثورة الإنترنت / والاتصالات اللاسلكية / والحوسبة معا، تحديًا لكل بلدة، وعامل ووظيفة. وليست هناك وظيفة جيدة اليوم لا تحتاج إلى تعليم أكثر وأفضل من أجل الحصول عليها، أو الحفاظ عليها، أو تطويرها.

 

ولعل هذا هو سبب الإحساس بالقلق، عندما تكشف المزيد من الدراسات أن المدارس الأمريكية ما زالت تظهر فى الاختبارات الدولية، تخلفا عن مثيلاتها فى البلدان الصناعية الكبرى. ويشعر أولياء الأمور مثلهم مثل الساسة بالارتياح إذا كانت مدرسة أطفالهم أفضل من المدرسة المجاورة لها.

 

●●●

 

 ويتولى شلايشر أندرياس وفريقه فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، تنسيق اختبارات البرنامج الدولى لتقييم الطلبة. وكل ثلاث سنوات، تجرى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية هذا الاختبار على عينة من الأطفال فى سن 15 عاما، فى 70 بلدا الآن، لتقييم القراءة والرياضيات والمهارات العلمية. ولا تبرز الولايات المتحدة فى هذه الاختبارات. ولكن تظهر مستوى متوسطا فقط، ولكن الكثير من الآباء واثقون من أن مستوى أطفالهم أعلى من المتوسط. وأنهى شلايشر، بمساعدة عدة مؤسسات فى الولايات المتحدة، دراسة تجريبية على 100 مدرسة أمريكية لتمكين مديرى المدارس والمعلمين وأولياء الأمور ليس لمعرفة مكانة مدارس أمريكا فى مقابل الصين فحسب، ولكن فى مقابل مدارس مماثلة فى بلدان أفضل تعليما، مثل فنلندا وسنغافورة.

 

وتشترك هيئة سجلات أمريكا مع منظمة التعاون والتنمية فى هذا المشروع كجزء من محاولة مساعدة كل أمريكى على فهم العلاقة بين الالتحاق بالمدرسة و التحصيل التعليمى ــ لجميع الفئات العمرية ــ وما هو المطلوب لتولى الوظائف فى المستقبل. ويقول جون شنور رئيس هيئة سجلات أمريكا: «يعتبر التعليم الجامعى من أى نوع، تذكرة دخول إلى الطبقة الوسطى اليوم»، ولكن العديد من الاطفال لا ينهون الصف الثانى عشر وهم مهيأون لذلك، وكثير من الآباء والأمهات لم يحصلوا على هذا التعليم.

 

ويقول شلايشر: «تخيل، أنك فى السنوات القليلة القادمة تستطيع الدخول على موقع على الإنترنت، لتقارن بين مدرستى ومدرسة مماثلة فى أى مكان فى العالم»،. واضاف «وبعد ذلك تأخذ هذه المعلومات إلى المشرف الخاص المحلى وتسأل: «لماذا لا نحقق أداءا جيدًا مثل المدارس فى الصين أو فنلندا؟».

 

 ويقوم فريق شلايشر بتقييم جميع نتائج اختباراته، والملامح الاجتماعية والاقتصادية لكل مدرسة، للتأكد من أن لديه البيانات الصحيحة لإجراء مقارنات عالمية. ويأمل الفريق أن يكون متاحًا لديه برنامج مقارنة فى وقت مبكر من العام المقبل.

 

ويقول شلايشر: «إذا لم يعرف الآباء، فلن يطالبوا باعتبارهم مستهلكين بخدمة تعليمية ذات جودة عالية. ولكن سيقولون فقط إن المدرسة التى يذهب إليها أولادنا بنفس مستوى المدرسة التى كنا نذهب إليها». ويضيف «إذا أمكن إعداد هذا البرنامج للمقارنة بهذا الحجم المصغر، يمكن ان يؤدى الى تمكين الآباء ومديرى المدارس والمعلمين من المطالبة بشىء أفضل». ويقول: «لا يعنى هذا تهديد المدارس»، ولكن إعطاء كل واحدة منهم «الدعامات اللازمة لإحداث التغيير»، وإتاحة نافذة له على وتيرة التغيير بحيث تكون البيانات لدى كل من أصحاب المدارس ويمكنه القول: انظروا الى هؤلاء الذين حققوا تحسينات كبيرة فى جميع أنحاء العالم. فلم لا نستطيع أن نفعل مثلهم؟»

 

كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز لمبيعات الخدمات الصحفية.

 

توماس فريدمان  صحفي أمريكي مهتم بشئون الشرق الأوسط
التعليقات