كابوس أوباما - توماس فريدمان - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 3:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كابوس أوباما

نشر فى : الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 - 8:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 - 8:25 ص

جاءت الفضيحة التى أطاحت باثنين من كبار قادتنا فى الجيش والمخابرات فى أسوأ توقيت ممكن: فلم يكن الشرق الأوسط من قبل أكثر اضطرابا مما هو عليه الآن، وأقرب لوقوع انفجارات متعددة مترابطة. وفى واقع الأمر، كان لكل رئيس أمريكى منذ دوايت أيزنهاور، بلد شرق أوسطى أصابه بالأحزان. فعلى سبيل المثال؛ كانت الحرب الأهلية اللبنانية وغزو إسرائيل لسيناء فى عهد أيزنهاور. وحرب الأيام الستة فى 1967 خلال عهد ليندون جونسون. وبالنسبة لنيكسون كانت حرب 1973. وكانت الثورة الإيرانية فى عهد كارتر. وكانت لبنان فى عهد رونالد ريجان. والعراق فى عهد جورج بوش الأب. وكانت القاعدة وأفغانستان بالنسبة لبيل كلينتون. والعراق وأفغانستان فى عهد بوش الابن. وفى ولاية أوباما الأولى، كانت إيران، وأفغانستان مرة أخرى. وأخشى أن يكون الكابوس الأكبر فى ولاية أوباما الثانية: أن تنفجر جميع هذه المشكلات مرة واحدة. حيث يندلع الشرق الأوسط بأكمله فى عرض واحد للحروب الأهلية، وانهيار الدول، ونزوح اللاجئين، بينما يتمزق حجر الزاوية فى المنطقة سوريا وينتقل الاضطراب عبر بلدان الجوار.

 

(كل ذلك، وأنت تتخوف من «الانهيار المالى»).

 

ومنذ بداية الانتفاضة، الحرب الأهلية السورية، حذرت من أنه بينما تتفجر ليبيا ومصر واليمن والبحرين وتونس، ربما تنفجر سوريا، إذا لم يتم إيجاد حل سياسى بسرعة. وهذا بالضبط ما يحدث.

 

ويرجع تفجر الوضع فى سوريا إلى أن حدودها مصطنعة بشكل خاص، وجميع طوائفها ــ السنة والشيعة والعلويين والأكراد والدروز والمسيحيين ترتبط بعلاقة أخوة مع نظيراتها فى البلدان المجاورة وتحاول الحصول على المساعدة منها. كما أن المملكة العربية السعودية، التى يقودها السنة، تخوض حربا بالوكالة ضد إيران التى يقودها الشيعة فى سوريا والبحرين، وفيها قاعدة للأسطول الخامس الأمريكى. وقد شهدت البحرين مجموعة من التفجيرات فى الأسبوع الماضى، بينما جرد النظام البحرينى الذى يقوده السنة، 31 ناشطا سياسيا شيعيا، من جنسيتهم. وفى الوقت نفسه، قرر شخص ما فى سوريا بدء إلقاء قذائف الهاون على إسرائيل. واندلعت، ليلة الثلاثاء، احتجاجات عنيفة مناهضة للحكومة فى أنحاء الأردن بسبب زيادة سعر الغاز.

 

فما العمل؟ مازلت أرى أن افضل طريقة لفهم الخيارات الواقعية وهى خيارات مؤلمة هى دراسة الوضع فى العراق، المكون أساسا مثل سوريا من السنة والشيعة والمسيحيين والأكراد. فلماذا لم ينفجر العراق إلى الخارج كما فى سوريا بعد الإطاحة بصدام؟ الإجابة: أمريكا.

 

ففى كل الأحوال، قامت الولايات المتحدة فى العراق، بدور المعادل الجيوسياسى للسقوط فوق قنبلة يدوية - ألقيناها بأنفسنا. قد نزعنا الفتيل، وأطحنا بصدام، وأطلقنا انفجارا ضخما فى شكل سباق بين الشيعة والسنة على السلطة. وقتل الآلاف من العراقيين جنبا إلى جنب مع أكثر من 4700 جندى أمريكى، ولكن وجود هذه القوات الأمريكية فى العراق، وعلى طول الحدود، حال دون انتشار العنف. فقد تسبب غزونا للعراق فى حرب أهلية، لكنه احتواها فى الوقت نفسه. بعد أن اندلعت الحرب الأهلية بين السنة والشيعة،  توسطنا فى التوصل لاتفاق، وإن كان هشا وغير مكتمل، لتقاسم السلطة بين الشيعة والسنة والأكراد، العراقيين. ثم انسحبنا. وليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كان اتفاقهم سيستمر بعد رحيلنا.

 

ومع ذلك، فإن الدرس المستفاد هو أنه إذا كنت تحاول اسقاط أحد هذه الأنظمة، المستبدة متعددة الطوائف، من المفيد حقا أن تكون هناك قوة خارجية يمكن أن تحتوى الانفجارات وتقوم بدور الوساطة فى النظام الجديد. فلا تكاد توجد ثقة فى هذه المجتمعات بإمكانية قيامهم بذلك من تلقاء أنفسهم. فعلى الرغم من أن الحرب الأهلية فى سوريا، اندلعت من قبل المتمردين السنة الذين يحاولون الاطاحة بالرئيس بشار الاسد ونظامه العلوى المنتمى للأقلية الشيعية؛ لا توجد أى قوة خارجية على استعداد للمخاطرة فى سوريا، والمساعدة فى ولادة نظام جديد. وبالتالى فإن هناك نيرانا تستعر بلا ضابط، وينزح اللاجئون للخارج الآن، وينساب الحقد الشيعى/السنى الذى أطلقه الصراع السورى بين هاتين الطائفتين فى العراق والبحرين ولبنان والمملكة العربية السعودية وتركيا والكويت.

 

بيد أن العراق يعلمنا درسا آخر: قتل الشيعة والسنة لبعضهم البعض ليس قدرا محتوما. على الرغم من أن حربهما الأهلية تعود إلى القرن السابع؛ وأنهما عندما شرعا فى ملاحقة بعضهما البعض فى العراق، تم ذلك بأقسى درجات العنف. فليس هناك ما يماثل الاقتتال داخل العقيدة. غير أنه بمجرد عودة النظام، كان العراقيون الشيعة والسنة وبينهم العديد من علاقات النسب راغبين فى العودة للعمل معا، بل والانضمام معا إلى أحزاب متعددة الطوائف فى انتخابات 2009/2010.

 

 

 

<<< 

 

ومن ثم، فالموقف ليس ميئوسا منه. وأنا أعلم حساسية المسئولين الأمريكيين من فكرة تحويل سوريا من معسكر إيران إلى المعسكر الغربى، عن طريق إسقاط الأسد. وهذا من شأنه أن يسعدنى أيضا، لكننى أشك فى أن ذلك قد ينهى الصراع. أخشى أن يؤدى إسقاط الأسد، من دون طرف ثالث محايد داخل سوريا يضبط فترة الانتقال، ليس فقط إلى حرب أهلية دائمة فى سوريا، وإنما حرب أهلية تندلع فى جميع أنحاء المنطقة. وهو مشهد حقيقى طويل، ولكن علينا أن نواصل المحاولة للعمل مع روسيا - محامى سوريا - لمعرفة ما اذا كان يمكننا التوصل معا إلى اتفاق لتقاسم السلطة داخل سوريا؛ تتولى الإشراف عليه الأمم المتحدة من خلال قوة متعددة الجنسيات. وما لم يحدث ذلك، فسوف تستعر هذه النار،  ويؤدى الصراع بين الشيعة والسنة إلى تآكل الأواصر التى تربط بين دول الشرق الأوسط، وتحول دون وقوع هذه المنطقة فى الفوضى.

توماس فريدمان  صحفي أمريكي مهتم بشئون الشرق الأوسط
التعليقات