رسالة عرفات إلى مانديلا بعد انعقاد محكمة العدل!! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 9:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسالة عرفات إلى مانديلا بعد انعقاد محكمة العدل!!

نشر فى : الثلاثاء 16 يناير 2024 - 6:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يناير 2024 - 6:50 م

أخى نيلسون.. أكتب إليك متحليا بتفاؤل كبير وثقة مطلقة فى انتصار الشعب الفلسطينى ــ رفيق دربك فى النضال لأجل الحرية ــ رغم الآلام التى يتجرعها عن رضا وطيب خاطر، وإيمان مطلق بأن تلك الحرية ليست منحة أو هبة سيمنحها له المحتل على طبق من فضة دون تضحيات.. هذه هى العقيدة التى وقرت فى قلب شعبنا وقلوب كل المناضلين من أبنائه منذ النكبة إلى اليوم.
أما عن ذلك التفاؤل فاسمح لى أن أقول إنه ليس مجرد إحساس زائف ولا وهم كاذب؛ ذلك أن مبعثه يقينى المطلق فى عزم وثبات شعبنا على خطوط النضال التى كنت أنت شريكا له ــ ولغيره ــ فى التمسك بها.. لكن ما عزز من تفاؤلى هو ذلك الكثير الذى قدمه بلدكم العظيم لنضال شعبنا فى الأيام الأخيرة، عبر جرجرة الاحتلال الآثم إلى محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.. خصوصا وأنه أمام تجرع العدو للخسائر فى الميدان يتوحش فى سفك دماء الأبرار من الأطفال والنساء.. فذلك هو ديدنه كما خبرته على مدى سنوات كفاحى ضده، خصوصا عند اجتياح بيروت سنة 1982.
أبدا لن ينهزم الشعب الفلسطينى ما دام صابرا ومرابطا.. وما دام يتلقى الدعم والمساندة من الشعوب الحرة الأبية والحكومات التى ماتزال لديها بقية من شيم الإنسانية تعتلى بها وتسمو فوق الحسابات السياسية.. وفى ذلك بالضبط دعنى أهنئك: فها هى بذور تلك الشيم من نصرة المستضعف والانحياز لحق الشعوب فى نيل الحرية والاستقلال التى غرستها أنت بنضالك الذى استمر عقودا، طرحت ثمارها يانعة.. وما قامت به حكومة جنوب أفريقيا بالدعوى التى رفعتها ضد إسرائيل ما هو إلا بعض منها.
أخى نيلسون..
إن الوقفة الجسورة لبلادكم إلى جوار الشعب الفلسطينى رغم أنها ليست جديدة عليكم ولا مفاجئة بالنسبة لى إلا أننى أجد صعوبة فى وصف مشاعرى الجياشة تجاهها؛ ذلك أن ما ضاعف من قيمتها عندى ــ وعند غيرى ــ أنها جاءت فى توقيت عز فيه أن نرى ذلك النوع النادر من الدعم الذى قدمتموه لنا بـ«مطاردة الاحتلال فى ساحات القضاء الدولى، وإرغامه على التخندق مع رعاته فى خنادق الدفاع»، وهو الذى جاهد داعموه من القوى الكبرى لحمايته وللحيلولة دون محاسبته قضائيا لعقود.
مرة أخرى إن ما يضاعف قيمة خطوة بلادكم الشجاعة أنها جاءت فى زمن صار فيه أقصى ما يمكن أن يقدمه لنا بعض الأشقاء هو التصويت معنا فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.. يفعلون ذلك وفى جوف كل منهم شعور بأنه بذلك قد وصل إلى قمة الأحلام وسدرة المنتهى فى دعم القضية!.
أخى نيلسون..
لعلك تضحك مما سأقوله لك الآن.. فحتما أنت تذكر كم اشتكيت لك من محاولات بعض الأنظمة العربية ــ التى صار زعماؤها معنا فى دار الحق ــ الاستئثار بالقضية والتحدث باسم الشعب الفلسطينى بما يخدم مصالحهم هم أولا، ممن كان يطلق عليهم تندرا «رجال العنتريات» الموضوعين تحت بند «الظواهر الصوتية».
صدقنى إننى أفتقد فى اللحظة الراهنة هؤلاء الرجال بأصواتهم العالية الزاعقة حتى لو خلت من أى مضمون، أفتقد معمر القذافى وصدام حسين وعلى عبدالله صالح.. فبغض النظر عن تقييمنا لمفاعيل أصواتهم على أرض الواقع، إلا أنها على الأقل كانت تمارس فضيلة المقاومة والدعم ولو بالكلام وهذا أضعف الإيمان، عوضا عن الصمت المطبق والحكمة التى تكاد تقتل الكثيرين ممن يعيشون فى بلاد العرب.
أخى نيلسون..
مهما كتبت لن أستطيع أن أصف القدر الهائل لوقفة بلادك مع شعبنا، الذى يعيش زمنا عصيبا بتغير محيطه عما كان عليه فى حياتى، لكن بغض النظر عن ذلك المحيط انظر إلى أوضاعنا الداخلية.. هل يرضيك ما صرنا عليه من انقسام؟ هل يرضيك أن يصير لشعبنا بدلا من الحكومة حكومتان.. وبدلا من الصوت الواحد صوتان ومائة ومائتان!!
عموما ليس ذلك وقت اجترار مرارة الانقسام.. دعنا نفرح بكم وبيدكم الحانية الداعمة لشعبنا ونضاله المستمر ما دامت فلسطين فى أيدى المحتلين.
ورغم كل شىء.. يا جبل ما يهزك ريح!
والسلام ختام
أبو عمار
***
عزيزى القارئ: لست بحاجة لأن أقول لك إن هذه الرسالة من وحى خيال الكاتب.

التعليقات