موعد اندلاع الحرب العالمية الثالثة - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 5:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

موعد اندلاع الحرب العالمية الثالثة

نشر فى : الثلاثاء 18 يوليه 2023 - 8:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 يوليه 2023 - 8:45 م

منذ بداية الغزو الروسى لأوكرانيا، والكل يترقب اندلاع الحرب العالمية الثالثة، التى تواجه فيها روسيا حلف شمال الأطلنطى (ناتو). زاد من اشتعال التوقعات باندلاع هذه الحرب العالمية التحرش العسكرى الصينى بـ«تايوان»، والمخاوف من حدوث غزو لها يضطر الولايات المتحدة للرد عسكريا على بكين.
الحقيقة أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 والتحذيرات لا تنقطع من اندلاع حرب عالمية ثالثة، فقد تم الإعراب عن مخاوف مماثلة فى العديد من المناسبات خلال الحرب الباردة، فقد حدث ذلك أثناء الحرب الكورية سنة 1950، وخلال أزمة الصواريخ الكوبية سنة 1962، وحرب فيتنام (1955ــ 1975) ، وعندما غزا الاتحاد السوفيتى أفغانستان سنة 1980.
لعلى أتجاسر حين أقول إن هذه الحرب العالمية الثالثة أبعد مما يتصور الكثير من المراقبين، لأسباب موضوعية وهى أن تجربة الحرب الروسية الأوكرانية أثبتت أنه لا روسيا ولا الناتو مستعدين لمواجهة عسكرية على نطاق واسع فى المدى المنظور، وأن جيوش الجانبين ركنت إلى الاسترخاء الذى عاشه العالم فى أعقاب انتهاء الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتى سنة 1991.
على الصعيد الروسى أثبتت الحرب فى أوكرانيا الحالة المتواضعة للجيش الروسى من حيث القدرة والكفاءة والاستعداد القتالى، وأن الصورة التى كان عليها قبل غزو أوكرانيا كانت خادعة، وأن العمليات المحدودة التى قام بها فى جورجيا وشبه جزيرة القرم وسوريا لا يمكن القياس عليها.. فالرابط بين الأعداء فى هذه المناسبات هو «الضعف»، ولم تكن أى مناسبة منها تصلح لتقييم أداء القوات الروسية فى حرب برية تقليدية ضد عدو مسلح ومدرب جيد.
الاختبار الحقيقى جاء فى أوكرانيا التى أظهرت كل سوءات الجيش الروسى، الذى يعج بفرط المركزية فى صنع القرار، والعلاقات المختلة بين السلطات المدنية والعسكرية، وعدم الكفاءة، بالإضافة إلى ذلك أثبتت التجربة أن الصناعة العسكرية الروسية تنتج عددا قليلا جدا من الأسلحة، ولا يمكن أن تضاهى الأسلحة الغربية المتطورة.. هل يعقل أن روسيا تكون بعيدة ومتخلفة إلى هذه الدرجة فى صناعة الطائرات بدون طيار؟!.
الوضع فى «الناتو» لا يختلف كثيرا، فعندما انهار الاتحاد السوفيتى، قلصت دول الحلف بشكل كبير ميزانياتها الدفاعية وجيوشها وترساناتها. ومع صعود «القاعدة»، أصبح الإرهاب هو الخطر، الذى تتطلب مواجهته قوات أكثر خفة، حتى انخراط الناتو الطويل فى أفغانستان لا يمكن مقارنته بحرب برية تجرى على المسرح الأوروبى، التى اعتبرها الناتو ضربا من الخيال، انتهى بنهاية الحرب العالمية الثانية.
صار «الخيال الأطلسى» واقعا فى الحرب الروسية ــ الأوكرانية، التى التهمت مخزوناته المتواضعة من المدفعية والذخيرة والدفاعات الجوية فى أوروبا، حتى الولايات المتحدة القوية اكتشفنا أن لديها مخزونا محدودا من الأسلحة التى يريدها الأوكرانيون، وواشنطن غير مستعدة لتحويلها من مناطق حساسة مثل تايوان وكوريا، حيث تختبر الصين وكوريا الشمالية الحدود باستمرار.
فى قمة الناتو الأسبوع الماضى تعهد الحلفاء بإنفاق ما لا يقل عن 2٪ من ناتجهم المحلى الإجمالى على ميزانياتهم العسكرية الوطنية، و20٪ على الأقل من هذا المبلغ على المعدات العسكرية الجديدة، والبحث والتطوير، لكنهم لم يحددوا إطارا زمنيا لبلوغ الأهداف.
بتوقيت الحرب العالمية الثانية نستطيع أن نقول إن روسيا والناتو معا بالكاد هم الآن فى سنة 1933، عندما اعتلى هتلر السلطة وشرع فى برنامج طموح لإعادة تسليح ألمانيا، وفى سنة 1936 فرض «التجنيد الإجبارى»، وهو ما ستجد أى دولة أوروبية صعوبة كبيرة إذا سعت إليه الآن.
اتصالا بذلك نقول إن الفارق بين الظروف التى وقعت فيها الحربان الأولى والثانية وظروف العالم الآن يتمثل فى أن الشعوب على الجانبين كانت تؤمن بالأفكار القومية ومستعدة للتضحية من أجلها، بل إن من يقرأ تاريخ أوروبا قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية تحديدا يجد أنه لم يكن هناك صوت يعلو على صوت الداعين للحرب والقتال فى وسائل الإعلام، الأغلبية كانت تصرخ بأعلى الصوت: الحرب.. الحرب.
هذا الوضع مختلف تماما الآن مع أجيال هى نتاج عصر الرفاهية سواء فى «الناتو» أو روسيا.. فلا أحد مستعد لأن يموت من أجل مجد السيد بوتين (أو أى زعيم غربى) كما يقول الشباب الروسى الهارب من التجنيد فى شوارع أوروبا!.

التعليقات