أجندة دبلوماسية قصيرة المدى لِلُّغز السورى - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:38 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أجندة دبلوماسية قصيرة المدى لِلُّغز السورى

نشر فى : الجمعة 1 يناير 2021 - 8:00 م | آخر تحديث : الجمعة 1 يناير 2021 - 8:00 م

نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مقالا للكاتب تشارلز ثيبوت يعرض فيه عشر خطوات من الممكن أن تنتهجها المجموعة الصغيرة بشأن سوريا على المدى القصير للتمهيد لحل الأزمة السورية... نعرض منه ما يلى:

لا يزال الغموض يحيط بالسياسة التى ستنتهجها الإدارة الأمريكية القادمة بشأن سوريا. وإذا أراد الرئيس المنتخب جو بايدن تقوية نفوذه قبل الدخول فى مفاوضات مع روسيا، فسوف يحتاج إلى التحلى بالصبر الاستراتيجى من خلال الشراكة مع الحلفاء بشأن عشر قضايا أولية. قد ترسم معالم سياسة بايدن القادمة خمسة عوامل متناقضة.
أولا، لم تكن سوريا فى الواقع من أولويات السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، ويبدو أن تجديد الإطار الدولى لوقف البرنامج النووى الإيرانى هو الهدف الأول لبايدن فى المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، أدى التعهد المتكرر بـ «إنهاء الحروب التى لا نهاية لها» إلى خلق توافق آراء أمريكى واسع النطاق ضد الوجود الأمريكى بالخارج. ثانيا، فقدت الولايات المتحدة نفوذا كبيرا فى سوريا بسبب سياسات إدارتى أوباما وترامب. على سبيل المثال، عندما واجهت تركيا فى شمال شرق سوريا العام الماضى، انسحبت القوات الأمريكية جزئيا، مما أدى إلى زعزعة استقرار الخطوط الأمامية بين القوات الروسية والتركية والأمريكية. ثالثا، أشاد بايدن بوجود قوى محدودة أمريكية فى شمال شرق سوريا. وقد يشير ذلك إلى استعداده للاحتفاظ بوحدة صغيرة على أرض الميدان لدعم الشركاء المحليين. رابعا، تحدثت شخصيات بارزة فى حملة بايدن علنا عن الأخطاء التى ارتُكبت فى سوريا خلال إدارة أوباما. ويجدر بالذكر أن بلينكين كان قد صرح بأنه لا يستطيع تخيل إعادة التعامل مع بشار الأسد. خامسا، عندما أقر المشرعون الأمريكيون «قانون قيصر» فى العام الماضى، عملوا على بناء آليات تهدف إلى مقاومة تغييره من قبل الإدارات الأمريكية المستقبلية. لذلك، من المرجح أن تستمر العقوبات الاقتصادية التى تستهدف نظام الأسد.
للوهلة الأولى، لا يبدو أن هذه العوامل تترك مجالا كبيرا لاستراتيجية جديدة بشكل خاص تجاه سوريا، مما يشير إلى أن سياسة الوضع الراهن ستستمر. ومع ذلك، تتمتع واشنطن بنفوذ أكبر مما تدركه.
***
إن أحد الشروط الأساسية لكسر الجمود الدبلوماسى هو الإقرار بأن الولايات المتحدة لا تملك الوسائل أو الطموح لحل الأزمة السورية بمفردها. ويتمثل الشرط الثانى بالجمع بشكل أفضل بين المصادر المتباينة للنفوذ الأمريكى. فالمشهد السياسى فى سوريا مجزأ للغاية، لذلك سيتعين على فريق بايدن الجمع بين الأمور المالية والقانونية والدبلوماسية والسياسية التى كان يتم التعامل معها سابقا بشكل منفصل أو تجاهلها.
الشرط الثالث هو تنشيط الدبلوماسية. لقد تعهد بايدن باستعادة القيادة الأمريكية، وإعادة بناء التحالفات، والعمل بشكل أوثق مع الشركاء الأجانب بشكل عام، وأحد الأشكال الواضحة للقيام بذلك فى سوريا هو ما يسمى بـ «المجموعة الصغيرة»، التى تضم بريطانيا ومصر وفرنسا وألمانيا والأردن والمملكة العربية السعودية. وقد اجتمعت هذه المجموعة بانتظام، لكن إدارة ترامب ترددت بشأنها، ولم تحرز المجموعة تقدما ملحوظا فى تنسيق جهد قوى رفيع المستوى لإصلاح عملية الأمم المتحدة أو التعامل مع روسيا وتركيا وإيران.
***
يجدر بـ«المجموعة الصغيرة» الاجتماع بسرعة بعد إقرار تعيين وزير الخارجية الجديد فى إدارة بايدن. وفى ذلك الاجتماع الأول، من الضرورى أن يعمل المسئولون على تقييم مسئولية روسيا وإيران وتركيا عن الوضع الميدانى الراهن وجمود الأمم المتحدة. وبعد ذلك، عليهم التركيز فى الوقت الحالى على تأكيد المواقف المشتركة التالية بدلا من محاولة صياغة استراتيجية جديدة كبرى لسوريا:
تحديد موعد نهائى للجنة الدستورية. بعد أكثر من عام على قيام هذه اللجنة بقيادة الأمم المتحدة لم تسفر عن نتائج ملموسة. عمل النظام السورى على عرقلة جهود اللجنة على أمل أن يتمكن الأسد من «الفوز» فى الانتخابات الرئاسية لعام 2021 بموجب الدستور الحالى. وما لم تحقق اللجنة تقدما كبيرا خلال جلستها المقبلة (المقرر عقدها فى 25 يناير)، سيكون من الحكمة أن تحدد الولايات المتحدة وحلفاؤها تاريخ انتهاء مهمتها، والدعوة إلى حلها إذا لم تتوصل إلى نتائج ملموسة فى غضون بضعة أشهر.
حث الأمم المتحدة على إعداد آلية مراقبة للانتخابات السورية فى 2021 وتوفير خيارات آمنة لمشاركة السوريين بالخارج فى الانتخابات... من غير المرجح أن يوافق النظام السورى على مراقبة الأمم المتحدة للانتخابات، لكن إعداد مثل هذه الآلية أمر مهم. فإذا رفض النظام المراقبة، فإن ذلك سيقوض شرعية الفوز المفترض للأسد؛ أما إذا سَمح بها، فمن المحتمل أن توضح النتائج المسجلة أن الانتخابات كانت مزورة.
تسريع المصالحة الكردية. فى الآونة الأخيرة، انخرط مقاتلون أكراد سوريون فى اشتباكات حدودية مع القوات الكردية العراقية. وتُظهر مثل هذه الحوادث أن تحقيق الاستقرار فى شمال شرق سوريا لن يتحقق إلا من خلال بذل جهود لحل الخلافات بين الفصائل الكردية المتناحرة واستبعاد الأعضاء غير السوريين فى «قوات سوريا الديمقراطية». ومن بين الضرورات الأخرى منح أنقرة ضمانات بأنها ستفصل «قوات سوريا الديمقراطية» عن «حزب العمال الكردستانى» المحظور فى تركيا.
الضغط على تركيا لاحتواء المتطرفين. فى وقت سابق من هذا الشهر، أفادت بعض التقارير أن المتطرف البارز المرتبط بتنظيم «القاعدة» عبدالله بن محمد المحيسنى التقى مع جماعة «فيلق الشام» المدعومة من تركيا فى منطقة عفرين فى شمال غرب سوريا. ومثل هذه الحوادث يجب أن تحفز «المجموعة الصغيرة» على معارضة أى تواطؤ بين شركاء تركيا والعناصر المتطرفة بشكل علني؛ وإلا ستصبح أجزاء كبيرة من شمال سوريا ملاذات آمنة لأعضاء «القاعدة» و«داعش».
إشراك «قوات سوريا الديمقراطية» فى عملية الأمم المتحدة كجزء من المعارضة السورية. بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 2254، يميل المسئولون إلى المساواة بين «المعارضة» و«الهيئة العليا للمفاوضات»، التى يهيمن عليها «الائتلاف الوطنى السورى». وقد دفعت هذه المقاربة بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، جير بيدرسون، إلى استبعاد «قوات سوريا الديمقراطية» من العملية الدبلوماسية التى ترعاها الأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن «الائتلاف الوطنى السورى» و«قوات سوريا الديمقراطية» بحاجة ماسة إلى التوصل إلى ترتيب يمكنهما من استعادة نفوذهما الدبلوماسى والإقليمى. وقد سبق أن استضافت مصر محادثات بين «قوات سوريا الديمقراطية» وما يسمى بـ «مجموعة القاهرة»، وهى فصيل ضمن «الائتلاف الوطنى السورى»، كما تم أيضا إشراك أفراد من المعارضة.
إصلاح إطار العمل الإنسانى وزيادة المساعدات. المجموعة الصغيرة هى من بين أكبر الجهات المانحة الإنسانية للسوريين، لذلك لديها نفوذ كبير للضغط على المنظمات غير الحكومية الدولية ووكالات الأمم المتحدة فى دمشق لمواجهة اختطاف نظام الأسد للمساعدات. عليها أيضا إعداد بدائل مشتركة لإطار عمل الأمم المتحدة فى حالة عدم تجديد القرار الخاص بالدعم الإنسانى عبر الحدود فى يوليو 2021. وعلى افتراض أن يتم إصلاح الإطار، يجب تشجيع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة على توفير تمويل إضافى للعمليات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، من شأن التعاون الوثيق مع الجهات الفاعلة الإنسانية أن يساعد على التخفيف من مشكلة الإفراط فى العقوبات. فعلى الرغم من أن «قانون قيصر» والإجراءات المماثلة تستهدف مسئولى النظام، إلا أن هذه العقوبات تفرض عقبات خطيرة بشكل غير مباشر للعمليات الإنسانية.
النظر فى السماح بمشاريع «التعافى المبكر» فى المناطق التى يسيطر عليها النظام وبذل المزيد من الجهود لإرساء الاستقرار فى شمال سوريا. بدلا من أن تركز الجهات المانحة حصرا على الإغاثة فى حالات الطوارئ، عليها زيادة إمكانية تقديم الأموال إلى مشاريع أخرى استنادا إلى وضع كل منطقة. على سبيل المثال، إذا أثبتت «المجموعة الصغيرة» قدرتها على التوسط لإحراز تقدم بين «قوات سوريا الديمقراطية» وتركيا، بإمكان الأعضاء الأوروبيين القيام بالمثل من خلال تعزيز مساهماتهم فى جهود تحقيق الاستقرار فى شمال سوريا، والتى تشمل الأراضى التى تسيطر عليها تركيا. وبالمثل، يمكن للأعضاء عرض تمويل إصلاحات البنية التحتية الأساسية فى المناطق التى يسيطر عليها النظام إذا وافقت دمشق على تقليل هجماتها العسكرية وتدخلها فى العمليات الإنسانية.
إعادة التأكيد على شروط إعادة الإعمار. لطالما اشترطت الولايات المتحدة و«الاتحاد الأوروبى» تمويلهما لمشاريع إعادة الإعمار على إحراز تقدم ملموس فى العملية السياسية، لكن روسيا تضغط على الدول الأوروبية لتغيير هذه السياسة. ولذلك ينبغى على «المجموعة الصغيرة» أن تجدد التزامها بالشروط.
تعزيز التعاون ضد مجرمى الحرب. فى المرحلة القادمة، يجب على أعضاء «المجموعة الصغيرة» تعزيز التعاون القضائى وتوسيع الدعم للمنظمات غير الحكومية السورية التى تركز على جمع الأدلة ومساعدة الضحايا لمعاقبة مجرمى الحرب..
تذكير النظام بالإجراءات قصيرة المدى التى يمكن أن تكسر الجمود. يتعين على «المجموعة الصغيرة» أن توضح الخطوات التى يمكن أن يتخذها نظام الأسد للإشارة إلى اهتمامه بقرار آخر غير الحل العسكرى والعزلة الدولية المستمرة. وتشمل هذه الخطوات إطلاق سراح السجناء السياسيين، ووقف اعتقالات اللاجئين العائدين، وإنهاء الضربات الجوية ضد المنشآت المدنية.
***
إن التوصل إلى حل وسط مع روسيا هى الطريقة الوحيدة لتحقيق نتيجة تفاوضية فى سوريا، بما أن موسكو اكتسبت تأثيرا كبيرا من خلال إطار «عملية أستانا» وعلاقاتها الثنائية مع تركيا وإيران. وحالما تعزز «المجموعة الصغيرة» نفوذها من خلال تنفيذ جدول الأعمال قصير المدى المذكور أعلاه، فعندئذ يمكنها متابعة الهدف متوسط المدى المتمثل فى دمج جهودها مع صيغة «عملية أستانا». وقد يساعد ذلك المجموعة على فتح مفاوضات أكثر عالمية، وتنشيط عملية الأمم المتحدة، وتقييم ما إذا كانت مستعدة وقادرة على استضافة محادثات جوهرية بين السوريين أنفسهم. ويمكن للتطورات على الجبهات الأخرى أن تسهل هذه العملية. وستتطلب جميع هذه النقاط إجراء مفاوضات صعبة، لذا لا يمكن تحقيق تقدم سوى من خلال وجود قيادة أمريكية قوية قائمة على عملية حقيقية متعددة الأطراف.

النص الأصلى

التعليقات