الخديوى إسماعيل لروبير صولى - الأب رفيق جريش - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 3:11 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخديوى إسماعيل لروبير صولى

نشر فى : السبت 1 يناير 2022 - 9:25 م | آخر تحديث : السبت 1 يناير 2022 - 9:25 م

أصدر الكاتب الكبير المصرى المولد والشامى الأصول والفرنسى المواطنه روبير صوليه كتابا تاريخيا بالفعل والقول والمعنون «إسماعيل باشا خديوى مصر ISMAIL PACHA KHEDIVE d’ EGYPTE» وذلك عن دار Perrin فى 260 صفحة من القطع المتوسط.
روبير صولى من مواليد 14 سبتمبر 1946 وقد ترك مصر للدراسة والاستقرار فى فرنسا وعمره 16 سنة وهو رئيس تحرير سابق للجريدة الفرنسية المرموقة «لوموند» ويحمل القضايا المصرية على الشاشات والإذاعات الفرنسية كما هو مولع بتاريخ مصر فقد كتب كتُبا كثيرة باللغة الفرنسية منها «الطربوش» و«فنار الإسكندرية» و«أعضاء النيل» و «السادات» و«شمبيليون» و«الفرعون المخلوع» و«الحياة الأبدية لرمسيس الثانى» و«سهرة فى القاهرة» و«بونابرت وغزو مصر» و «حجر رشيد» وغيرها وغيرها وقد نال جوائز كثيرة ودعى عدة مرات فى محافل دولية ومصرية لإلقاء المحاضرات والندوات كما يجلب وفود فرنسية من أصدقائه لزيارة مصر، أما الكتاب الذى أصدره فى منتصف 2021 والذى نحن بصدده يمتاز بأنه يتطرق إلى تاريخ مصر وشخصية حكمت مصر وقد تواراها النسيان ولكن أعاد روبير صولى برشاقة قلمه ودقة معلوماته أن يخرجها من ظلمات التاريخ وذلك بفضل المصادر المتعددة المصرية والأجنبية التى أرتكن عليها لإعادة صياغة هذا الجزء من تاريخ مصر.
كتب صولى ما هو أقرب إلى السيرة الذاتية لأول خديوى لمصر وهو الخديوى إسماعيل (1863ــ 1879) حفيد مؤسس مصر الحديثة محمد على (1805 ــ 1848) وابن الوالى إبراهيم باشا (1848) الذى غزا بلاد الحجاز وسوريا ووصل إلى أبواب أسطنبول قبل تدخل القوى الأجنبية، كما أن إسماعيل هو الذى خلف عمه الوالى سعيد (1854ــ 1863) الذى بدأ فى مشروع حفر قناة السويس مع فرديناند دى ليسبس وقد استكمله الخديوى إسماعيل وأفتتحه عام (1869) بكل عظمة بعد أن دعى إليها ملوك وأمراء ورؤساء كثر منهم الملكة اوجينى الشهيرة زوجة نابليون الثالث.
الخديوى إسماعيل بالنسبة للبعض كان شخصية كارثية ولكنه كان لآخرين مصلحا كبيرا حتى أنه نعت فى الصحافة الفرنسية بـ«إسماعيل الرائع» وذلك للأعمال الكبيرة التى عملها فهو لم يترك لمصر ديونا فحسب كما درسنا فى كتُب التاريخ بالمدارس ولكنه زاد من رقعة الأراضى الزراعية وأدخل وأهتم بزراعة القطن وشق قنوات للرى ومد السكك الحديدية وبنى الكبارى على النيل وحدث القوانين المدنية وفى عهده عرفت المحاكم المختلطة ودار الكتب والجمعية الجغرافية وأسس «القاهرة الأوروبية» المعروفة حاليا بالقاهرة الخديوية (التى ترممها الدولة حاليا) وهى المنطقة من ماسبيرو إلى حدائق الأزبكية كما مد القاهرة حتى مدينة حلوان وبنى القصور فى القاهرة والإسكندرية وغيرها من الأعمال الكثيرة على رأسها استكمال حفر وافتتاح قناة السويس ومعها دار الأوبرا المصرية إضافة إلى النهضة الثقافية والأدبية وإشتراك مصر فى معرض باريس الاول والذى كان جناح مصر أروع جناح من بين الأمم، كما أرسل جيشه حتى منابع النيل وقد اقترب الخديوى إسماعيل من الدول الأوروبية حتى أن الباب العالى العثمانى وحاشيته كانوا يخشون من أن يستقل الخديوى بمصر عن الخلافة العثمانية وهذا ما كان يسع إليه إسماعيل فكان يرى أن مصر أكبر من أن تكون ولاية تابعة للباب العالى فتصرف بكثير من الاستقلالية حتى تورط أيضا فى كثير من الديون من أجل تحقيق تقدم مصر وتم توريطه من قبل البنوك الأجنبية حتى تم تنحيته من قبل الباب العالى وتولية ابنه توفيق الخديوية وأدى ذلك كله للاحتلال الإنجليزى لمصر فى صيف (1882) مع الأخذ فى الاعتبار شخصيته المتناقضة فهو بخيل وسخى فى الآن ذاته شرقى فى العادات والتقاليد خاصة فيما يخص الحرملك ولكن أوروبى حديث فى تصرفاته مع الأجانب وأوربة مصر، يظهر شىء ويبطن شيئا آخر هذه هى الشخصية التى قدمها لنا روبير صولى.
يمتاز هذا الكتاب بغزارة المعلومات والتواريخ التى أزعم أن كثيرين لا يعرفونها ولذلك أطالب وزارة الثقافة أو دار نشر بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية لأهميته، وإن كان التاريخ لا يعيد نفسه بالضرورة لكن نستطيع أن نستنبط ونستخرج دروسا مفيدة لواقعنا اليوم.

الأب رفيق جريش الأب رفيق جريش
التعليقات