انتشر على شبكات التواصل الاجتماعى الأسبوع الماضى تقرير إخبارى أذاعه التليفزيون السعودى عن جراح مصرى أجرى فى السعودية جراحة فى القلب لطفل سعودى حديث الولادة بمستشفى البابطين. ذكر التقرير تفاصيل العملية بالغة الدقة فائقة الصعوبة والتى فيها قام الجراح بتعديل وضع أهم شريانين فى الجسم ولد بهما الرضيع فى وضع معكوس.
عزيزى القارئ لك أن تتصور ذلك القدر من البراعة والفهم لطبيعة هذا العيب الخلقى النادر والقدرة على ضبط النفس وحسن التفكير والتصرف والاستعداد النفسى لتقبل أى احتمال وارد لمضاعفات قد تحدث أثناء العمل ثم الحكمة فى إجراء ذلك التعديل الخطير فى مساحة مليمترات. كل ذلك تم فى وقت قياسى لينتهى الأمر بنجاح العملية وتصحيح ذلك العيب الخلقى وإعادة ما خلقه الله فسواه إلى طبيعته. بالطبع اعتمد الأمر على استعدادات جراحية كاملة وفريق من المساعدين على مستوى عال من الخبرة من أطباء للأطفال والتخدير والرعاية المركزة وأشعة وفنيين وتمريض، فريق متكامل يعمل تحت قيادة جراح ماهر صاحب خبرة واسعة وموهبة نادرة.
تضمن التقرير الإخبارى لقاء مع الجراح المصرى الذى يعمل حاليا فى المملكة العربية السعودية والذى توقعت أن يكون هو زميلى وابن معهد القلب القومى السيد سالم جراح قلب الأطفال، وقد كان هو بالفعل حيث شرح فى أسلوب سهل وبسيط كيف أجرى إحدى أعقد عمليات جراحات قلب الأطفال وطمأن الجميع على سلامة قلب الطفل وكيف أن مستقبله أصبح بين يدى الله سبحانه كأى طفل عادى حديث الولادة.
لا أخفى سعادتى بما وصل إليه زميلى ورفيق جمعنا من نجاح مهنى رفيع المستوى ولا أدارى شعورى بالفخر حتى لو أن هذا حدث فى السعودية ولم يحدث فى مصر: لكنى والله أباهى به وببلدى الذى كفل له كل تلك الخبرات وبمعهد القلب القومى الذى تعلم فيه وبزملائه الذين ساندوه دائما وكانوا فريقا من أصحاب الرسالات فى ظروف بالغة الصعوبة تمر بها البلاد ويعانيها الوطن.
ملأنى فخرا أن إعلان السعودية هو من احتفى بالجراح المصرى وتحدث عن مهاراته وقدراته بينما كان التلفزيون المصرى يبث احتفالات الأوبرا فى ليالٍ مصرية سعودية التى ورد على لسان راعيها أن هناك تعاونا فنيا قادما سيتكلف مبالغ وهمية «أترك لك عزيزى القارئ فرصة التحقق من الرقم».
نعم: أباهى بقدراتنا نحن ــ المصريين ــ فى مجالات يحتاجها الإنسان كالتعليم والصحة ولا أشعر بأى نقص إذا ما كان قدرنا أعلى من مقدراتنا ولا أرى أن هناك ما يضيرنا إذا ما تشاركنا خبراتنا مع العالم وها نحن يا سادة نسل حضارات أشرقت على العالم لتوقظ أمما من سباتها.
أرجو الله فى ظل تلك الأيام الكريمة والتى تتجلى فيها روح الأخوة من أشقائنا العرب أن يدرك الجميع أن هناك مجالات أخرى بالغة الأهمية ربما أيضا كانت أعلى قدرا فى مجال الاستثمار وكانت فائدتها أرباحا مركبة يجنيها البشر مثل التعليم والصحة والبحث العلمى.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.