انتابتنى دهشة شديدة بعد أن انتهيت من قراءة خبر نشرته «الشروق» فى 25 مارس تحت عنوان ثورة أطباء الامتياز ترفع شعار «حتى لا ننسى الطب»! الخبر يتحدث عن تظاهر ألف طبيب من أصل ثمانية آلاف هم دفعة أطباء الامتياز الذين تخرجوا فى كل كليات طب بر مصر هذا العام وفى طريقهم للتكليف. تظاهر الأطباء أمام وزارة الصحة فرشهم رجال الأمن ببودرة الحريق من طفايات الحريق ــ الوصف من واقع ما كتب فى الخبر ــ وبعد ساعات من الشد والجذب والتفاوض حول المطالب وتدخل عضوة مجلس النقابة د.منى مينا التى اتصلت بالدكتور هشام عطا فى الوزارة وهددت بالاعتصام فحدد لهم موعدا مع الوزير. وافق الوزير شفهيا على كل مطالبهم لذا فهم فى انتظار القرار الرسمى. إلى حين صدور القرار الرسمى أو عدم صدوره هم يتدارسون الأمر بعد أن امتنعوا عن تسلم عملهم فى مواقع التكليف!.
صورة واقعية من أحوال إحدى الحرائق التى تندلع الآن بصورة تلقائية متكررة لتتعطل الأعمال ويتوقف المرور وتحتشد الجماهير إما للفرجة أو التشجيع. حينما طالعت مطالب أطباء الامتياز الذين احتشدوا من أجل تحقيقها على باب وزارة الصحة زاد قدر الألم على الشعور بالدهشة.
إن ما يطالبون به حقوق آدمية أصيلة لا امتياز فيها لأصحاب الامتياز!
ما يطالب به أطباء الامتياز: مراعاة التوزيع الجغرافى عند تكليفهم بمعنى أن يقضى الطبيب فترة تكليفه فى مكان تعيش فيه أسرته وإذا لم يتسن هذا فمكان صالح للسكنى مع المساواة فى الاختيارات. أن يكون من حق الطبيب بعد انتهاء تكليفه أن ينتقل لمكان عمله الجديد بدرجته المالية. وهل يعقل أن يتسلم الطبيب عملا فى القاهرة فيضطر للسفر أول كل شهر لمرسى مطروح ليقبض راتبه بينما هو من سكان المنصورة؟
أما المطلب العسير المنال فهو أن يقضى الطبيب المكلف أسبوعا كل شهرين فى مستشفى جامعى أو تعليمى متدربا حتى لا ينسى الطب على حد قول أحدهم!!
الطلب الأخير العجيب اعتبار الطبيب الذى يقبل العمل فى مكان ناء طبيبا مغتربا له بدل اغتراب وبدل سفر ومكان للسكن!
يا الله.هل فى أى من تلك المطالب الأربعة ما يستدعى أن يتظاهر الأطباء وأن ينالهم ما نالهم من أذى من أجله؟
الذى لم تنشره «الشروق» وسمعته من أحدهم أن وزير الصحة المعروف بخلقه الرفيع قد اعتذر لهم عما بدر فى حقهم وأقر أحقيتهم فى تلك المطالب المشروعة ووعد بتحقيقها. كل من زامل فؤاد النواوى أو تتلمذ على يديه يعرف له حق قدره. لذا لا أشك فى أنه سيتبنى قضية أطباء الامتياز العادلة. وإن كنت أتمنى لو طلب منهم كتابة مسودة علمية للحل فهم بلا شك أدرى بأحوالهم.
إذا فكرنا فى الحل بصورة موضوعية لقضايانا ورفعناه فوق رءوسنا ليراه أصحاب الشأن لما احتجنا للافتات وجاءت إضراباتنا فى أقل الحدود.