صحون (أو بالأحرى باليتات) لتجهيز مساحيق المكياج، منسابة ومصقولة وناعمة، مصنوعة من حجر أسود، ربما بازلت، واحد فى تجريد بديع لبقرة وآخر لسمكة وثالث لفرس البحر.. مصر، أربعة آلاف قبل الميلاد.
تمثال نصفى لرمسيس الثانى، أوشابتى من فترة مملكة كوش، تابوت مزخرف لشخص يدعى «شبنمحيت» من القرن السادس قبل الميلاد، ميدالية عليها الإسكندر المقدونى متمثلا زيوس وآمون فى ذات الوقت، حجر منقوش من زمن البطالمة.. معرض فى أبوظبى مشتق من معرض للمتحف البريطانى. اسمه «مائة قطعة فنية تحكى تاريخ العالم».
كل من يمتلك «نتفة» من تاريخنا وآثارنا يصول بها ويجول؛ نقش فرعونى، قطعة من نسيج قبطى، مصباح جامع قديم أو طبق من الخزف اللامع ــ تجدها محفوظة مصانة، تتكرم بها المؤسسة المالكة فتعيرها لمعارض الدنيا لقاء سمعة وجاه ومال. ويدرسونها، كليات ومعاهد بحث تقام على آثارنا، وأدوات تبتكر ومعاومات تكتشف. أما نحن فلا يهمنا شىء من هذا، نحن تاريخ لا نكترث به، حكومة تأمر بردم موقع أثرى وتحويله إلى حديقة عامة، محافظات تغض الطرف عن مبانٍ تقام، حيث تهدد سلامة آثار ليس لها فى العالم مثيل قطع فريدة كثرت فى السوق السوداء حتى بخس ثمنها. نحن فقط ندشن مشروعات بناء ومقاولات: ذى جراند ايجبشن ميزييوم، وذى ميوزييوم أوف وورلد سيفيلايزيشن، وخلافه؛ طنين وتراب وأسمنت وخواء.
وأرجع وأقول طيب ما هو طبيعى؛ اللى مش مكترث بالحى هايكترث بالميت؟ كل الطرق تعيدنى إلى الشباب، لأننا عايزين التراث يحفظ ــ عشانهم، عايزين الهوا يبقى نقى ــ عشانهم، التعليم والرعاية الصحية ــ عشانهم، الحياة والمستقبل عشانهم. وبالتالى لن نكل من حكى حكاياتهم، ووضعها أمامكم، والمطالبة بكف اليد عنهم. ومن حكايا هذا الأسبوع، بأصوات العاملين على كل واحدة:
واحنا فى نيابة الـ١١ اللى فى اكتوبر مستنيين القرار بتاع الـ٨ اللى اتمسكوا امبارح لقينا اتنين طلاب واحد منهم رجليه مكسورة وماشى على عكاز والتانى تعبان وشكله مضروب.
الاتنين هم:
1ــ عمرو احمد عبد العزيز (٢٢ سنة طالب فى هندسة فى معاهد الثقافة والعلوم، ده اللى رجليه مكسورة).
2ــ احمد اشرف محمود (٢٠ سنة طالب فى جامعة مصر، ده اللى اتضرب وبعد ماسألنا أهله قالولنا انه اتعذب واتكهرب واتضرب كتير).
الاتنين ممسوكين من بيوتهم من ١٥ يوم وأخدوا ١٥ يوم والنهارده التجديد بتاعهم وأخدوا ١٥ يوم. وهم متواجدين فى قسم الـ١١ بـ ٦ اكتوبر ومتحرز لهم سلاح اتجابلهم من القسم. وأهاليهم قدموا طلب عرض عالطب الشرعى بسبب ضربهم وتعذيبهم والطلب اترفض.
ملحوظة: قسم السابع وقسم الـ١١ فى اكتوبر بيحصل فيهم تعذيب وكهربا وضرب مبرح يوميا وماحدش يعرف حاجة عن اللى بيحصل جوه
ياريت نسلط الضوء على القسمين دول شويه.
كان هذا يوم الثلاثاء فى التاسعة مساء.
قسم أول أكتوبر بالحى السابع قام بكهربة وضرب المعتقلين بالشوم بعد إلقاء القبض عليهم أمس الاثنين.. المعتقلون الموجودون حاليا بنيابة أول أكتوبر ويحاول محاميهم أحمد عثمان إثبات التعذيب هم:
1ــ عمرو خالد عبدالعظيم
2ــ محمود رمضان عبدالستار
3ــ احمد فرج عبدالعزيز
4ــ عمر مدحت محمود
5ــ وليد صلاح عبدالتواب
6ــ محمد مصطفى احمد
7ــ يوسف محمد احمد
8ــ محمد احمد محمد السيد
كان هذا يوم الثلاثاء فى الخامسة بعد الظهر.
بعد فترة اعتقال تجاوزت الخمسة أشهر اليوم قررت غرفة مشورة تجديد حبس أعضاء هيئة تدريس جامعة الاسكندرية (١١ فردا، منهم شريف فرج ومحمود عبدالواحد من فنون جميلة) ٤٥ يوما ــ الثلاثاء فى السابعة مساء، أما الثلاثاء صباحا فحكم على أحمد حبيب ــ وثلاثة معتقلين آخرين ــ بالحبس ٥ سنوات ومائة ألف جنيه غرامة بتهمة التظاهر بدون اخطار وقطع الطريق رغم اعتقاله وهو فى الطريق لمنزله بشارع عباس العقاد.. أحمد طالب فى أولى طب أسنان بالجامعة البريطانية. صدر الحكم أيضا بحق كل من: باسل أحمد السيد ــ محمود محمد إمام ــ محمد السعيد دبور..
وفى ٢٨ ابريل
عبدالرحمن سيد، ١٩ سنة. شاب ثورى شارك فى الثورة من بدايتها. شارك فى المظاهرات أيام طنطاوى وأيام مرسى، وشارك مؤخرا بشكل تانى وهو إسعاف المصابين. اختفى يوم ١٥ مارس كان فى وسط البلد بيشترى حاجة وموبايله اتقفل وبعدها فاعل خير من أهالى معتقل بسجن العقرب اتصل بأهله النهارده وقاللهم ان «ابنكم فى سجن العقرب وبيقول لكم ان هو كويس».
www.facebook.com/hashtag
الحرية ــ لعبدالرحمن ــ سيد
وعندنا حكايات أخرى ياما، حكايات بالآلاف، بعدد المحبوسين. ولذا فإن قانون التظاهر، غير الدستورى، والذى يمكن من هذا الأذى للشباب، قانون يجب إلغاؤه.
أما محاولة «إلغاء» ٦ ابريل، فهى محاولة مستفزة وتنم عن جهل بقوانين الطبيعة. ٦ أبريل لن ينفع معها الحظر بل سيزيد من أعدادها. هذا من قوانين الطبيعة. وقد بدأت الحركات والأحزاب والشباب بالفعل فى إعلان التضامن مع أعضاء ٦ ابريل فجاءت مسودة بيان تقول «اننا سنظل نناضل معا من أجل تحقيق الاهداف التى خرجت من اجلها جماهير الشعب ثائرة فى يناير ٢٠١١، العيش والحرية والكرامة الانسانية، وان نضالنا لن تمنعه قوانين لا صلة لها بالقوانين الا الاسم ولا احكام من سلطات لم تعد تستند الى أى حق الا قوة السلاح والبطش. لن نتنازل عن حقنا الأصيل فى التنظيم والاحتجاج والتظاهر والدفاع عن مصالحنا كمواطنين ومصالح فقراء هذا الوطن والمضطهدين فيه».
فى المعرض، معرض المائة قطعة فنية، يد من النحاس. هى يد يُمنَى، ومكتوب على ظهرها دعاء وإهداء إلى «تألب ريام»، وتخبرنا البطاقة الخاصة بها أن ريام بلد فى اليمن وأن «تألب» كان اسم إله ويعنى «القوى». وصاحب اليد هو ابن هيسام (هيثم؟) اليورزاقيتى من بنى سخيم. ومن الواضح أن اليد «مرسومة» من الحياة: أظافرها مشوهة قليلا، والإصبع الصغير مكسور. ابن هيثم، إذا، طلب من الصانع أن يشكل على يده قالبا من الجبس عاد وصب فيه النحاس ليكون يدا مطابقة ليده، كتب عليها فكَرَّس كل ما تصنع يده اليمنى لخدمة معبوده: أُقسِم ألا تقوم يدى هذه إلا بما يخدمك. تذكرتُنا وتذكرت شبابنا وأنا أقف أمام هذه اليد البالغة الآدمية وهذا التكريس.