ضم المناطق سيكون كابوسًا أمنيًا - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضم المناطق سيكون كابوسًا أمنيًا

نشر فى : السبت 1 يونيو 2019 - 8:40 م | آخر تحديث : السبت 1 يونيو 2019 - 8:40 م

على امتداد التاريخ كان هناك نوعان من الزعماء: مبادرون وتابعون. المبادرون وضعوا رؤية قاطعة وواضحة وأهدافا وطنية نابعة منها، وكيفوا رؤيتهم وفق التغييرات فى الواقع، ووظفوا جهودا فى إقناع الجمهور بصواب سياستهم. أما التابعون فخافوا من القيام بخطوات مهمة ووجهوا عملهم بما يتلاءم مع تغير مزاج الجمهور.

مناحم بيجن، على سبيل المثال، وقع اتفاق سلام مع مصر على الرغم من التحذير بأنه سيحصل على «قطعة من الورق» فى مقابل خسارة عمق استراتيجى. لقد قدر أن إخراج مصر من دائرة الحرب سيؤدى إلى تغير الموازين بصورة تبرر المخاطرة والألم الناتج من إخلاء المستوطنات. هذا نموذج لمخاطرة محسوبة من أجل فرص ذات أبعاد تاريخية، قام بها زعيم مبادر وشجاع. هل يوجد اليوم زعيم شجاع يأخذ على عاتقه مخاطرة كبيرة لكن محسوبة من أجل تحصين الرؤية الصهيونية لأجيال قادمة؟ يُطرح هذا السؤال على خلفية التعامل مع المشكلة التى تهربت منها أغلبية الزعماء الإسرائيليين منذ 50 عاما وهى الحدود الشرقية لدولة إسرائيل.

حان الوقت كى نقول لهم: كفى. حتى اليوم تُعتبر يهودا والسامرة مناطق مسيطَرا عليها. ليس هناك شك فى حقنا وواجبنا فى الاحتفاظ بهذه المناطق لأهداف أمنية وعدم إجلاء قواتنا من هناك إلى حين التوصل إلى ترتيبات أمنية ضمن إطار اتفاق سياسى ــ حتى لو لم يكن ممكنا فى المستقبل المنظور ــ يستجيب لحاجاتنا. لكن ماذا نفعل حتى ذلك الحين؟

على الرغم من أن أغلبية الشعب تدرك أننا نتدهور نحو واقع يعرض الأغلبية اليهودية فى الدولة الوحيدة التى لدينا للخطر، فإن القادة يتهربون من اتخاذ قرار حاسم. كلهم يعرفون بالأرقام أن نحو 15 مليون نسمة يعيشون بين نهر الأردن والبحر، نصفهم من غير اليهود. لذلك لم يعمل أى واحد منهم لضم يهودا والسامرة. هذا الواقع يمكن أن يتغير. ضغوط ائتلافية لا علاقة بها بأمن إسرائيل يمكن أن تعرض المشروع الصهيونى للخطر، بينما سيؤدى قرار متسرع بضم المناطق فى يهودا والسامرة إلى مسارات مدمرة.

الأخطر من هذا كله، يوجد فى إسرائيل إجماع واسع على بقاء كتل المستوطنات والأحياء اليهودية فى القدس الشرقية فى أيدينا إلى الأبد. بالإضافة إلى ذلك، الفلسطينيون والأطراف الإقليمية والدولية المهمة استوعبوا منذ وقت أنها ستُضم إلى إسرائيل فى إطار الحل. بناء على ذلك، ما الذى يبرر المخاطرة باتخاذ خطوة أحادية الجانب، ولا لزوم لها فى رأيى، للبدء بتطبيق القانون [الإسرائيلى فى المناطق] الذى سيشعل النار فيها، ويعرض حياة الإسرائيليين للخطر ويبعد الفرصة ــ التى تبدو اليوم ضعيفة ــ للتوصل إلى تسوية مستقبلية؟

يعلن أطراف الائتلاف المتوقع نيتهم ضم المستوطنات الإسرائيلية فى يهودا والسامرة. إن مغزى هذه الخطوة هو كابوس أمنى وحكومى لأن المستوطنات المعدة للضم تشمل نحو 170 منطقة معزولة يعيش فيها نحو 2.6 مليون فلسطينى. هل اتُخذ قرار باستبدال الرؤية الصهيونية بشأن الدولة اليهودية بالرؤية العربية للدولة الواحدة مع أقلية يهودية؟

هل بحسب ادعاء أنصار الضم أن مواطنين منحوا فى الانتخابات الأخيرة إسرائيل تفويضا بإنهاء حلم الأجيال الذى تحقق هنا قبل 71 عاما، ومن أجل الدفاع عنه قاتل منذ ذلك الحين مئات الآلاف من الإسرائيليين من كل ألوان الطيف السياسى؟

الحكومة هى المسئولة عن اتخاذ مبادرة تديم وجودنا وسيطرتنا على الكتل، وتساهم فى نموها وازدهارها، لكن فى الوقت عينه تحقق الرؤية الصهيونية لإسرائيل آمنة، ديمقراطية، مع أغلبية يهودية صلبة على مر السنوات من خلال الانفصال مدنيا عن ملايين الفلسطينيين. المطلوب ليس انسحابا أحاديا. ولا انسحابا قط، بل انفصال مع الاستمرار فى السيطرة الأمنية.

مادام لا يوجد شريك فلسطينى للحل، ولا أعرف متى سيحدث هذا، يجب علينا أن نتخذ قرارا وطنيا بشأن خط الحدود الشرقى بحيث يشمل الكتل الأساسية والأحياء اليهودية فى القدس الشرقية، ونتمسك به فى أى مفاوضات مستقبلية. تركيز الاستثمارات فى الكتل والأحياء؛ تجميد عمليات الاستيطان شرقى هذا الخط؛ تطبيق نظام حدود فى منطقة خط الحدود المقترح؛ استمرار انتشار الجيش والشاباك أيضا وراء الخط حتى تحقيق حل يضمن زوال التهديد للأغلبية اليهودية فى دولة إسرائيل، ومن دون مخاطرة أمنية تتجاوز الموجودة اليوم.

حان الوقت لاتخاذ قرار وطنى. يتعين على الحكومة فحص تداعيات الضم والتوضيح كيف نحقق الرؤية الصهيونية فعليا عندما ستكون بين البحر والأردن دولة واحدة لن يكون لنا فيها أغلبية مطلقة. يجب عرض ذلك كله فى نقاش عام والحصول على قرار الشعب. إن قرار إلغاء رؤية الذين بنوا الدولة ودافعوا عنها على مر السنوات، وإلغاء عقيدة استقلالنا، لا يمكن أن يُتخذ فى سياق مفاوضات ائتلافية.

التعليقات