شوقى وسنينه - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الإثنين 6 يناير 2025 11:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شوقى وسنينه

نشر فى : الإثنين 1 نوفمبر 2010 - 10:21 ص | آخر تحديث : الإثنين 1 نوفمبر 2010 - 3:15 م
هل تصدق أن تاريخ الميلاد الذى سجله أحمد شوقى لنفسه فى مقدمة الطبعة الأولى من الشوقيات غير صحيح لأنه لم يكن يعرف تاريخ ميلاده؟ وهل تعرف أن التاريخ المدون فى شهادة ميلاد شوقى الرسمية التى وجدت لدى ابنه على، تاريخ يختلف عن الأول، لكنه أيضا غير صحيح؟

 


بدأت القصة عندما تحفظت فى المقال السابق على عدم دقة المعلومات المبثوثة على مواقع الإنترنت حيث يذكر جوجل أن شوقى مولود 16 أكتوبر 1870، بينما تذكر موسوعة ويكيبيديا أنه مولود 16 أكتوبر 1869، وقلت إن التاريخ الصحيح هو عام 1868، مستندا إلى شيئين: الأول أن شوقى نفسه كتب فى مقدمة الطبعة الأولى من الشوقيات 1898 أنه يحبو إلى الثلاثين، والثانى أن السكرتير الشخصى للشاعر قرر فى كتابه عنه أنه من مواليد 1868.

 


وقد وقعت المفاجأة عندما اتصل بى صديقى وزميلى القديم الدكتور سيد على عبر الفيس بوك كاشفا عن معلومات غيرت وجهة نظرى تماما فى ثلاثة أمور: الأول الإنترنت الذى لولاه ما استطعت التواصل مع صديقى سيد بعد انقطاع السبل بيننا، والثانى الروتين المصرى الفرعونى العتيد الذى لولاه ما استطاع سيد التوصل للتاريخ الصحيح لميلاد شوقى، والثالث تاريخ ميلاد شوقى.

فقد قام الدكتور سيد بدراسة بعض وثائق دار المحفوظات العمومية بالقلعة، بخاصة قلم الوزارات الذى يضم ملفات الموظفين منذ عهد محمد على باشا، ومنها ملف أحمد شوقى الذى تقلد وظائف عديدة أولها «كاتب بقلم العرضحالات السنية تحت التمرين فى 25/2/1890 عندما كان تلميذا بالمدارس، بدلا من مصطفى زكى الكاتب بقلم العرضحالات، براتب سنوى قدره 750 جنيها» وقد كان التعيين بهذه الوظيفة يتطلب فى مسوغاته وجود شهادة ميلاد، ومن هنا بدأت الحكاية.

فلأن شوقى ليس لديه شهادة ميلاد قام الطبيب عيسى حمدى حكيمباشى فاميليا خديوى، والطبيب سالم حكيمباشى جناب خديوى يوم 24/3/1890 بالكشف على أحمد شوقى، وحررا بالتسنين شهادة ميلاد جاء فيها «بالكشف على أحمد أفندى شوقى الذى لحق بالمعية السنية وجد سليم البنية وسنه تسع عشرة سنة، وقد تحررت هذه الشهادة منا بذلك للاعتماد بمحل الاختصاص».

لكن عبد الروتين مدير عموم الحسابات وهو يقلب فى الدفاتر بعد أكثر من إحدى عشرة سنة لم يقتنع بشهادة التسنين، فكتب خطابا إلى الديوان الخديوى فى 21/11/1901، قال فيه «حيث إن حضرة أحمد أفندى شوقى الموظف بالديوان الخديوى معامل بلائحة 21/6/1887 وفى وقت تعيينه بالديوان المذكور قدم شهادة طبية بتاريخ 24/3/1890 تفيد أن عمره تسع عشرة سنة، وحيث إنه لا يمكن أن يعول على هذه الشهادة، إلا بعد اليأس من معرفة تاريخ ميلاده ومحل مولده واسم والده وورود الإفادة لإجراء البحث اللازم عنه بمعرفة هذا الطرف أفندى».

وقد ذهب الخطاب فى نهاية الأمر بعد دورته الروتينية إلى صاحب الشأن أحمد شوقى الذى كتب أسفله بخط يده «سعادتلو أفندم حضرتلرى، لا أزال فى يأس من الحصول على تذكرة ميلادى، أما مولدى فكان بمصر القاهرة حوالى شهر إبريل 1871 من أبى على بك شوقى وكان من سكان قسم السيدة زينب يوم ذاك أفندم».
فأحيل الخطاب إلى أمين الدفترخانة المصرية،

فبحث كثيرا وكتب رأيه فى 22/12/1901 قائلا «جرى الكشف فى دفاتر مولودين قسم السيدة زينب شهر إبريل سنة 1871 وقبل وبعد شهر عن اسم أحمد أفندى شوقى نجل المرحوم على شوقى بك فلم يهتد عليه».

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد ظل الوريث الشرعى لعبد الروتين يبحث ويبحث لسنوات وسنوات حتى وجد وكيل عموم حسابات مصر بارقة أمل بعد ثلاث عشرة سنة، فكتب إلى أمين الدفترخانة بتاريخ 16/4/1914 يقول «أمين الدفترخانة المصرية عزتلو أفندم، لما حرر للدفترخانة بالكشف عن تاريخ ميلاد حضرة أحمد بك شوقى بقسم السيدة زينب بمصر فى 1871وما قبلها وما بعدها بثلاث سنوات،

 

وردت مكاتبتها تفيد بأنه وجد ضمن مولودى سنة 1288هـ الموافقة سنة 1871م اسم (نغمزار بنت على بك شوقى) وطلبت الاستفهام من أحمد بك شوقى عما إذا كان هذا الاسم هو اسم أخته، وفى هذه الحالة عما كانت هى الأصغر أو الأكبر منه سنا وما الفرق بينهما فى العمر، وحيث إنه بالتحرير للديوان الخديوى على ذلك قررت مكاتبته المؤرخة فى 6/4/1914 بأن الست نغمزار بنت على بك شوقى هى شقيقته، وأن مولده كان قبلها بعام واحد فاقتضى تحريره لحضرتكم بأمل الكشف على تاريخ ميلاد حضرته والإفادة بما يتضح».

 


وقد ذهب هذا الخطاب إلى محمد موسى أمين الدفترخانة الذى قام بالبحث حتى وجد تاريخ ميلاد شوقى الحقيقى، فكتب خطابا إلى مدير عموم الحسابات المصرية فى 22/4/1914 قال فيه «بالكشف فى دفاتر مولودين قسم السيدة زينب عن اسم أحمد بك شوقى ابن المرحوم على بك شوقى فوجد بدفتر رقم 908 بوجه 13 ضمن مولودين يوم الجمعة 21 رمضان سنة 1286هـ اسم أحمد بن شوقى، السكن سوق شياخة على المحلاوى، الداية خدوجة على من الجمالية، وعليه اقتضى تحريره لسيادتكم للإحاطة بذلك».

وهذا التاريخ يوافق 25/12/1869 ميلادية، فشكرا يا صديقى على هذه المعلومة المهمة التى لن أنساها، لكننى لن أنسى أيضا أن الوثائق قد أثبتت أن المكاتبات الروتينية المتبادلة للبحث عن تاريخ ميلاد شوقى استكمالا لمسوغات تعيينه قد بدأت فى 24/3/1890 وانتهت فى 22/4/1914.

 

التعليقات