أولويات حتمية لصياغة الفاعلية الحزبية - إيريني سعيد - بوابة الشروق
السبت 19 أبريل 2025 2:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أولويات حتمية لصياغة الفاعلية الحزبية

نشر فى : الجمعة 18 أبريل 2025 - 7:40 م | آخر تحديث : الجمعة 18 أبريل 2025 - 9:55 م

تعد الأحزاب السياسية أبرز ركائز النظم السياسية المعاصرة والمواكبة، كونها كفيلة بالدفع فى اتجاه استقرار هذه النظم ومن ثم تقدم ونهضة مجتمعاتها، وإن كنا فى السابق أبرزنا كيف اعُتبرت هذه الأحزاب ضمن مؤشرات ومعايير تقييم هذه النظم، ومدى ما تتمتع به من معايير ديمقراطية، سيما فى تمكينها وتعددها وعلى العكس حال تهميشها وتحجيم أدوارها، فمع بدء استعدادات الأحزاب قبيل الانتخابات البرلمانية، والمقرر إجراؤها  نهايات العام الحالى، ووفقا للمادة 106 من الدستور يتم انتخاب المجلس الجديد خلال الستين يومًا السابقة لانتهاء مدة المجلس الحالى، ليؤدى النواب الجدد اليمين الدستورية قبل 12 يناير 2026، ويتألف المجلس الحالى من 596 مقعدا، يتم انتخاب 448 منها بالنظام الفردى، و120 بالقائمة المغلقة، و28 عضوا يعينهم رئيس الجمهورية، حيث تنتهى الدورة الحالية لمجلس النواب يناير 2026، وبخصوص مجلس الشيوخ فتنتهى دورته الحالية أكتوبر 2025، ومن ثم إجراء الانتخابات العام المقبل وفقا للمادة 250 من الدستور المصرى، وتنص على انتخاب ثلثى أعضاء المجلس بالاقتراع العام السرى المباشر، على أن يقوم رئيس الجمهورية بتعيين الثلث المتبقى، حيث يتكون المجلس من 300 عضو، منهم 100 عضو بنظام القائمة المغلقة، 100 عضو بالنظام الفردى.

ربما يتحتم على الأحزاب السياسية عدة من المتطلبات، سيما فى ضوء التحديات وحالة الحراك السياسى التى نعاصرها، والتى تقتضى بدورها تفاعلا من نوع خاص، والأهم رؤية حزبية قوية وقادرة أولا على إصلاح حالة الترهل السياسى الواضحة والتى يعانيها المشهد الحزبى، على خلفية سيولة سياسية واضحة برزت فى انطلاق العشرات من الأحزاب ناحية التأسيس دون منهج واضح أو حتى تأثير يُذكر فى الشارع، ما يؤطر إلى مشهد من اختلال التوافقات أو بمعنى أدق حالة التوازنات المفترضة ما بين الأحزاب السياسية وصناع القرار من جانب، وبين نفس هذه الأحزاب والمواطن من جانب آخر، كونها تعد حلقة الوصل الأهم ما بين الأفراد وصناع القرار.

غير أن أقسى التحديات أو المعرقلات، والتى من الممكن أن تصطدم بها الجماعة الحزبية، تبرز فى الانقسامات الداخلية سواء على مستوى البنية المؤسساتية أو على مستوى القرارات والتفاعلات السياسية، وعلى نحو قد يسهم فى غياب فاعلية وتأثير هذه الجماعة، أضف المعوقات التقليدية والتى طالما أشرنا إليها، كونها تتجدد بتجدد المواسم الانتخابية والمتعلقة بغياب الفلسفة المنهجية واللازمة من أجل صياغة الرؤى والمستهدفات والأهم تراجع المعرفة السياسية لدى العديدين من الكوادر الحزبية، أيضا غياب ما يعرف بالأسس الحزبية سيما المتعلقة بالوجهة الحزبية، الأجندة، معايير اختيار الكوادر، المنظور الحزبى والمستقبل السياسى المستهدف، وكلها تحديات مجرد تجددها يكشف عن ضعف بالتركيبة البنيوية والفكرية للأحزاب، من منطلق الافتقار للحلول والتعاطى الجذرى مع هذه الإشكاليات ومستجداتها.

وعليه يتعين على الأحزاب السياسية انتهاج مجموعة من الآليات تسمح لها بمجابهة هذه المعوقات، مع تمكينها نحو صياغة أيديولوجية ترتكز على العلمانية ومضامينها، أهمها التعاطى مع الواقع المجتمعى بكل احتياجاته وليس الاحتياجات السياسية وقط، مع وضع البرامج والكفيلة بحل كافة الأزمات وفى المقدمة الاقتصادية، مع الاعتماد على الكوادر والمتخصصين من الخبراء الاقتصاديين، وهكذا فى جميع الإشكاليات، مع ضرورة النزول إلى الشارع وخلق قنوات اتصال مع الأفراد للإلمام بمطالبهم واحتياجاتهم، فى تحرك من شأنه معرفة نبض الشارع، أيضا الاستعانة بالمقاربات الحزبية بمختلف أيديولوجيتها سواء العلمانية أو الدينية المتشددة، للاستفادة من التجارب وانتقاء الخبرات، والابتعاد أيضا عن بعضها وغير الملائم والمجتمعات المتقدمة الوسطية، والأهم إحداث حالة من التعاون مع النظام السياسى تسمح  بتعزيز المعايير الديمقراطية من إعمال الدستور وتعزيز مبادئ المواطنة، والتمثيل السياسي، والتعددية، وتوطيد الحقوق والحريات؛ ومنه يتبقى البُعد التمويلى والذى لا يقل أهمية عن كافة الأبعاد والأولويات اللازمة لتعزيز وصياغة فاعلية المشهد الحزبى، وهنا وجب تفعيل شبكة العلاقات مع رجال المال والأعمال الوطنيين من أجل التمويل، مع وضع الخطط اللازمة لآليات تجميع الموارد.      

فى الختام نعاود التذكرة بحتمية صياغة استراتيجية من شأنها تعزيز المشهد الحزبى، تقتضى أول ما تقتضيه إسناد هذه الأحزاب كمنظومة متكاملة إلى مؤسسات وهيئات وطنية تكون مهمتها التعاطى مع كل احتياجات هذه المنظومة، وعلى نحو يضمن تصنيفها أيديولوجيا وتأثيريا، أيضا الارتقاء ببنيتها وأطرها المؤسسية، والأهم إعمال نظم حوكمة حقيقية كفيلة بالإدارة والتنظيم. بالمقابل، ومع بدء تحرك الأحزاب السياسية تجاه فعالياتها وأنشطتها، وبالتزامن مع انطلاق الاستعدادات للانتخابات البرلمانية، وجب على القاعدة الحزبية ترتيب أولوياتها، مع توفيق أوضاعها سيما بنيتها التنظيمية والإدارية، ومن ثم الانطلاق ناحية القاعدة المجتمعية وإحداث الأصداء المرجوة، وهنا يظل الفكر والأيديولوجية الواضحة مع المنهجية الفاعلة أبرز ضمانات فعالية هذه الأحزاب وتأثيرها.

 

 

 

 

 

إيريني سعيد كاتبة صحفية وباحثة أكاديمية فى العلوم السياسية
التعليقات