قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا - الدلالات بالنسبة إلى إسرائيل - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 3:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا - الدلالات بالنسبة إلى إسرائيل

نشر فى : الأربعاء 2 يناير 2019 - 11:40 م | آخر تحديث : الأربعاء 2 يناير 2019 - 11:40 م

قرار الرئيس دونالد ترامب إخراج القوات الأمريكية من سوريا فاجأ القيادتين السياسية والأمنية فى الولايات المتحدة، وأيضا حلفاءها فى المنطقة. لأنه فى الأشهر الأخيرة مع تعيين موفد أمريكى خاص فى سوريا، صرحت جهات رفيعة المستوى، بينها مستشار الأمن القومى، جون بولتون، بخلاف المقاربة الأساسية لترامب، بأن القوات الأمريكية ستبقى فى سوريا حتى خروج الإيرانيين وتحقيق تسوية سياسية. استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس تثبت القطيعة الكبيرة بين مقاربة الرئيس وبين مواقف الجهات المهنية.
ليس من الواضح بعد الأسباب المباشرة التى دفعت الرئيس ترامب إلى اتخاذ قراره فى التوقيت الحالى، وهل هو مرتبط بأسباب داخلية و/أو بـ«صفقة القرن» التى يحاول الدفع بها قدما مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان. يبدو أيضا أن إجلاء القوات يهدف إلى منع وقوع احتكاك بين القوات الأمريكية والقوات التركية فى شمال شرق سوريا. فى أى حال يبدو أن القرار مكون من تفاهمات أوسع بشأن سورية تشمل أيضا روسيا.
برر الرئيس ترامب قراره بأن لا حاجة بعد الآن إلى القوات الأمريكية فى سورية، بعد أن انتهت مهمة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بنجاح، وبأن الولايات المتحدة لا تريد أن تؤدى دور «الشرطى» فى المنطقة. وتخدم الخطوة الأمريكية إيران، التى أحد أهدافها الاستراتيجية تقليص الوجود الأميركى قدر الإمكان فى الشرق الأوسط، وفى سورية بصورة خاصة. إن الوجود الأمريكى فى شرق سورية، على طول الحدود مع العراق، قلص من حرية العمل الإيرانى فى نقل القوات ووسائل القتال عن طريق البر من إيران، مرورا بالعراق إلى سوريا ولبنان. وموقف إيران ــ وأيضا روسيا ــ هو أن قواتها موجودة هناك بطلب من النظام السورى وهى تحظى بالشرعية، بينما الولايات المتحدة فرضت نفسها على سورية. قرار الرئيس ترامب يقوى فى إيران التقدير بعدم وجود سبب فى الفترة الحالية يدفعها إلى تغيير تقديرها المخاطر، ونتيجة ذلك تغيير أهدافها وطرق تحقيقها.
يجب التشديد على أنه على الرغم من خطاب الإدارة الأمريكية المتشدد ضد إيران وخطواتها لفرض عقوبات على النظام، فإن الأخيرة لم تغير حتى الآن سلوكها الإقليمى، وخصوصا رغبتها فى الاستمرار فى تمركز قواتها فى سورية ومساعدة حزب الله وتعزيز قوته العسكرية.

دلالات القرار بالنسبة لإسرائيل
خروج القوات الأمريكية سيسرع من عملية سيطرة نظام الأسد من جديد على مناطق فى شرق سورية وشمالها، والتى لا تزال تحت سيطرة الأكراد الذين كانوا يتلقون مساعدة الأمريكيين ودعمهم. وستقوى الخطوة أيضا صورة انتصار الأسد فى الحرب الأهلية بدعم من التحالف الروسى ــ الإيرانى. ويبدو أن الهدف الأول لهذه الشراكة الإسراع فى توجيه الجهود إلى السيطرة على المناطق الواقعة على الحدود العراقية ــ السورية، بما فيها منطقة التنف ومحاور الحركة من الشرق إلى الغرب، وعلى الجيب الكردى فى شمال شرق سورية، بما فى ذلك حقول النفط. وثمة احتمال كبير أن قوات سوريا الديمقراطية ستختار فى مثل هذا الوضع التعاون مع النظام، وأن توقف أيضا قتالها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك فى ضوء إحساسها بخيانة الأمريكيين، وبصورة خاصة خوفا من تنفيذ تركيا تهديداتها وتوسيعها المعركة ضد هذه القوات فى شمال شرق سورية أيضا، واستغلالها الوضع للسيطرة على مناطق إضافية على الحدود التركية ــ السورية.
يبدو أن الولايات المتحدة من خلال قرارها سحب قواتها تتخلى تقريبا بالكامل عن «الملف السورى» وتتركه فى يد روسيا وتخسر ورقة مقايضة مركزية فى جهودها للتأثير فى ملامح التسوية السياسية فى سورية إذا جرى التوصل إليها من قبل الأطراف المختلفين.
صحيح أن روسيا رغبت فى مغادرة القوات الأمريكية، لكنها طالبت بتدخل أمريكى فى عملية التسوية السياسية فى سورية لتحظى بدعم دولى ومشاركة فى إعمارها. ستحاول روسيا ترجمة تخلى ترامب عن الساحة كى تعزز قدرتها على التأثير والمناورة فى سورية إلى حد كبير، وستستخدم ذلك كى تُظهر أن سياستها تعكس تصميما، ومسئولية، واستمرارية واستقرارا، وأن مغزى الخطوة الأمريكية هو تعزيز مكانة موسكو كعنصر مركزى فى الشرق الأوسط. فى هذا السياق، من المحتمل بالنسبة إليها أن المشكلة الإيرانية الحالية سيكون لها أهمية أكبر كورقة مقايضة فى الجهود لإقناع الولايات المتحدة بالدفع قدما بحلول لمشكلات تقع خارج الشرق الأوسط.
أيضا حتى لو أنه ما تزال للولايات المتحدة استراتيجية فى المنطقة، فإن السلوك الأميركى فى سورية، يضعف قدرتها على التأثير وهامش مناورتها فى مواجهة التهديدات القائمة.
الدلالة المركزية بالنسبة إلى إسرائيل هى احتمال أن يشجع الانسحاب الأمريكى إيران على تعزيز قبضتها الإقليمية فى مناطق كانت حتى الآن تحت تأثير القوات الأمريكية. أيضا العلاقات المضطربة بين واشنطن وموسكو لم تسمح حتى قبل ذلك بالاعتماد على الإدارة كعامل وساطة فى مواجهة ضغوط روسيا، بما فى ذلك القيود التى وضعتها على حرية النشاط الجوى الإسرائيلى فى أجواء سورية. عملياُ، بقيت إسرائيل وحدها فى المعركة ضد تمركز إيران فى سورية، وأكثر ما يمكن أن تحصل عليه هو دعم سياسى من الولايات المتحدة فى إدارة النزاع.

إلداد شافيط وأودى ديكل
مباط عال
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات