معركة الصلاحيات فى قيادة المنظومة الأمنية - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الثلاثاء 1 أبريل 2025 4:19 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

معركة الصلاحيات فى قيادة المنظومة الأمنية

نشر فى : السبت 29 مارس 2025 - 6:45 م | آخر تحديث : السبت 29 مارس 2025 - 6:45 م

وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان، هكذا قرأت فى مكان ما، قرأت ولم أفهم سبب الفرحة الكبيرة، وما الجديد فى ذلك. فى العادة، يلتقى الاثنان فى جلسة عمل أسبوعية، وهذا ما يُسمى بـ«العمل الجارى».
قرأتُ أيضًا أنهما يلتقيان من أجل «تسوية الخلافات فيما بينهما». اعذرونى، إن وزير الدفاع ورئيس الأركان ليسا فى المستوى نفسه. وزير الدفاع هو «السلطة السياسية» التى تقف فوق رئيس الأركان، ويتلقى منه التقارير، على الرغم من أن رئيس الأركان لا يخضع له مباشرة، بل للحكومة بأكملها. لكن قيل، فعلًا، إن الوزير يمثّل الحكومة فى هذا الشأن.
من الواضح أن خللًا كبيرًا جدًا طرأ على هذه العلاقة. كل شىء بدأ مع تعيين كاتس وزيرا للدفاع، والذى كان يهدف، من بين أمور أخرى، إلى إقالة رئيس الأركان، بالتنسيق مع رئيس الوزراء (الذى لم يرغب قط فى تعيين هرتسى هليفى فى المنصب، لكن زمن التغيير المرتقب لم يكن قد حان)، شرع كاتس فى حملة سريعة تهدف إلى إضعاف رئيس الأركان، والمسّ بمكانته العامة، ودفعه إلى الاستقالة. كاتس لم يفهم، أو لم يرغب فى أن يفهم أنه بهذا الأسلوب يُضعف أيضًا الجيش الإسرائيلى، ويقوّض ثقة الجمهور به.
رحل رئيس الأركان، وأُنجزت المهمة، لكن كاتس تجاوز الحد خطوةً واحدة. لقد نسى، أو ربما أحب فكرة أنه يمكن إدارة رئيس الأركان بشكل علني. وقعت بين يديه «قضية أورن سولومون»، ضابط احتياط كبير قاتل فى «غلاف غزة» فى السابع من أكتوبر، ثم أدار، لاحقًا، تحقيقًا فى أداء فرقة غزة. ووفقًا للتقارير، لقد أخذ خلال خدمته فى الاحتياط مستندات سرية إلى منزله، وبسبب ذلك، قرر رئيس الأركان إنهاء خدمته. لكن سولومون ردّ فورًا، مشيرًا إلى أن سبب إقالته هو محاولة لحماية المستويات العليا فى الجيش الإسرائيلى، أى رئيس الأركان نفسه.
برزت من بين السطور مسألة أخرى خطرة، فسولومون عضو فى حركة «الأمنيون»، وهذا حقه، لكن ذلك يثير قلقًا شديدًا من أن عضويته فى هذه الحركة كانت أحد الدوافع إلى توجيه الانتقادات إلى رئيس الأركان. إن دعمَ وزير الدفاع لهذا التصرف يعنى مزيدًا من التسييس للجيش الإسرائيلى.
رئيس الأركان ردّ بسرعة، وفى الوقت المناسب، وقرر أن الإقالة كانت فى محلها، وأنه تصرّف بالتشاور مع الجهات القانونية فى الجيش الإسرائيلى، وأنه لا ينوى قبول تعليمات علنية من وزير الدفاع. كان هذا «إعلان الاستقلال» من رئيس الأركان إيال زامير، الذى أدرك أنه إن لم يكن الآن، فمتى؟ والحقيقة أنه لم تكن لديه مشكلة حقيقية فى الرد على كاتس، فمكانة كاتس كوزير دفاع مهزوزة، بينما زامير يتمتع بثقة رئيس الوزراء، وهو يعلم بأن نتنياهو لن يسمح بالمساس به، وأنه لا يمكن تبديل رئيس الأركان كلّ يومين. ومن هنا، بدأت مسيرة المصالحة، إذ ردِّ كاتس على رئيس الأركان، لكنه اضطر، وسيتعين عليه «ابتلاع الضفدع».
على هامش هذه القضية، كلمة أُخرى عن «قضية سولومون». هذه الوصفة أعدّتها الحكومة ومكتبها، فمنذ اللحظة التى قدمت فيها دعمًا علنيًا للجندى من الوحدة 8200 فى قضية فيلدشتاين، فإنها منحت الشرعية للعسكريين ليقرروا بأنفسهم متى يجب أن تصل المعلومات التى بحوزتهم إلى القيادة العليا فى الجيش، أو حتى إلى خارجها. استنتج سولومون أنه يمكنه التوجه إلى وزير الدفاع، أو رئيس الوزراء، وطبعًا ليس من قبيل الصدفة أن يحمل مواد تدين هرتسى هليفى، وحينها، كان من الواضح أن هذا التصرف يتعارض تمامًا مع أوامر الجيش وسلسلة القيادة.
ما هذا؟ هل سيتوجه الجميع، الآن، إلى رئيس الوزراء عندما لا يعجبهم أسلوب التعامل مع المعلومات الاستخباراتية التى بحوزتهم؟ من الواضح أن الجواب لا، لكن الجنّى خرج من القمقم، فجرّب الآن إعادته إليه.
هناك تحدٍّ آخر أمام رئيس الأركان وزملائه فى مجتمع الاستخبارات، فى «الموساد» و«الشاباك»، لإعادة هرمية الاستخبارات إلى مكانها الصحيح. هناك كثير جدًا مما يجب فعله الآن، لكن انظروا بماذا تنشغل الحكومة، وستفهمون كم المسئولية الذى يقع حاليًا على عاتق المستويات المهنية التى وصفها رئيس الوزراء الأسبوع الماضى بـ«الدولة العميقة»، إنها ليست «الدولة العميقة»، بل الدولة بحد ذاتها.

نحمان شاى
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات